منفضةُ الكاهنْ
تاريخ النشر : 2019-03-14
منفضةُ الكاهنْ


منفضةُ الكاهنْ
                                                سليم النفار

أيَّ ربيعٍ تقصدُ في غاراتِ الليلِ الفاحشْ
كنتُ نبيَّ القوالينَ بُعذريّةِ هذا الفجرِ 
وأقسمتُ ثلاثاً من أَيْمَاني :
أنَّ فراشاً مصبوغاً بدمِ الألوانِ
يترجَّلُ من عرشِ المسكوتِ ، ويحملُ ياقوت القولِ :
ربيعاً ... يُحْييْ أنسجةَ الجسدِ ، المُتهالكِ في التابوتْ
لكنّيَ مازلتُ أُفتشُ عن سَرْوٍ ، علّقَ في ياقتهِ نجمَ الفجر الآفلْ
لمْ يُدركني في أيِّ زُقاقٍ أسعى
لكنَّ : المشبوحينَ على سيفِ الوقتِ الباردْ ، قالوا :
أنتَ تُطيلُ البحثَ عن اللا شيءِ ، المعنى المُتحوّلِ ظلاّ
كنّا نُبْصِرهُ يخفضُ جبهتهُ ، في تلكَ السّاقيةِ المُرّةْ
ويُحاولُ أنْ يُقنعَ ذائقةَ الشمسِ ، بأنَّ السّاقيةَ الناّشفةُ تحملُ ماءً عذباً حُرّا
أيُّ ربيعٍ تبحثُ 
أيُّ بلادٍ تأتيْ والسّائدُ في كلِّ عواصمها :
تأكلُ ثديَ الفجر كلُّ إناثِ الأرضِ الحرةْ
وتبيعُ الأعراضَ بسوقِ الجزارينَ ، وإنْ استعصى البيعُ 
فركاماً يهتكُ كلَّ بكارةِ هذا الوقتِ ، ويُحيلُ الأشياءَ جميعاً
لفُتاتٍ في فتّةِ سُلطانِ الخُردةْ
أيُّ ربيعٍ مسروقٍ ، يحملُ في أكتاف الصّبحِ البُشرى
أيَّ ربيعٍ نسعى ، وفتاةُ الحلمِ تسرقُ أقمارَ اليومِ
قُطعانَ خرافٍ نحو المبغى 
هلْ هذا الحلمُ العربيُّ الأرقى ؟



كلُّ نجومُ الفجرِ هوتْ في مَدْرجِ أكتافِ الجنرالْ
وتباهتْ زوجاتُ القائدْ ، المُعلنةُ نكاحاً شرعيّاً : أنَّ الزوجَ الفاتحْ
سيعيدُ الفجرَ نقيّاً في أوّلِ رتلٍ صاعدْ
سيفضُّ بكارةَ جيشٍ رابضْ
لكنْ : سوءُ الطقسِ وأشياء أُخرى ، قدْ بعثرَ أفكاراً
 في سُترةِ ذاكَ اليومِ الكالحْ
أيُّ خريفٍ هذا
أيُّ نزيفٍ يفتكُ بالقتلى ؟
يا اللهُ ... كلّمنا باللغةِ الغربيّةْ
باللغة العربيةْ ، بالآشوريةْ
كلّمنا وامسكْ خيطَ الدربِ ، فرُبَّ دليلٍ يصحو
ويقودُ الرّكبَ إلى أولهِ
يفتحُ أجنابِ النبعِ ، إلى أدغالِ النخوةْ
هلْ مُتنا ... هلْ ماتَ الأفقُ الواقفُ في نخلتنا 
أمْ أنّا منذ زمانٍ موتى ، ونواقحُ تاريخَ الأحياءْ ؟؟
لمْ يُسعفْنيَ عمرٌ أنْ أحيا في زمنِ الخُلفاءْ
أنْ آخَذَ صحباً من أبناءِ الجنرالاتِ ، أو ابنَ أميرْ
لمْ تجمعنا في العصر الحضري الحارةْ ،
من حاراتِ الفقراءِ المكلومينَ ، بنقصِ الفيتامينْ
أو حانةَ خمرٍ فيها شعراءُ ، وصعاليكُ تبحثُ عن نافذةٍ
في جدرانِ العتمةْ .
صفحاتُ التاريخِ الملغومِ بأفكارٍ شتّى ، قالت ْ :
عن زيد الفاتحْ
عن عمر الصالحْ
عن أشكالِ الوقتِ الناجحْ
ولأنّيَ لمْ أشتّمُّ شِواءَ الصّدقِ في مَجْمَرِ تلكَ الصفحاتْ
قرّرتُ بأنْ أشتُمَ كلَّ التاريخِ الفاضحْ
وأُعَرّيْ عُراةً ، مستورينَ بتواطؤ خوفٍ جارحْ
وهناكَ ... 
صرخَ الصبْيةُ في تلكَ الحارةْ :
- لا تغضبْ يا سيدنا الشاعرْ


الوقتُ مريرٌ وغديرُ الصّدقِ مُسافرْ 
لكنْ : بعضُ شروقٍ في ذاكَ العصرِ ، نؤمنُ أنَّهُ كانَ
لكنَّ سواهُ ليسَ بكافرْ .
أيُّ ربيعٍ تُدركُ هذي الأُمةْ ، والعقلُ المطبوخُ بنارِ الخلقِ
متروكاً يذويْ ، فوق سطوحِ خُرافاتٍ رثّةْ
يا اللهُ كلّمنا باسمِ جروحٍ منكَ ومنّا
لمْ نُحْسِنْ تفصيلَ الوقتِ ، على غيمِ التاريخْ
لمْ نعرفْ أنَّ الأرضَ تدورُ ...  في أعقابِ لفافاتٍ
في منفضةِ الكاهنِ ذاكَ ،
               هناكَ على سَرْو المريخْ

هلْ جربتمْ أنْ تعصوا دفترَ تعليماتهِ تلكْ 
أنْ تتراخوا قليلاً ، أُقسمُ ليسَ بأكثرْ
كيْ ينضجَ بعضُ حياءٍ فيكمْ ، يستشعرُ رعداً ؛ فيناديكمْ
هل ْ جربتمْ ...
أمْ أنَّ صنوفَ الطَّبلِ تواتيكمْ :  دُمْ تكْ دُمْ تكْ دُمْ تكْ ؟؟
تتعرّى الأشياءُ الآنَ ، فوقَ العُري السَّائحْ
وتُضيفُ خساساتِ ، السَّاعينَ إلى سرِّ اللعبةْ
وقتاً وجهاتْ
هلْ تتسعُ الحلبةْ ؟
لا أعرفُ إنْ كان الكاهنُ يرضى ، لكنْ :
من يشلحُ أكثرَ من جلدهِ 
من يزنيْ أكثرَ في عِرْضهِ
من يُعطيْ سرَّ مفاتيحَ الخَلْوةِ للطاغيَ ... يرضى
رُبَّ شروطٍ أُخرى ، يخجلُ صانعُ تلكَ الخرقةْ أنْ يُعلنَ فحواها
فالكاهنُ ذاكَ الطاغي ، ذو دِينٍ يأمرُ بالسِّترِ
خلفَ البابِ وأنا أهذيْ مع ذاتيَ في المرآةِ
كانَ الصّبْيةُ يسترقونَ القولَ ، فقالوا :
- يا سيدنا الشاعر
سِتْرُ العوراتِ المعورَّةْ 
شرطُ صلاةٍ في معبدِ ذاكَ الكاهنْ


لا تُرخيْ القولَ جُزافاً ، للقولِ شروطٌ مشروطةْ
والشِّرطيُّ على نافذةِ القولِ مُرابطْ
لا يملكُ من أمرهِ شيئاً غيرَ مخالفةِ القولِ  "الزَّابطْ "
- يا سيدنا الشاعر
أنتَ تقولُ ما يخدشُ سقفَ سقيفتهمْ
وتفتّشُ عن تفصيلِ الكونِ بقولٍ ماغطْ
فارحمهمْ
دعهمْ
يسترخونَ على بركِ النَّهرِ الهابطْ
فالعمرُ قصيرٌ
والنَّاسُ نيامٌ
والكاهنُ راضٍ
فلماذا يا سيدَنا هذا القولُ الضَّاغطْ ؟