عنصرية استعمارية فاقعة بقلم:حمادة فراعنة
تاريخ النشر : 2019-03-14
عنصرية استعمارية فاقعة بقلم:حمادة فراعنة


عنصرية استعمارية فاقعة

حمادة فراعنة

بكل عنجهية التفوق، وعناد القوة يسير برنامج نتنياهو نحو الفرض والتوسع التدريجي بنزعة استعمارية غارقة بالعنصرية، وعدم احترام الآخر والمس بمكانته وقيمه ومصالحه وتراثه. 

هذا ما يفعله مع شعبنا الفلسطيني في مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، فلهم حقوق مدنية ولكنهم ليسوا شركاء وليسوا أصحاب الأرض ولا يتمتعون بالمساواة والمواطنة أسوة باليهود، وهو تصور ورؤية دفعت رئيس المستعمرة رفلين كي ينتقد نتنياهو على غلوه العنصري. 

وهذا ما يفعله مع القدس وقدسية مسجدها الأقصى والمس بمكانته وتنزيله إلى مستوى الصراع السياسي والتوسع العمراني بهدف تغيير معالمه وتراثه والعمل على تهويد المدينة وأسرلتها بدون أي اعتبار للقيم وللدين الإسلامي وتراثها العقائدي لدى المسلمين، باعتبارها أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين ومسرى ومعراج سيدنا محمد، هذا من ناحية عقائدية، ومن ناحية سياسية لا يحترم متطلبات معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، وقاعدتها الرعاية الأردنية لحرم المسجد الأقصى ومكانته التراثية والشرعية لدى الهاشميين، إضافة إلى عدم احترامه الشريك الفلسطيني للاتفاق التدريجي المتعدد المراحل، اتفاق أوسلو وتباعاته، ولقرارات الأمم المتحدة باعتبار القدس الشرقية أراضي محتلة عام 1967 ينطبق عليها حكماً قرار الانسحاب وعدم الضم 242، وكافة القرارات اللاحقة الصادرة عن مجلس الأمن وآخرها 2234، والجمعية العامة واليونسكو، وجميعها دالة على رفض الاستيطان والتبديل والتغيير والضم والتوسع على حسابها، ويفعل هذا مع أهالي غزة المحاصرين بالتجويع والقتل، فالحملات العسكرية الثلاثة التي استهدفت قطاع غزة وأهلها 2008 و2012 و2014، دمرت ممتلكاتهم وبناهم التحتية وحولت حياتهم إلى جحيم لا يُطاق بلا عمل وبلا دخل وبلا حد أدنى من متطلبات العيش الكريم في عملية قهر وسجن واعتقال جماعي لمليوني إنسان محاصر منذ أكثر من عشر سنوات عجاف، وهو يفعل ذلك بدون أي اعتبار لأي طرف دولي أو قيمي أو أخلاقي، حتى وصفته الغارديان البريطانية على أنه وقح بسبب أفعاله وتصرفاته العنصرية المنفلتة. 

ولم يقتصر الأمر على كامل فلسطين سواء في مناطق 48 أو القدس أو القطاع أو الضفة الفلسطينية فالأمر سيان بالنسبة له طالما لا يجد رادع لعنصريته واستعمارية سلوكه، وها هو يتمادى نحو الجولان السوري مؤكداً أنها إسرائيلية ولا أمل مُرتجى منه للإقرار على أنها أراض سورية محتلة يستوجب أن ينزل عنها لتعود إلى وطنها السوري باعتبارها جزء لا يتجزأ من سوريا وينطبق عليها قرار 242 بالانسحاب وعدم الضم. 

لا شك أن نتنياهو يتصرف بدوافع استعمارية عنصرية لأنه لا يجد من يردعه، فهو الأقوى المتفوق، مدعوماً من الولايات المتحدة بالقوة والمساندة مالياً وعسكرياً واقتصادياً وتكنولوجياً واستخبارياً وغطاء دبلوماسياً تحميه من الجلب والمسائلة والعقاب، ولكنه يستغل الضعف الفلسطيني بسبب الانقسام أولاً وقلة إمكانات الدعم العربي والإسلامي ثانياً، مثلما يستغل الحروب البينية العربية، ويتسلل بين مسامات الضعف العربي والتدمير الذاتي لفرض شروطه وسياساته.

في ظل هذه المعطيات مازال هناك أمل، وشعاع يُبدد الظلام، وما معركة القدس من أهلها وصلابتهم سوى التأكيد على أن الأمل مازال حياً باقياً مدعوماً بالإيمان والصلابة ونكران الذات، وأن العدالة ستنتصر مهما طغى الظلم والاستعمار والاحتلال.

[email protected]