القطيعةُ ُمعَ اللهِ مصدرُ كلِّ قطيعةٍ بقلم:زعيم الخيرالله
تاريخ النشر : 2019-03-14
أَلقَطِيعَةُ مَعَ اللهِ مَصدرُ كُلُّ قَطِيعَة
-------------------------------
زعيم الخيرالله
-------------
تحدّثَ المفكرون عن قطيعة معرفيّة بين القديم والجديد ، وبين التراث والحاضر ، وتحدثّوا عن كل انواع القطيعة .... وتناسَوا القطيعةَ الاهمَّ ، والتي هي مصدر لكل قطيعة وهي قطيعة الانسان مع خالقه . فالحضارةُ الحَديثةُ بعدما أَعلنت موتَ الالهِ على لسانِ نيتشه ؛ اوقعت الانسانَ في اظطرابٍ روحيٍّ ، وقلقٍ نفسيٍّ ، واِرباكٍ وَحَيرَةٍ .
أَلقَطِيعَةُ المَعرِفيّة
----------------
التَساؤُلُ حول كيفيةِ تقدم العلوم ، هل تتقدم بطريقة الوصل والتراكم المعرفي ، الذي ذهب اليه ( اوغست كومت) والمدرسة الوضعيّة المنطقيّة ، ام بطريقة القطيعةِ والفصل الذي ذهب اليه فيلسوفُ القطيعة المعرفيّة (غاستون باشلار) ، الذي يرى ان تأريخَ العلم عبارة عن قطائع معرفية تنفصل في لحظتها المعرفة الجديدة كليّاً عن المعرفةِ القديمة ؛ فلايوجد تواصل وتراكم معرفيٌّ بين فيزياء نيوتن وفيزياء اينشتين ، بل بينهما قطيعة ابستمولوجية (معرفية ) .
القطيعةُ مع التُراث
------------------
مفهوم القطيعة المعرفية الذي قال به (باشلار) في مجال العلوم التطبيقيّة ، نقله ميشال فوكو الى حقول العلوم الانسانيّة . وجاء المفكرون العرب ، ونقلوا هذا المفهوم الاوربيَّ المنشأَ ليطبقوه على التراث. ومن الذين نادَوا بالقطيعةِ مع تراثنا العربيّ الاسلاميّ المُفَكِّرُ اللبنانيُّ ( حسين مروّة) في كتابه : (النزعاتُ الماديّةُ في الاسلام) ، والمفكر المصري حسن حنفي ، في كتابه : (التُراثُ والتجديدُ) و كتابه : ( منَ العقيدةِ الى الثورةِ) ، والمُفَكّر الجزائري محمد اركون في كتابه : ( تأريخيّةُ الفكرِ الاسلاميِّ ) ، والدكتور محمد عابد الجابري في كتابه : (نحنُ والتُراث) ، ومشروعه الموسوعي : ( نقدُ العقلِ العربيِّ) .
الصلةُ باللهِ والقطيعةُ معهُ
----------------------
في زحمةِ الانشغالِ بالحديث عن هذهِ القطائعِ المُختلفة ، نَسِيَ الجميعُ الحديث عن القطيعة الاهم في حياة الانسان ، والتي تتركُ اثارَها المُدَمِّرَة في حياة الانسان ، والتي تُحيلها الى قلقٍ واظطرابٍ وتعاسةٍ .
الله تعالى يتحدثُ في كتابه عن الاثارِ المُدَمِّرَةِ لقطعِ صلةِ الانسانِ بخالقهِ ، يقول الله تعالى (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)). المعارج: (الاية: 19-
وقوله تعالى : ( إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) العاديات : الاية : 6 . والصلة التي كانت للنبي يونس (ع) مع ربِّهِ من خلال التسبيح ، هي التي جعلته يطمئن الى رحمة الله وقدرته على خلاصه ، يقول الله تعالى حكاية عن نبيه يونس (ع) :
( فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ). الصافات : الايات :143و 144.
الكفر بالله ، والشركُ بهِ ، ونسيانُهُ ، عوامل لقطعِ صلةِ الانسانِ بخالقه ، التي تكون سبباً لاظطراب ِ الانسانِ ، وحيرتهِ وتخبطهِ ، وقلقهِ ؛ لانَّ الانسانَ وجود ربطيٌّ ، بل هوَ عينُ الربطِ حسب تعبيرِ الفيلسوف الاسلاميِّ (صدر الدين الشيرازي) . والقران الكريم يذكر في كثير من اياته هذه الاثار للكفر والشرك والنسيان.
( فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) . المائدة : 12.
(فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ) ال عمران :56.
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ). البقرة : الاية : 22.
(وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). الحشر: الاية:19.
( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ). الانعام : الاية : 44.
وخاتمةُ القولِ : ان الصلة بالله هي سببٌ لكل صلة ، والقطيعةُ مع الله هي سببٌ لكل قطيعة الصلة مع الله تعمق صلاتنا بكل الكائنات ، وتجعلنا نشعر بصلات قرابة بيننا وبين كل كائناتِ هذا الوجود.يجب ان نُعَمِّقَ صلَتَنا بخالق الوجود ، ولانقطع الصلة بهِ.