أبعاد ومدلولات توسعة "الإدارة المدنية" الإسرائيلية بقلم:عوض مسحل
تاريخ النشر : 2019-02-21
أبعاد ومدلولات توسعة "الإدارة المدنية" الإسرائيلية بقلم:عوض مسحل


أبعاد ومدلولات توسعة "الإدارة المدنية" الإسرائيلية
 
عوض مسحل
تأتي هذه الورقة ضمن إنتاج المشاركين/ات في برنامج "التفكير الإستراتيجي وإعداد السياسات" - الدفعة الخامسة 2018-2019.

مقدمة
فعّلت إسرائيل سياستها الرامية إلى التعامل مع ملف السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية بشكل مباشر، عبر التوجه إلى إقرار خطة تعزز دور "الإدارة المدنية"، وتوسعتها، وزيادة عدد العاملين فيها.

نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم"، بتاريخ 31/10/2018، أن اللجنة الفرعية في "الكنيست" لشؤون "يهودا والسامرة" (المسمى العبري للضفة الغربية) وضعت خطة تقضي بزيادة 280 عنصرًا بشريًا للإدارة المدنية لتوسعتها[1]، مما يؤثر على طبيعة العلاقات بين السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، كون ذلك يقود إلى تقليص صلاحيات السلطة المقيدة أصلًا بموجب اتفاق أوسلو وملحقاته، ويساهم في إضعافها ويؤثر على دورها الوظيفي (المدني).

تثير مؤشرات مهمة جملة من الأسئلة حول ما إذا كان هذا التحول نحو توسيع نطاق عمل وصلاحيات "الإدارة المدنية" يندرج في سياق تعميق وتسريع "الضم الزاحف" غير المعلن، أم هو استعداد إسرائيلي (سياسي أمني اقتصادي) تحسبًا لانهيار السلطة الوطنية في حالة تطور الأوضاع باتجاه مواجهة سياسية وميدانية؟ وهل هو تخلٍ عما جاء في برتوكولات اتفاق أوسلو الموقع بين السلطة ودولة الاحتلال في العام 1993؟ فاتفاق أوسلو يعتبر مقدمة لإنهاء الحكم الإسرائيلي المباشر في المناطق المصنفة (أ)، أي في 18% من الضفة الغربية، وجزئيًا في مناطق (ب)، حيث عرفت ورسمت حدود العلاقة مع الجانب الإسرائيلي، ونصت ملاحقها على نقل صلاحيات إدارة ملف السكان المدني للسلطة وتقليص عدد الكوادر البشرية العاملة في "الإدارة المدنية" تدريجيًا.

يقود هذا إلى أن الهدف من وراء تفعيل وتوسيع دور الإدارة المدنية الإسرائيلية، ولو من حيث نتائجه على أرض الواقع، يتمثل في تعميق منظومات السيطرة الإسرائيلية والتعامل مع السلطة كوكيل تحت الطلب فقط تحت سقف هذه السيطرة، وهي تمعن في سياستها وإجراءاتها لفرض وقائع على الأرض من خلال مصادرة المزيد من صلاحيات السلطة، وبسط مزيد من السيطرة على الأرض من جهة، والاستعداد لليوم التالي من جهة أخرى في حالة مقاومة الفلسطينيين لهذا التوجه الإسرائيلي بطريقة تفضي إلى مواجهة تهدد بانهيار مؤسسات السلطة، أو حدوث حالة من الفوضى.

أما الترجمة العملية لذلك، فتظهر من خلال إعادة توثيق الصلة والارتباط المباشر مع السكان الفلسطينيين وإن بدا في ظاهر الأمر أن ذلك يأتي في سياق منح مزيد من "التسهيلات" للفلسطينيين في الضفة الغربية، وتماشيًا مع الازدياد المطرد للمستوطنين في المستوطنات. ومن باب أمني أيضًا، حيث يتم توسعة إطار العمل الأمني الإسرائيلي في مناطق السلطة الفلسطينية للتضييق على الفلسطينيين واستغلال احتياجاتهم، مقابل تقليص مطّرد لحجم "التسهيلات" التي تمنح للجانب الفلسطيني الرسمي، بما في ذلك اقتطاع مخصصات عائلات الشهداء والأسرى من عائدات الضرائب الفلسطينية.

نشأة "الإدارة المدنية"

بعد حرب حزيران 1967، أحكمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قبضتها على الأراضي الفلسطينية، وفرضت عليها الحكم العسكري الإسرائيلي تحت سلطة وقوانين ما يعرف بـ "الحاكم العسكري" الذي استمر عقدين كاملين في ظل سيطرة حزب العمل على مقاليد الحكم في إسرائيل، إلى أن تشكلت أول حكومة يمينية بقيادة حزب الليكود برئاسة مناحيم بيغن (1977-1983)، الذي أخذ على عاتقه فكرة تغليف مسمى "الحكم العسكري"، ووسمه بطابع سياسي مدني أكثر منه احتلالي، بتقديم خدمات مغلفة بالإنسانية والأخلاقية لتخفيف وقعه أمام المجتمع الدولي، وتطويع وتكييف الفلسطينيين للتعامل مع الحكم العسكري بعيدًا عما يحيط بالمسمى من مخاوف وإجراءات أمنية.[2]

 في العام 1981، نُشِر القرار العسكري رقم947، وقام أرئيل شارون الذي شغل، آنذاك، منصب وزير الحرب الإسرائيلي في حكومة بيغن، بالإعلان عن إنشاء إدارة تابعة لوحدة التنسيق في وزارة الحرب يدير شؤونها ضباط وجنود إسرائيليون، وتكون تحت إشراف القيادة العسكرية، ومسؤولة عن تطبيق السياسة الأمنية والمدنية في الأراضي الفلسطينية، وعُرفت بـ "الإدارة المدنية" التي تعمل ضمن اختصاصات تشمل كل مناحي الحياة، من تطوير البنى التحتية، وتوفير الخدمات، وتلبية الاحتياجات اليومية.[3]

 عملت "الإدارة المدنية" منذ نشأتها، وبوتيرة متصاعدة على سلب الأرض ومصادرتها في سبيل فكرة ضم الأراضي في سياق الفكر الاستعماري الاستيطاني الإحلالي، وتصميم "جسم تمثيلي" فلسطيني على هيئة "دمى" تعمل وفق السياسة الإسرائيلية. فعمدت حكومة الاحتلال إلى تشكيل روابط القرى لتكون حلقة وصل بين الفلسطينيين و"الإدارة المدنية"، وبغرض إحلالها كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.[4]

كان مناحيم ميلسون أول من ترأس "الإدارة المدينة" خلال الفترة (1981-1983). ومنذ تعيين يوآف مردخاي (2014-2018) رئيسًا لها توسع دور الإدارة ليأخذ منحى آخر يشمل عمليات التطوير والتدشين والنهوض بمشاريع متعددة.

مارس مردخاي دوره بشكل مباشر وأوسع، خصوصًا بعد ما أنشِئ موقع إلكتروني باسم "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" (باللغة العربية)، يستقبل طلبات السكان عبر نماذج إلكترونية متعددة الأغراض. وجاء من بعده كميل أبو ركن، ليواصل مهمة التواصل مع سكان الضفة بوتيرة متسقة ومتصاعدة مع السياسة الإسرائيلية لحصر دور السلطة واستبعادها عن تقديم التسهيلات للفلسطينيين وفق ما هو وارد في الاتفاقات بين الجانبين.[5]

صفحة "المنسق" على شبكة التواصل الاجتماعي (الفيس بوك)

استغلالًا للتطور التكنولوجي والاهتمام المتزايد بمواقع التواصل الاجتماعي، أنشأت "الإدارة المدنية" برئاسة موردخاي في العام 2016 صفحة إلكترونية عرفت بصفحة "المنسق" للتواصل مع الفلسطينيين،. وتحظى هذه الصفحة باهتمام المنسق الذي يطل فيها باستمرار وببث مباشر.

تجيب هذه الصفحة عن تساؤلات الفلسطينيين، من خلال طاقم مختص وثق بالفعل حجم التفاعل حول ما يُطرح، فضلًا عن مخاطبة الراغبين بحل مشاكلهم، والإعلان عن موعد جديد لسكان منطقة معينة ضمن "حملة لرفع المنع الأمني" وإخضاعهم للابتزاز، وربط ذلك بالهدوء العام والخاص.[6]

تُدار الصفحة بصورة ممنهجة ومتطورة، تستخدم فيها كل وسائل الاتصال والتواصل باستخدام أيقونات (الفيس بوك) كاملة، إضافة إلى بث فيديوهات، وضخ تحذيرات، ومعلومات، وإحصائيات أسبوعية وشهرية عن النشاطات والخدمات والتسهيلات المقدمة، ومدى انعكاسها على حياة الفلسطينيين.

وقد طُوِّرت آليات العمل بوضع نماذج لتقديم الطلبات إلكترونيًا تيسيرًا للمواطن، من خلال الحصول على إجابة عن طلبه وهو في بيته، دون الحاجة إلى تعبئة طلبات، ووضع الطوابع، والتنقل من مكتب إلى آخر.

في هذا السياق، أُعلن بتاريخ 20/12/2018، عن إطلاق البث الأول لراديو المنسق كوسيلة جديدة للتواصل عبر الانترنت، كما افتتحت ثلاث مراكز لرفع المنع الأمني (الشمال، الوسط، الجنوب).[7]

وصل عدد متابعي الصفحة بنهاية العام 2018 حوالي نصف مليون متابع، وقد عبر "المنسق" عن غبطته بذلك من خلال تجدر عمل هاشتاج على جدار الصفحة (#نصف_مليون_بيغلطوش)، عززها برسائل موجهة لمتابعي الصفحة "ونحن في إسرائيل، نعمل كل ما بوسعنا للتفريق بين السكان المدنيين الذين يتطلعون لمستقبل أفضل والمنظمات الإرهابية".[8]

مواقف الأطراف من الإدارة المدنية

الموقف الإسرائيلي

تنكر الحكومات الإسرائيلية، وخصوصًا المتطرفة منها، وجود شريك فلسطيني في ظل سعيها لإقامة حكم ذاتي مسلوب الإرادة. وينكر الساسة الإسرائيليون على الفلسطينيين رغبتهم في السلام على أساس حقهم في الحرية والاستقلال والسيادة. فقد اتُّهم الرئيس الراحل ياسر عرفات (1993-2004) بتنصله من الاتفاقيات، وأنه ليس هناك شريك فلسطيني، ما أدى ذلك الى انهيار مفاوضات كامب ديفيد في العام 2000، ومن ثم واندلاع الانتفاضة الثانية في ذلك العام. كما اجتاحت قوات الاحتلال مناطق السلطة، وتحت ذريعة عدم وجود شريك فلسطيني، بدأ تصدير ذلك للعالم كغطاء على ما يقوم به الاحتلال من سيطرة على الأرض والقيام بجرائم بحق الشعب الفلسطيني التي تتنافى مع كافة الأعراف والمواثيق الدولية.

في العام 2016، اعتمد أفيغدور ليبرمان، الذي كان يشغل وزير الحرب آنذاك، في حكومة بنيامين نتنياهو،   سياسة "العصا والجزرة" تجاه الفلسطينيين، التي أشار إليها شلومو غازيت، الحاكم العسكري الإسرائيلي الأسبق للضفة الغربية (1967-1974)، في كتابه "الطعم في المصيدة"، تعبيرًا عن مدى التفكير الإستراتيجي لدى حكومة الاحتلال بأن المصلحة تقتضي الجمع في إدارة المناطق ما بين الإدارة المدنية والأمنية وعدم الفصل بينهما.[9]

وبعد تولي ليبرمان منصبه، أعرب في أكثر من مرة عن عدم وجود شريك فلسطيني، ورافق ذلك العمل على إعادة إحياء الإدارة المدنية التي بدأت بسلسلة مشاريع جديدة، والإعلان عن تسهيلات ومشاريع تطويرية بارزة، جزء منها بالاتفاق مع السلطة، كافتتاح محطة كهرباء الشمال، وتحسين محطة كهرباء بني نعيم، ومنح ترخيص البنية التحتية للجيل الثالث في الشبكات الخلوية، والرؤية بعيدة الأمد حتى العام 2040 لحل مشكلة المياه التي تواجه جميع سكان المنطقة (الفلسطينيون والمستوطنون)، وفتح آفاق أوسع من التواصل المباشر مع رجال أعمال فلسطينيين لتسجيل شركات فلسطينية استثمارية وشراكات تجارية مع الإسرائيليين دون العودة إلى مؤسسات لسلطة الفلسطينية، إضافة إلى زيادة عدد التصاريح الممنوحة في شتى المجالات تحت شعار "تحسين حياة السكان".[10]

منظمة التحرير الفلسطينية

تصدت المنظمة لمخطط "الإدارة المدنية" منذ بدايته، ودعت قوى الشعب الفلسطيني لمواجهتها ومقاطعتها، ووجهت تحذيرات للمنضمين لروابط القرى حينذاك، ودعت رؤساء البلديات لمواجهة مخططات ميلسون الخطيرة. وبرزت في الأوساط الطلابية خلال ثمانينيات القرن الماضي الدعوة لمقاومة هذه السياسات وتركزت في جامعات الضفة، وخصوصًا جامعة بيرزيت التي أغلقت مرتين في العام 1982، بسبب المظاهرات الكبيرة التي نظمها الطلبة، وساهمت في تشكّل وعي مقاوم جمعي، أدى في النهاية إلى إسقاط مشروع روابط القرى الهادف لإقامة حكم ذاتي بمقاييس إسرائيلية.[11]

تجدر الإشارة إلى أن الاجتماعات الأخيرة للمجلسين الوطني والمركزي للمنظمة لم يصدر عنها موقف صريح حول الإدارة المدنية وتوسعتها، إلا أن هناك قرارات عدة صدرت بخصوص قطع العلاقة مع الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني، ومراجعة مجمل العلاقات والاتفاقات مع الجانب الإسرائيلي.

السلطة الوطنية الفلسطينية

اعتبرت الحكومة الفلسطينية أن عمل الإدارة المدنية قفزٌ عن الملحق المدني في الاتفاقيات بين الجانبين، فبموجب ذلك يتعين على الجانب الإسرائيلي تقليص عدد كادر "الإدارة المدنية"، لا توسعهتها، فضلًا عن نقل صلاحياتها تدريجيًا إلى هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية كجهة اختصاص مدنية مخولة بالتواصل مع الجانب "الإسرائيلي" وحل الإشكاليات المختلفة بين الطرفين، للإشراف على ملفات ذات صلة، كملف السكان، والمعابر، ومنح التصاريح، ودخول البضائع، ولم الشمل الداخلي والخارجي.[12]

في هذا السياق، أكدت الحكومة الفلسطينية في اجتماع مجلس الوزراء في جلسته (165) في حزيران 2017، أن قرار التوسعة تقويض لعمل السلطة الوطنية، وترسيخ للاحتلال الذي يبسط سيطرته ونفوذه على الأرض، وقفز عن كل الاتفاقات التي حددت مع الجانب الإسرائيلي عند تولي السلطة زمام إدارة الحكم الذاتي.[13]

إن هذا الموقف من قبل المستوى القيادي والرسمي للسلطة ناجم من الإدراك الحقيقي، والملموس على أرض الواقع، لطبيعة وخطورة عمل ومساعي الإدارة المدنية، وأساس ذلك المطالبة بحلها، وطرح فكرة دراسة خيارات جديدة للتعامل مع هذه التطورات وهذه السياسة الموغلة.

وطالبت الحكومة الجهات الراعية لعملية السلام بالتدخل ووقف سياسة الاحتلال الاستعماري، ومطالبة إسرائيل التخلي عن خطتها لمضاعفة عدد العاملين في"الإدارة المدنية" كون ما تقوم به من سياسات التضييق والتواصل المباشر مع المواطنين ورجال الأعمال ما هو إلا "إلغاء إسرائيلي واضح لاتفاق أوسلو وتخليها وتراجعها من طرف واحد عن الاتفاقيات الموقعة".[14]

كما حذرت الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية، بتاريخ 3/1/2019، من مغبة التعامل المباشر مع ما يسمى بـ"الإدارة المدنية" ومواقع التواصل الاجتماعي التي تديرها، خشية على الجمهور الفلسطيني ومؤسساته من الآثار المترتبة على ذلك، وحفاظًا على حقوقهم واحتياجاتهم.[15]

قطع صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الشك باليقين في حواره مع القناة الثانية العبرية، بتاريخ 20/2/2018، وفق تصريحه الجريء: "سأقول أمورًا قد تغضب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أنا أعتقد أن الرئيس الحقيقي للشعب الفلسطيني هو وزير الجيش أفيغدور ليبرمان، أما رئيس الوزراء الفلسطيني فهو المنسق مردخاي".[16]

وفي وقت سابق، كان له تصريح مماثل عبر إذاعة صوت فلسطين، بتاريخ 25/1/2016، بأن نتنياهو أحيا الإدارة المدنية، وأن مردخاي "بات الرئيس الفعلي للشعب الفلسطيني".[17]

كما حذر محمد اشتية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، بتاريخ 16/12/2018، من خطورة مساعي الإدارة المدنية، مشددًا على أن ما تقوم به هو تقويض لسيطرة السلطة.[18]

من جهته، اعتبر عصمت منصور، الباحث في الشأن الإسرائيلي، أن الهدف الأساسي من هذه الحملات استغلال المواطنين من قبل جهاز "الشباك "الإسرائيلي" الذي كان يُسقط سطوته على أي خدمة تسديها الإدارة المدنية، وتحييد الشباب عن النضال، وربطهم بشبكة مصالح الإدارة المدنية، فضلًا عن حصر نفوذ السلطة.[19]

الخاتمة

عمدت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، لا سيما اليمينية منها، إلى اعتماد سياستها الإحلالية واستخدام سياسة "العصا والجزرة"، من خلال "الإدارة المدنية"، التي تبسط سيطرتها على الأرض كذراع لدولة الاحتلال، تمارس دور الحاكم الفعلي على المناطق المدارة فلسطينيًا بدعم أميركي متصل بالمساعدات التي تستخدم كأداة ضغط على الفلسطينيين، ولا يمكن القفز عن حقيقة أن "الإدارة المدنية"، ومنذ نشأتها، ترسم حدود العلاقة مع السكان الفلسطينيين لتشجيع ظهور طرف فلسطيني يتبنى فكرة الحكم الذاتي الذي دأبت سياسة اليمين المتطرف على تبنيها.

إن مواقف المستوى القيادي والرسمي للسلطة حيال مساعي الإدارة المدنية لم ترتق إلى حجم الخطر الداهم، طالما لم تتخذ أي خطوات عملية وحاسمة تلجم هذه السياسات الرامية إلى تقويض دورها ككيان سياسي من ناحية، واستبعاد لدورها التنموي والسكاني من ناحية أخرى.

على صعيد آخر، لم توضع أي إستراتيجية مقاومة لفصائل العمل الوطني والإسلامي، وهناك غياب لدور الحركة الطلابية، بوصلة الوعي الشعبي، لمواجهة مخططات الإدارة المدنية، التي تُسخّر كل الإمكانات وتفتح كل النوافذ للوصول إلى أكبر قدر ممكن للتعامل المباشر مع سكان الضفة الغربية الذي يزداد يومًا بعد يوم، مما يعزز من دورها وبسط نفوذها، مرسخةً بذلك مشروعها الاستعماري الذي يتناقض مع مشاريع التسوية.

الهوامش

[1] خطة لزيادة موظفي "الإدارة المدنية" في الضفة، وكالة معًا الإخبارية، 31/10/2018. bit.ly/2SdKMvu

[2] الإدارة المدنية الإسرائيلية: خلفية تاريخية، موقع البوابة، 22/4/2002.  bit.ly/2sv0Kll

[3] الموقع الإلكتروني لوحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق (المنسق).  bit.ly/2ABggO4

[4] الإدارة المدنية الإسرائيلية: خلفية تاريخية، مصدر سابق.                                                                       

[5] الموقع الإلكتروني لوحدة تنسيق أعمال الحكومة، مصدر سابق.

[6] الإدارة المدنية الإسرائيلية: خلفية تاريخية، مصدر سابق.

[7] صفحة المنسق على شبكة التواصل الاجتماعي (الفيس بوك). bit.ly/2nhG6Da

[8] صفحة المنسق، مصدر سابق.

[9] شلومو غازيت، الطعم في المصيدة "السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة 1967-1997"، ترجمة عليان الهندي، مؤسسة باب الواد للإعلام والصحافة، القدس، 2001، ص45.

[10] الموقع الإلكتروني لوحدة تنسيق اعمال الحكومة، مصدر سابق.

[11] شلومو غازيت، مصدر سابق.

[12] موقع الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية. www.gaca.gov.ps

[13] اجتماع مجلس الوزراء في جلسته رقم (165)، موقع مجلس الورزاء الفلسطيني، 13/6/2017. bit.ly/2RZsFt0

[14] المصدر السابق.

[15] الشؤون المدنية تدعو لعدم التعامل مع "الإدارة المدنية" الإسرائيلية، وكالة معا، 3/1/2019. bit.ly/2MLCSTW

[16] صائب عريقات: الرئيس الحقيقي لشعبنا هو وزير الجيش الإسرائيلي، موقع اليوتيوب، 20/2/2018. bit.ly/2D5NKrt

[17] عريقات: مردخاي بات الرئيس الفعلي للشعب الفلسطيني، شبكة راية الإعلامية، 25/1/2016. bit.ly/2RCZQNO

[18] قيادي فتحاوي: إسرائيل تدفع بالإدارة المدنية بديلًا عن السلطة الفلسطينية، صحيفة المشرق الإلكترونية، 16/12/2018. bit.ly/2EjHuhn

[19] مقابلة مع عصمت منصور، الباحث في الشأن الإسرائيلي، 26 /11/2018.