ترقب وصول بقلم:خالد صادق
تاريخ النشر : 2019-03-14
ترقب وصول بقلم:خالد صادق


ترقب الوصول
خالد صادق

لم يصل المشهد بعد إلى الإخوة العرب والمسلمين, لم يشاهدوا الجنود وهم يدوسون بساط مسجد باب الرحمة ببساطيرهم النجسة, لم يشاهدوا صور الحاخامات الصهاينة وهم يمارسون طقوس الأفراح لليهود المتزوجين حديثا داخل باحات الأقصى, لم يشاهدوا زجاجات الخمر التي دخلت لباحات الأقصى المبارك مع المستوطنين, ولم يشاهدوا الاعتداء على النساء وسحلهن واعتقالهن, وضرب حراس وسدنة المسجد الأقصى بالهراوات واعتقالهم, وإبعاد مشايخ القدس وحماتها عن المدينة لفترات متباعدة, ومنعهم من الصلاة في المسجد الأقصى المبارك, ولم يشاهدوا الجنود الصهاينة وهم يطلقون قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص على المصلين.

بالأمس فقط منعوا رفع الأذان في المسجد الأقصى وحرموا المصلين من الدخول للصلاة فيه, وأخلوه من كل الفلسطينيين ودخلوه وحدهم ولا نعلم ماذا فعلوا في داخله وماذا زرعوا فيه, كل هذا الفعل الإجرامي, وكل تلك المشاهد المروعة لم يحرك لها احد ساكنا, فالسلطة منشغلة بحكومة اشتية العتيدة, وتبذل جهوداً مضنية لاحتواء الخلافات الداخلية التي تعصف بحركة فتح, والدول العربية تجاوزت مرحلة الصراع مع «إسرائيل» وأصبحوا يتهافتون على التحالف معها, والدول الإسلامية في شتى بقاع الأرض لا يشغلها ما يفعله اليهود في الأقصى, أما المجتمع الدولي فهو كعادته يغض الطرف عن ممارسات الاحتلال, ويكتفي بالمشاهدة فقط.

أما الشعوب العربية والإسلامية فنحن الفلسطينيين لا زلنا في مرحلة ترقب الوصول, لعل المشاهد لم تصلهم بعد, أو لعلهم لا يدركون خطورة ما يتعرض له المسجد الأقصى, وربما يتم التكتم من جهات رسمية داخل البلدان العربية والإسلامية على ما يحدث في المسجد الأقصى وما يتعرض له من انتهاكات على يد اليهود, حتى لا تتحرك الشعوب لنصرته ولا تهب للدفاع عنه, وهذا بالتأكيد فيه تقصير منا نحن الفلسطينيين ان كان هذا هو السبب الذي يمنع الشعوب من التحرك دفاعا عن المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه إلى السماء, أو لعلهم لا يدركون قدسية الأقصى وأهميته, وقد غاب عنهم انه بوابة السماء وارض المحشر والمنشر .

معركة الأقصى على الأبواب, فالاحتلال يقرع طبول الحرب, ويمضى نحو مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك, وهو يرى ان هذه هي اللحظة المناسبة تماما لتمرير مخططاته في المسجد الأقصى, بعد القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة «لإسرائيل» والقبول العربي الرسمي باعتبار أبو ديس عاصمة لفلسطين, وهرولتها نحو التطبيع مع الاحتلال, وتخلي السلطة عن دورها في تعزيز صمود أهلنا في القدس لمواجهة مخططات الاحتلال, وصمت ملك الأردن صاحب الولاية والوصاية على المسجد الأقصى عن ممارسات الاحتلال, وكذلك صمت رئيس لجنة القدس ملك المغرب, الاحتلال يقرع أجراس الحرب وان لم نتنبه لمخططاته وأطماعه في الأقصى, فسنصحو على فاجعة كبرى بفرض سياسة الأمر الواقع.

شعبنا الفلسطيني يأمل ان لا يبقى طويلا في مرحلة ترقب الوصول, وهو يأمل في استفاقة شعبية قبل فوات الأوان, الأمة العربية والإسلامية عليها ان تدرك أهمية دورها في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك, فالاحتلال لن يردعه أو يرده عن تمرير مخططاته في القدس والمسجد الأقصى سوى حراك الشعوب, هذا الحراك الشعبي العربي والإسلامي لا يحتاج إلى إذن من احد, لأن الذي يتعرض للاستهداف هو المسجد الأقصى المبارك, والدفاع عنه بمثابة دفاع عن عقيدتنا وإسلامنا وعروبتنا, لقد تعالت أصوات أهلنا في القدس ونداءاتهم للعرب والمسلمين للدفاع عن المسجد الأقصى, وهذا يدل على مدى الأخطار الكبيرة التي تحدق به, ومدى العبء الملقى على عاتقهم للتصدي للاحتلال بقدراتهم الذاتية وأيديهم العارية التي لا يملكون غيرها للدفاع عن أقصاهم, وهم لا يتأخرون عن هذا الواجب رغم التضحيات الكبيرة التي يقدمونها في معاركهم, فهل نتركهم وحدهم في معركة الدفاع عن الأقصى, أم نتضامن معهم من أماكن تواجدنا حتى يدرك الاحتلال ان أهلنا في القدس ليسوا وحدهم, وان الأمة العربية والإسلامية تقف إلى جانبهم وتدافع عن مقدساتها؟ ولو أدرك الاحتلال ذلك. ولمس تحركا شعبيا واسعا, فتأكدوا انه سيتراجع ألف خطوة إلى الوراء ولن يقدم على تمرير مخططاته, فكونوا على قدر المسؤولية, ودافعوا عن أقصاكم ومقدساتكم, ولا تتركوها فريسة سهلة للاحتلال.