مستقبل القدس وتقسيمها حسب خطة ترامب بقلم:د. نزيه خطاطبه
تاريخ النشر : 2019-03-17
مستقبل القدس وتقسيمها حسب خطة ترامب بقلم:د. نزيه خطاطبه


مستقبل القدس وتقسيمها حسب خطة ترامب
د. نزيه خطاطبه

اعلامي في كندا

في الوقت الذي تتصاعد فيه هجمات واقتحامات المستوطنين والجمعيات الدينية اليهودية على المسجد الاقصى بهدف تقسيمه واقامة ما يسمى بالمعبد على ساحاته فقد اعلنت وزارة الدفاع الأمريكيّة مؤخرا بان هضبة الجولان السورية والضفة الغربية المحتلة و قطاع غزة لم تعد اراض محتلة وفق القانون الامريكي ما يمهد لاعلان من قبل ترامب متوقع ان يقوم به عشية او خلال زيارة نتانياهو القريبة الى واشنطن يقر فيه باعتراف الولايات المُتحدّة بالسيادة الإسرائيليّة على الجولان المُحتَّل، وتقرير نهائي لمصير الاراضي الفلسطينية المحتلة ومدينة القدس التي اعلنها ترامب العام الماضي عاصمةً لإسرائيل، ونقل سفارة واشنطن إليها في اطار صفقة القرن المتوقع ان تعلنها الادارة الامريكية اليمينية والموالية لاسرائيل مباشرة بعد انتهاء الانتخابات الاسرائيلية والتي ستجري في التاسع من نيسان (أبريل) القادم.

وحسب خطة ترامب التي عرضت اجزاء وافكار منها على اسرائيل والفلسطينيين وعلى السعودية، والاردن ومصر، وتناولتها وسائل الاعلام فان القدس عمليا تقسم وتغير حدودها. فهي تخرج العديد من الاحياء العربية المكتظة شمال وجنوب المدينة مثل كفر عقب ومخيم شعفاط للاجئين وجبل المكبر وعرب السواحرة، ام ليسون وام طوبا، ويحتمل حتى صور باهر وتنقل خلف جدران القدس تحت السيطرة الفلسطينية، التي حسب الخطة ستقع على نحو 85 في المئة من اراضي الضفة الغربية, والتي ستبقى حكومة الاحتلال تتمتع فيها بصلاحيات امنية واسعة.

وحسب مخطط ترامب، فان اجزاء واسعة من المنطقة الاضيق، التي تقع في داخلها البلدة القديمة و”الحوض المقدس” وجزء من سلوان، و جبل الزيتون، وادي الجوز – الشيخ جراح، جبل المشارف واحياء اخرى ستبقى تحت السيادة اسرائيلية وستضاف اليها العديد من الاحياء اليهودية والكتل الاستيطانية التي اقيمت على اراضي الفلسطينيين في جوار المدينة بعد عام 1967، ويقطن بها اكثر من 220 الف مستوطن، ستبقى بيد اسرائيل وتحت سيادتها.

سيادة وظيفية

مخطط ترامب اكثر سخاء تجاه اسرائيل من مخطط الرئيس الاسبق بيل كلينتون وكذا من اقتراحات مختلفة بحثت في مسيرة انابوليس. فقد سعى كلينتون لاحلال السيادة الفلسطينية على كل الاحياء العربية في شرقي القدس بما في ذلك على معظم البلدة القديمة وحول البلدة القديمة (باستثناء الحي اليهودي ومناطق قليلة اخرى). في مسيرة انابوليس (التي شاركت فيها حكومة اولمرت في عامي 2007 – 2008) جاء الحديث عن اقامة نظام وصاية تشارك فيه خمس دول في البلدة القديمة وفي الحوض المقدس.

اما مخطط ترامب، فانه يمنح حكومة الاحتلال السيادة الكاملة على البلدة القديمة ومنطقة الحوض المقدس، مع اشراك الفلسطينيين في ادارة هذا المجال وفقا لمصطلح “سيادة وظيفية”، اي “منح صلاحيات في مجالات مختلفة، دون “سيادة عليا” ستبقى في يد حكومة الاحتلال.

في هذه المنطقة من البلدة القديمة يقع المسجد الاقصى وكنيسة القيامة ومئات المساجد، والكنائس وحائط المبكى . وفيها يعيش باكتظاظ عال نحو 38 الف نسمة، نحو 90 في المئة منهم فلسطينوين مسلمون ومسيحيون وارمن، ونحو 10 في المئة يهود استولوا بطرق مختلفة على مساكن الفلسطينيين وبتشجيع من قبل الحكومة وجمعيات استيطانية تحصل على تبرعات من الولايات المتحدة.

وبخلاف قرار الامم المتحدة وراي الغالبية العظمى من دول العالم التي ترى بان القدس يجب ان تبقى مفتوحة للجميع والعبور بين اجزائها يبقى حرا ومفتوحا سواء للاسرائيليين أم للفلسطينيين فان حكومة الاحتلال الاسرائيلي ومعها غالبية من الادارة الامريكية ترى بضرورة الفصل بين احياء القدس الاسرائيلية والقدس الفلسطينية، بعد ترسيم الحدود الجديدة, تمنع العبور الحر وتوضع فيها عشرات المعابر ونقاط الرقابة. وتطالب بتوسيع مساحة القدس الاسرائيلة لتضم الكتل الاسرائيلية الكبرى شرق وجنوب المدينة وخاصة مستوطنة معاليه ادوميم و منطقة غوش عصيون وبيتار وجفعات زئيف وادام.

وفيما يخص حائط المبكى في خطة ترامب يبقى حصريا بيد إسرائيل بما في ذلك الانفاق التي حفرت للوصول له تحت المسجد الاقصى, مقابل “معبر آمن” مكانته القانونية ليست واضحة للربط بين القدس الفلسطينية وبين الحرم.

يبقى ان نشير الى ان مصير صفقة القرن والقسم الخاص منها بالقدس يقرره اولا الموقف الفلسطيني الرسمي الذي اعرب عن رفضه بشكل مطلق حتى الان وثانيا الموقف الشعبي وخاصة ابناء القدس الذين يتصدون لقطعان المستوطنين وقوات الاحتلال التي تقتحم المسجد وساحاته واعادوا فتح مصلى الرحمة المغلق بامر عسكري منذ سنوات . اما الموقف العربي الرسمي فانه يتسم بالغموض وعدم الوضوح العلني .