آمال الشاذلى فى منتصف أغسطس بقلم:السيد الهبيان
تاريخ النشر : 2019-03-14
آمــــال الشـــاذلى
فـــى
منتصف أغسطس
السيد الهبيان
بعــــد عدة إصدارات أدبية..قدمتها الكاتبة السكندرية "آمال الشاذلى"ا..بدأتها بمجموعتيها"ضجيــج الصمت"و"لحظة اغتيالى"و"لسبب ما"و"شظايـــــــــــــا"
وفتنـــــــــة المطر"نصوص..و رواية" إيقــــاع الموج والزبد"و "طرقات علـــــى أبواب السكون" متتالية",قدمت روايتها "في منتصف أغسطس"..لتضيف إلـــــى إصداراتـهــــــــا السابقة تجربة روائية..بدأتها بسؤال "هل تبديل الأماكــــــــن أو هجرها يعين على ترويض الألم؟"وختمته بتسليم نفسها لبطلات وأبطال الرواية" فما أنا سوى قلم مسخر في ساحتهم ..فإن استكتبونى استجبت وإن استمهلونى تريثت"..ثم توغلت في واقعهم..وقدمتهم من خلال عباءة الخيال اللامحدودة..التى نسجت منها روايتها..عارضة لحياة أسرة تعيش فيه..قوامها أب و أم وابنة وابن..يعيشون فى قاع حارة مظلمة فى حى كوم الشقافة العتيق خلــــــــــف ماقابر العمود..التى تغلب فيها مشاهد الموت على مشاهد الحياة..ثم انتقلوا لحـى الإبراهمية..تاركين الحى الذى نشأو فيه بنسائه التى لا تألف المساحيق ..وهمهــــــم الأول تدبير طعام يومهن..وملابسهن تتطابق في في قتامتها ورقة حالها..ليعيشوا وسط مجتمع آخر.. تبدو نساؤه على شاشــات التليفزيون واغلفة المجلات..ويتابعن أحدث الموضات فى الأزياء..ويهتممن بزينتهن..ومن خلال هذه الأسرة الصغيرة..تبدو شخصيات أخرى في الرواية..تختلف في تطلعاتها ونهجها الحياتى .. يتتالى ظهورها وفقا لما يجمعها بها..من أحداث ارتبطت بها.. ونسجتها الكاتبة في قالب روائى كشفت من خلاله العوار الحياتى..فى ظل مناخ عام يساعد على انتشاره ..بدرجات متساوية للعائد منه ..نتيجة ممارساته الفعلية ..سعيا إلى تغيير الحال المعاش..لحال تتحقق فيه تطلعاته ..وهو ما بدا بوضوح في الشخصيات التى انتقتها الكاتبة لتعرض من خلالها مضمونها.
"سيف العازف" الأب..كبير الأنف.. بارز الفك العلوى.. بنوق إلى الكلام..عازف عن كل شىء إلا أكل السمك..تزوج "يسرية".. وانجب منها بنتا ساهمة وولد اصم وابكم ..حياته مقسمة بين عمله.. وصيد السمك اليومى الذى يعود بعده إلى غرفته متجاهلا النظر لزوجته التى تروضها ابتسامة صغيرة.. أو تحية دافئة..ويغلق بابها عليه ويشاهد التليفزيون وحده.. تطوع فى سلاح البحرية بشهادة الاعدادية ومنح رتبة رقيب بحرى..أتاحت له دخول أماكن كانت ممنوعة عليه .. يهدى نصف الأسماك التى يصطادها الى قادته ليغضوا البصر عنه.. ويقوم بقضاء مصالح الرتب الكبرى التى تشركه معها فى تجارة السلاح ويساعد زوجاتهم وابنائهم فى حالة الوفاة وصرف المعاشات والتعويضات المستحقة لهم.. واستغل ثقة الضباط المحالين للتقاعد فى بيع السيارات لصالحه.. وصرف شيكات من البنوك باسمه..واستطاع أن يجمع حصيلة من الأموال دون علم زوجته .. وسكن فى شقة ضابط ارمل بالمعاش .. واستطاع ان يحصل على توقيعه لبيعها له وطعن شقيقه على صحة التوقيع لكن ظلت القضية متداولة لسنوات دون ان تحسم.. وانتهت حياته بعد عودته من رحلة صيد.. واختلى بنفسه فى حجرته كعادته..وحاول ابنه الذى كان كثير الاعتداء عليه.. أن يقتحم الحجرة ليشاركه فى مشاهدة التلفزيون..فنشب شجار بينهما .. فثار عليه ورفع التليفزيون ..الذى اختص به ..وحرم على غيره مشاهدته.. وقذفه به فقتله.
"يسرية" الأم.. قصيرة القامة هزيلة الساقين .. ضخمة البطن والردفين .. كنزة الكتفين .. ضخمة الرأس..صوتها رقيع. .لم تتبادل مع زوجها الحوار اوالضحكات ..وكل ماتنفقه فى ادوات التجميل والزينة يجىء بنتيجة عكسية .. وتفر منها الرجال الذين عرفتهم بعد موت زوجها ..ذكية.. توقف تعليمها على حصولها على الشهادة الابتدائية .. تكتب وتقرا بصعوبة.. وتتمتع بنعمة الانصات والتروى وسرعة البديهة..تندب حظها فى زوج يحب اكل السمك ..وابتلائها بفتاة ساهمة وابن اصم وابكم..عندما انتقلوا إلى حى الابراهيمة..أخذت تتسمر امام المراة تتامل جسدها..الذى اختفت منحنياته تحت كتل الشجوم وتقارنه بجسد جارتها " دعاء درويش" ..المتزوجة حديثا .. والأشبه بغزال بقرى.. وتتمنى ان تكون مثلها..فاهتمت بزينتها..وأرغمت زوجها على إعطائها ماتحتاجه من مال..تحت تهديدها له بكشف سره..فيتعرض للسجن..وبعد وفاته اكتشفت آلاف الجنيهات مخبأة بين طيات ملابسه.. فتيقنت من مصدرها .. وبعد إجراءات تسلم الجثة ودفنها..وأمام القبر..وعدها"فرج النحاس" شريك زوجها الذى جا معزيا..ثم زارها لنسوية حساب المرحوم..فألهبت كلماته فضولها..خشية أن يسلبها أموالا يدعى استحقاقها.. فأفضت لجارتها بأمره ..التى أفضت لزوجها ليدلى بدلوه كمحامى..فنصحها بعدم منجه شيئا..لكنها عندما حضر لاحظت اناقته فقارنت بينه وبين زوجها..ووجدته يتوجه مباشرة الى حجرته بجراة..وطلب منها الا تتبعه..وحال بينها وبين مايفعله..ثم لملم قطع السلاح التى كان يعرف موضعها..بناء على اتفاق مسبق بين الشركاء.. فتظاهرت بالموافقة عاقدة النية على مراقبته لكنه حال بينها وبين ذلك .. ثم سالها عن الأموال..فأجابته بأنها أموال زوجها ومن حقها.. فاخبرها بانها فلوس بضاعة كان مكلفا يشرائها.. فاستعطفته ليترك لها جزءا .. فبرقت فى ذهنه فكرة ان تحل محل زوجها.. لانها افضل فى التمويه .. لندرة متاجرة النساء فى السلاح .. فترك لها نصف المبلغ ..مما أكد شكوكها..بأن هذه الأموال..حصيلة دماء متفرقة فى البلاد..وأن زوجها يعمل تحت قيادة رتبة كبيرة..وراقها نظراته" المتبجحة ..فتمادت فى إغرائه..حتى تزوجها..لكنه استولى على أموالها هى وابنتها.. وتآمر معها على استغلال ابتها فى تجارة الأعضاء.. ثم تخلص منها بقتلها واصابة ابنتها وسط الصحراء..وعندما ارتابت جارتها فى احتجابها عنها..بدا لها ان فى الأمر جريمة..لكونها تعرف أنها ذهبت مع زوجها لاستقبال ابنتها فى المطار..وأوعزت لزوجها بالابلاغ عن اختفائها..وانتهت التحريات إلى مشاهدتها هى وابنتها آخر مرة..بصحبة زوجها.
"فريدة": تشبه ابيها الذى يميل الى القبح ..ولا يعتنى بجسده.. ولولا ماتفرضه عليه طبيعة عمله ماحف لحيته.. ولا اعتنى بشعره..ساهمة لا تتحرك فى صدرها العواطف والأمنيات..تجنح للعزلة,, مفرطة فى سذاجتها ..ملامحها خالية من المشاعر.. فلا يستطيع احد أن يعرف هل هى سعيدة ام حزينة .. تترقب تسليم النهار رايته منكسا كغريق يتلقف طوق نجاة.. فترتقى قى سريرها متقززة من رائحته ..تنهض من نومها مضطرة إثر تيار من اللهب يسرى بين فخذيها.. لازمها على مدار سنوات عمرها .. اعتادته مع التكرار.. ولم تعد تجزع او تأبه به.. متقدمة فى دراستها ..تشغلها الدرجة والنص درجة وخيبت ظنون زميلاتها ..ممن يسخرن من مظهرها وعدم الاعتناء بنفسها.. ولم يتوقفن عن سخريتهن منها ..عندما بدت بطلتها الجديدة بعد انتقالها الى حى الابراهمية.. وتحصل على المركز الاول فى امتحانات اخر العام..رغم سخرية الطالبات من كل شىء فيها ولولا تمسكها بالتجاهل ..لامتنعت عن الدراسة وتحطمت إرادتها..غيبها اخطبوط الدروس الخصوصية فى كل المواد.. إلى أن اجتازت الثانوية العامة وتصدرت صورها المجلات والجرائد واستضافتها البرامج التليفزيونية.. لكنها كانت ترتبك وتتلعثم عند توجيه الاسئلة لها.. ثم سكتت قبل أن تجيب بأن قدوتها.. شخصية عامة.. متجاوزة والدتها ومعلمتها ..التحقت بكلية الطب التى صارت فيها موضع تندربسبب ملابسها التى ابدتها كنغمة نشاز وسط قريناتها.. تستيقظ فزعة من نومها.. عندما تسرى الحرارة بين فخذيها .. فتهرع إلى الحمام وتتجرد من ملابسها.. ثم تقف مرتجفة تحت الدش قبل ان تتوجه الى كليتها..التى حصلت على المركز الأول فيها دائما..وعاشت قصة حب جمعت بينها وبين"هشام العشماوى"الذى استولى على مالها ..بزعم بناء مستوصف خيرى ..وعندما ضاقت بمماطلته لها.. اتهمها بالتخوين.. وعرض عليها صورا لمبنى تحت الانشاء..يشرف عليه خاله.. فاعتذرت له وباعت حليها مقابل المزيد من الصور.. وكلمات الغزل التى تتوق اليها.. لكنه اختفى بعد انتهائهما من الدراسة.. و سافر الى ليبيا .. فمنيت بلدغة غدر منه.. كالتى منيت بها من امها.. التى سطت على راتبها عن عملها بمستشفى التحقت به.. بإيعاز من زوجها .. كما استغلها زملائها .. والصقوا التهم بها ..وتم توقيع الجزاءات عليها بسببها.. واثناء اعدادها لرسالة الماجستير.. حصل لها زوج امها على عمل بمستشفى فى البحرين.. لم تعترض على سفرها.. وتراكمت مدخراتها من عملها..ولم يغب عنها ان امها وزوجها وضعا الخطط لسلبها كل ماتتحصل عليه..لكن طيف شقيقها تماثل لها..واستعادت فى مخيلتها مشهد القبض عليه..فاستيقظت فى قلبها محبته ..ولفظت "هشام" من ذاكرتها..لكنها نجت من محاولة زوج أمها قتلها.. وتم العثور عليها وسط الصحراء..و انتقلت إلى مستشفى كلية الطب بالأسكندرية .. بناء على طلب تقدم به كبار الاطباء الذين تلقت العلم على اياديهم لتتلقى العلاج تحت اشرافهم .
"طارق": أصم وأبكم .. يتجرع مرارة وحدته..لإهمال والده له..وتجاهل أمه الذى لايرد على خاطرها ..وتعتبره شبحا او نبت شيطانى فاسقطته من حسابها.. وتركته فريسة للصمت والضجر..لايبوح بما يعانيه.. تواصل مع معاقة مثله ..فى العمارة المقابلة ..وتبادل معها الاشارات ..ونزلت عليه نظراتها الحالمة بردا وسلاما.. وعندما افتقد طلتها بعد أن غابت عن نافذتها.. وطال انتظاره لها دون ان يراها.. أسرع إلى مسكنها ..لكنه لم يستطع تمييز شقتها.. فعاد كسير الفؤاد سجين الألم.. وحاول أن يشارك والده فى مشاهدته للتليفزيون..داخل حجرة منع على غيره دخولها..اعتدى عليه كما تعود..فقذفه بالتليفزيون على راسه قذقة اودت بحياته..فأودعوه مستشفى المعمورة للكشف على قواه العقلية..وتحديد مسئوليته عن جريمته ..وبعد أن وافقت أمه على بيع كليته..قام زوجها بفك اسره.. بالتفاهم مع عسكرى الحراسة والممرض المسئول والتمرجى .. اللذان اقترحا ان يحل مريض اخر مكانه أثناء غيابه..حتى لايكتشف الطبيب المناوب عدم وجوده..ثم أعادوه بعد استئصال كليته..لكنه قتل ممرضا اعتدى جنسيا على أحد المرضى.. وتفشى الخبر.. وحملت الجرائد عناوين عن تفشى اللواط ..وتجارة الاعضاء فى مستشفى المعمورة ..ثم صدر تقرير المستشفى بأنه يدعى الجنون ..ومسئول عن جريمتى القتل .. فتم نقله الى السجن..وفيه وجد العطف من المساجين والحراس وهيئة المحكمة.. ورعاه مالك شركة مقاولات .. تكفيرا عن قتله شاب وهو مخمور..وعوقب بالسجن.. ققام بتوكيل اشهر المحامين بالاسكندرية للدفاع عنه..وكشفت التحريات فساد الممرض المقتول ..يتاجارته فى أعراض المرضى.. ويدير شبكة دعارة داخل المستشفى .. بمعاونة عدد من الممرضين والممرضات .. وعندما تظهرت أعراض الحمل على بعض النزيلات.. يتم تهريبهن لمستشفيات خارج محافظة الأسكندرية.. كما تم الكشف عن تجارة الاعضاء وتورط أطباء كبار فى المستشفيات الاستثمارية ..المزود بعضها بمهبط للطائرات..يفد إليها المرضى من الدول المجاورة لرزرع الأعضاء التى يحتاجونها.. وان الصدفة بعثت به ليكون شاهدا وكاشفا عن جرائم بشعة .. فتبرع للدفاع عنه محامون من أقطاب الأرض..بحسبان أنه ارتكب جريمته دفاعا عن النفس..فتم الحكم عليه بالبراءة .
"مديحه درويش" : من اسرة متواضعة ورثت عاتلتها مهنة البستنة نتيجة عملها بقصر المنتزه.. فى عشرينات القرن الماضى.. يسبب لها جمالها وجعا .. ارادت ان تنتمى لأسرة عريقة ميسورة الحال فالحت على الالتحاق بالمدرسة.. وثابرت على الصعاب حتى تمكنت من تغيير مسار حياتها .. واصبحت نجمة يتباهى بها عائلة درويش البستانى.. التقت بزوجها "بهاء أبو سيف" فى حفل زفاف ابنة عمه.. ففتنت بملامحه..واستقصت عنه فعرفت انه يعمل بالمحاماة..وتسعى أسرته لزواجه لتكذيب الشائعات حول عجزه الجنسى .. بدت لها هذه الحقيقة عندما جمعهما فراش واحد..بعد زواجها به.. وباءت كل محاولاتها معه بالفشل.. وعندما باحت لأمه وشقيقته بما تعانيه.. أجزلا لها العطاء مقابل التغاضى عن عجزه..التى أعمتها وقبلت بشروط الصفقة الغير معلنة التى أعمتها عن بروده وخرسه ..رغم انها عرفت ان له صديقا يلازمه ولم يفارقه بعد زواجه.. ويشاركه السهرات هربا من فراش الزوجية .. بعد ان تزوجا بضغط من أسرتيهما لانتشالهما من اللإدمان الذى اودى بحياة صديق لهما..وفرا من سيارته هاربين .. ثم قبض عليهما وبراهما القضاء لكن المجتمع ادانهما.
"بهاء ابو سيف" ..زوج "مديحه درويش"مفتون باناقته ووسامته .. ملامحه تركية شامية يزهو بأصول عائلته التركية.. هرب جده من صقيع بلاده الى مصر باحثا عن الاستشفاء من مرض نصحه الاطباء بالتوجه الى واحة سيوه التى يتقن اهلها مداواة الامراض الروماتزمية بعد ان وكل زوجته فى ادارة تجارته فى العطارة ورعاية أبنائه وفى سيوة تعرف على امراة شامية شدت الرحال لهذا الغرض.. احبها وتزوجها.. وعاشا فى الواحة حتى اوشكت اموالهما على النفاذ..فانتقلا الى الاسكندرية وعمل لدى احد كبار العطارين ..واعتمد على خبرته السابقة حتى ذاع صيته رجب العطار لتجارة الجملة والقطاعى .. افتقد بهاء قوة الشخصية التى تؤهله لرئاسة المحكمة.. فدفع به ابوه لدراسة القانون.. املا فى الحاقه بالسلك الدبلوماسى.. لكنه تعثر بها وحصل على اللياسانس بعد تسع سنوات ولم يمهل القدر والده ليشهد تخرجه
"فرج النحاس" ..يعشق المال لذاته ويعمل أى شىء من أجل إكثاره تضاعف مكسبه من تجارة السلاح التى يمارسها مع مجموعة من الشركاء.. قام بتزكية يسرية للعمل معهم بعد ان تزوجها بشرط التزامها بالسرية والامانة وتجنب الجيران والاصدقاء ثم خطط للاستيلاء على ميراثها.. بحجة استقلاله عن الرتبة الكبيرة التى يعمل معها.. رغم ان الخروج عن طوعها هو الهلاك ..وعندما تم القبض على مجموعة من كبار الاطباء لتورطهم فى تجارة اعضاء اطفال الشوارع..عرض على زوجته استغلال ابنها طارق باعتباره ثروة "الكلى بعشرين الف جنيه" فلم تمانع.. وبمساعدة العاملين فى المستشفى.. اخرجه منها ليتم نقل كليته الى جسد اخر.. ثم زعم لها ان الشرطة صادرت شحنة كبيرة.. فضاع منه كل مايملك وماتحصل عليه منها..وأهبرها بان الحل فى الخروج من عسرته هو الحصول على نصيب ابنتها .. وخطط معها للاستيلاء على عائد عملها بالبحرين ..ثم تخلص منهما فى الصحراء.. و استولى على كل ما عادت به.
"هشام العشماوى" شاب قروى عريض البنيان متوسط القامة طليق اللحية عريض الجبهة تخرج من كلية الطب جامعة طنطا ..تزوج من ابنة خاله رغم قبحها.. توفى والده فى سن مبكرة فاضطرت أمه للعمل فى زراعة الأراضى.. له ثلاث شقيقات لم يتزوجن .. "رحمة" حاصلة على بكالريوس هندسة..وتعمل مدرس مساعد فى جامعة طنطا رفصت من تقدموا للزواج متها.. لأنهم أقل من مستواها..وحتى لا تمارس عملها كربة بيت..ثم ياتى آخر الليل ليمارس ذكورته عليها..و"وسيلة" تعانى من الشلل بسبب الحمى التى أصابتها..تجنح للعزلة.. وتتفوق فى دراستها.. لكن خانتها درجاتها فى الثانوية فلم تلتحق بكلية الفنون الجميلة .. لتصقل موهبتها فى الرسم .. بعد تجاوزها الخامسة والثلاثين تقد م كفيف درس الفلسفة للزواج منها.. ومزارع لايحمل شهادة ويجهل القراءة والكمتابة .. وابن عمها الأرمل.. "وصفاء" جسدها الفائر يبديها كامراة متزوجة..وليست فتاة بكر اشيع فى القرية انها ملبوسة .. رغم تفوقها فى الدراسة وحصولها على ماجستير فى الشريعة ..سعى للتعرف على "فريدة" واستولى منها على كل ماتملك بزعم انه يشارك خاله فى مشروع بناء مستوصف .. وبعد نجاحه فى الكلية اختفى عن "فريدة" وسافر إلى ليبيا.. وبعد وصوله استلم العمل فى مستشفى.. وبدت له الدنيا خالية مما يكدرها .. لكنه فوجىء بسوء الحال فى مسكنه.. واستعان بجيرانه المنتمين لدول اخرى.. لمساعدته فى تحسين محتويات سكنه واكتشف ان الاجهزة الطبية بالمستشفى الذى يعمل بها طالها الهلاك وفى حاجة الى قطع غيار اكتشف ان لها مافيا تتولى جلبها عبر الطرق البرية .. كما اكتشف قوانين الإقامة.. والتصرف فى رواتب العاملين من خارجها.. بالنسبة لتحويلاتهم النقدية..تزوج من ممرضوة بلغارية..قدمت له كل العون ليستقر فى حياته..لكن تم اتهامها مع أخريات.. بحقن الاطفال بدماء ملوثة بالإيدز..وولدت ابنته منها فى مستشفى السجن ..قبل أن يتم الحكم عليها بالإعدام..فاضطر بعد أن تسلمها الى العودة..بسبب ماعاناه فى تربيتها .. لفت انتباهه اعلان مستشفى..يطلب أطباء للعمل بها..ورغم فقده الأمل فى التوظيف..تم قبوله..بعد فشل سبعة قبله..لكنه اكتشف أن المستشفى تقوم بعمليات الإجهاض السرية..ويتاجر فى بيع الأعضاء..والمواليد الغير شرعيين.. أوصاه مديرها قبل سفره للحج ككل عام..بمريضة الصحراء..التى عثر عليها أثناء مرور سيارة بها المطران منقاريوس والانبا بشوى .. وهما فى طريقهما الى الدير العتيق الذى تم تشييده فى عمق الصحراء منذ قرون .. للنجاة من بطش الانظمة السيادية وبالقرب من الدير اشتموا رائحة نتنة ظنوها لجيفة حيوان .. لكن المطران بيشوى تعثرت عينيه بجثة ملطخة بالدماء وطارت الاخبار والصور ..قبل نقلها إلى المستشفى.. فاكتشف انها "فريدة" وتم تغيير اسمها إلى "سلمى"..بيعت كليتيها لسيدة ثرية من دولة مجاورة ..ثم بدا أنها تحمل جنينا ينمو فى احشائها ..فتم الاتفاق على بيعه ايضا..على أن يتم ابلاغ الرجل الذى ادعى انه زوجها بوفاته وتسليمه طفلا اخر.. الا ان الوسيط رفض استلامه بعد اجراء عملية قبصرية لها ليلا فى عدم وجوده..ورفض الوسيط استلام الطفل.. لأن ساقيه شديدة القصر.. وضخم الراس.. وفاقد البصر.. فسلموه للاب المزعوم ..وصار يشغله الامل فى شفائها وفرصة الجنين الذى تحمله فى الحياة.. بعد ان أصيبت بنزيف ولم يستطيع احد بالتنبا بموعد افاقتها.. كما شغله تسميتها "سلمى"بدلا من "فريدة".
"دعاء درويش": طالبة بكلية الصيدلة ..تعيش مع أمها فى حى الحرمين الذى يقع أمام قصر المنتزه..توفر أمها بالكاد نفقاتها ..وعجزت عن إعطائها اشتراك رحلة ..نظمتها الجامعة فى شتاء 1981ا فلجات الى صديقة لها لمساعدتها.. واثناء الرحلة قامت صداقة بينها وبين ماهر "مصيلحى" الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الطب البشرى..عمل بمثابة مرشد لأعضاء الرحلة..وعرض لهم معلوماته عن الواحة وتاريخها..و"فرح نور"فاتنة الجامعة اختيرت ملكة جمال لجامعة الاسكندرية وتصدر صورها اغلفة المجلات ..عملت كفتاة اعلانات .. وترددت اخبارها الفنية قبل أن يتم اتهامها بقتل شاب خليجى..شوهدت معه كثيرا لكن ظهرت براتها بمحض الصدفة بعد سجنها خمس سنين.. عندما ارشد احد اللصوص عن ساعته النادرة بانها من حصيلة سرقاته ..عرفت كل اسرارهما ..ثم أرادت ان تكون فى حياه "ماهر"تحت اى مسمى..بعد أن هجرته حبيبته.. فاعترفت له بحبها.. ورغم رفض قلبه لها الا انه لم يرفض ماتقدمه له من ولائم الحب التى لم يرفضها.. ومضت فى علاقتها معه حتى حملت منه ..وعندما سعى لاجهاضها فى مكان آمن..اشتعلت فى رأسه فكرة إقامة مستشفى..ظاهرها نساء وولادة..وباطنها كل شىء.. فأدركت انه لن يتزوجها..فانفصلت عنه ثم تتبعت أخباره..وحملت للمرة الثانية من زوج قل اقترابه متها ..ويميل لصديق له..جعله يغار منها.. فكرهت علاقتها به.. ثم بحثت عن "ماهر" " وقصدت مستشفاه..لتتخلص من حملها..زافتتحت صيدلية خاصة بها.. ثم صارت تورد له مستلزمات مستشفاه .. وتدله على الراغبات فى التحلص من اجنتهن وعملت وسيطا له فى بيع الاعضاء البشرية والرضع.
وانتهت الرواية بتحريات جاء بها ذكر المستشفى الكبير لصاحبها د."على المصيلحى".. وإدانة"دعاء درويش"..وغلق صيدليتها .. وهجوم الشرطة على المستشفى..و القبض على مديرها .. دون ان تهاجم المستشفيات الاخرى المزودة بمهابط للطائرات.. إلى حين إقالة الوزارة.. وضع اسم الدكتور "ماهر مصيلحى" .. على قائمة ترقب الوصول بينما كان يعتلى قمة الجبل ليرمى ابليس بالجمرات .
هذا الإيجاز المضغوط يبدى ببساطة جل شخصيات الرواية ..بتتبعها فى مقاطع متناثرة منها ..وأزمان متعددة..لايلقى من الضوء إلا القليل على حياتها.. المليئة بالأحداث..التى جمعت بينها.. من خلال مضامينها المتعددة ..وعدم اقتصارها على مضمون واحد..تعرض له..ويحمل رؤية الكاتبه ..لأن الرواية فى الأساس..قوامها ــ كعمل أدبى ـــ الحدث الذى تتنامى على تفعيله..سلبا أم إيجابا..ومدى وقعه على الشخصيات..التى ارتبطت به..لكن ما ارتأته الكاتبة..حاد عن طبيعة العمل الروائى..بتناولها لمجموعة من المضامين تختلف عن بعضها..تجارة الأسلجة.الإدمان..عملية النصب..الاعتداء الجنسى على المرأة..اللواط..المتاجرة فى بيع الاعضاء البشرية والبشر..سطوة المال..ممارسة الأعمال الغير مشروعة..العجز الجنسى..الاهمال ومعاناة المرضى فى المستشفيات..وخيانة الأمانة..ورغم هذه الكثرة التى ليست على سبيل الحصر..فقد تماهت الكاتبة فى تفصيلات ..بدت أحيانا فى غير موضعها..كما غاب عنها ما كتبته عن بعض شخصياتها..فذكرته تعريفا لشخصية أخرى..مثلما بدا فى توارث عائلة "عايده درويش".. التى تقيم فى حى الأبراهمية..والثانية التى تقيم بحى الحرمين..كما تغيرت أسماء الأشخاص فى مقاطع خاصة بهم ,,فتبعثرت المشاهد.وتمزق البساط الزمنى..الأمر الذى يجعل من الصعب استيعاب المحتوى ككل..بفعل تداخل الأحداث.. وقطع مساراتها ..لمسار آخر.. بتفعيل لضمير الراوى..الذى عرضت الكاتبة من خلاله.. لحياة شخصيات انتقتها من المجتمع..المتعدد الطبقات..وتتوق المرأة فيه لمن يطفىء شهوتها..أو لسماع كلمات الغزل ..وزاخر بقضايا مختلفة وحساسة..وفقا للمنظور البيئى الذى يبدو حاضنا لها..وتستشرى فى تركيبته..لكنها بالجمع بين هذه القضايا..والخلط بينها..اقتصرتها فى عناوين تشير إليها..ولم تعرض لها العرض الذى يتناسب معها ..مثلما بدا فى اختيار مكان بناء الدير.."فى عمق الضحراء..بعيدا عن بطش الأنظمة الحاكمة..والقوانين التى تفرضها قسرا على المجتمع"..وتتساءل: وتتساءل على لسان إحدى شخصياتها" لماذا لايعفى القانون قتلة المخربين فى الارض اذا ثبت انهم على حق"..و" سؤالا اخر على نفسه بشان الحالة النفسية التى تمت فيها الجريمتين اللتين ارتكبهما "طارق"..وفى موضع من الرواية ذكر التاريخ لمعظم الذين روعوا البشرية بجرائهم .. كانت علاقتهم بالمراة غير سوية ايا كانت صلتها به ..ثم قدمت هذا المحتوى باختلافاته..تحت عنوان""منتصف أغسطس"..لأن هذا التحديد يتواءم مع فترة زمنية معينة..لم تتوافر فى الرواية التى استطال زمنها ليتكرر فيه "منتصف أغسطس"حسب فصول الأعوام التى تكررت..وليس لإرسال السماء سياطا من النار..تلهب الظهور والوجوه ..كاف لتسمية الرواية به..التى قدمت فيها مقطعين..الأول سبق تناول حياة الأسرة التى حملتها عبء الرواية.." قوانين الزمن تسرى شئنا أم أبينا"..والثانى سبق سفر "هشام العشماوى "إلى ليبيا ..عرضت فيه بإيجاز حادث سقوط الطائرة الأمريكية بمدينة لوكربى اللندنية..رغم عدم ارتباطهما بالأحداث التى تضمنتها الرواية.. لكن يبدو أنها ارتأت فيه مدخلا مناسبا..لما عرضته عن الواقع الليبى ..من خلال تواجد"هشام العشماوى"به..ولا يتفق مع ذلك أيضا..اتهام"فرح نور"فاتنة الجامعة..بقتل شاب خليجى..لكونها تماثلته ونقلته من الواقع كما حدث..مثلما تماثلت نهاية الرواية بنقرير تصرفات جنائية..عن هجوم الشرطة على المستشفى الكبير والاجراءات التى تمت به..وإدانة"دعاء جرويش" وغلق صيدليتها..ووضع إسم الدكتور" مصيلحى" على قائمة ترقب الوصول.
من ثم تكون الكاتبة قد قدمت تجربة روائية ..متعددة المضامين..حاولت من خلالها كشف عورات مجتمع ..تبدو كمنظومة حياتية..تؤرقها وتأمل فى القضاء عليها.
&&&&&&&&&&&&