الخذلان بقلم : ابراهيم شواهنة
تاريخ النشر : 2019-02-19
الخذلان بقلم : ابراهيم شواهنة


الخذلان حالة قدرية ، قل أو ندر من يسلم منها ، طيلة مسيرة الحياتية وما أكثرها ، وأشدها ألما على النفس ، من منا لم تهده أنامل الحياة...خيبة موجعة ، وفقدان أمل وحسرة على ما أقترفت يداه تجاه الآخرين ، فقد يلقى شرا مسطيرا ، مقابل فعل الخير ، مع بشر كان يتأمل فيهم حلما لا ينتهى وعقد عليهم أمالا عريضة .

أن الخذلان وقعه على النفس موجع ، وأليم ، حين نخذل من الآخرين فكأنما ألقى بنا من علو شاهق إلى واد سحيق ، بل وربما تركنا نواجه مجهولا مرعبا .
الخذلان ضد الثقة ، قكلنا أخذنا نصيبنا من هذا الآكسير المحبط ، وتركنا نلوم أنفسنا ونعض أصابع الندم والحسرة .ولكن بنسب متفاوتة ..فسألوا الله أن يجنبكم الخذلان أن الخذلان وقعه على النفس أقسى من أي شيىء أخر ،لأنه نابع من محبتنا وثقتنا في الأخرين ، فكلما كان الشخص قريبا كان الألم أشد
وكان وقعه على النفس أعظم وأشد .يقول طرفة بن العبد :
وظلم ذوي القربي أشد مضاضة – على المرء من وقع الحسام المهند
حين تتألم فيهم يصفعوك بعاصفة نكرانهم للجميل بخيبة تلو خيبة حين تتعامل معهم بكل حب ، وتعيش معهم بصدق وتشاركهم أفراحك وأحزانك ، ونفس الأسلوب تفعل بهم ، تتشاركون التفاصيل الصغيرة كأول خطوة لك في الحياة أو حرف أول دمعة وأول نجاح
والذكريات حلوها ومرها ، وفي أول أختبار تنتهي كل تلك العلاقة قيظهر لك زيفها وترطم أنت في الواقع واقع مرير كان صوب عينيك منذ البداية لكنك كنت غافلا فقررت أن لا تبصره ..
كان خذلانهم كفيلا بأن يخبرك أن كل اللحظات الجميلة التي جمعتك بهم ما هي إلا فقاعات صابون رغم أن تشبثت بها بكل ما تملك وبكل قوتك .إلا أنها تطايرت إلى أماكن لا يحق لك الوصول إليها .أو أنها تلاشت قبل وصولك أو مرت عليها رياح الدنيا وسرقتها وربما وصلت إلى مكان بعيد بعيد يصعب عليك الوصول إليه ..علاقة بتاريخ الصلاحية . وأضع خطا عريضا أحمر تحت علاقة بتاريخ الصلاحية .
خذلان قد أحرق مساحات قلبك البيضاء وانتهى ، وفصارت رمادا لا يكتب ولا يعاد .. بل هو في خانات الذكرى يكتب ويبكى .
أتعلم يا صديقى القارىء إننا وبالرغم من كل الآلم الذي عشناه إلا أننا لا نتوقف . عن منحِ أولئك الذين خذلونا ذات حزن أو ذات فرح فرصا جديدة، وهم بدورهم لا يتوقّفون عن خذلنا، لكن بعد كلّ خِذلان يتملّصُ القلبُ منهم شيئا فشيئا إلى أن يصبحوا غرباء كما لم يكونوا يوما .
ثم إن الحقيقة التي نخفيها في أعماقنا ونهرب منها هي أن الفرص التي نمنحُها لأمثالِهم، نمنحُها في الواقِع لأرواحِنا وقُلوبِنا لتكون لها القُدرة على التعوّد والصفحِ، للبدءِ من جديد! لتكون قادرة على بناءِ علاقات أخرى مع أُناس آخرين، دون أن ترسمَ لنفسِك حدودا وتضع لها حواجز، فالحياة تستمر ولابد لكَ للمضيّ فيها أن تجازف وتصبر
هناك من يرى أن سبيل النجاة من كل هذا هو أن تتعير مع من خذلوك ، خاصة وإن وجهوا لك الصفعة المرة عشرا.
وأن تتوقف عن كونك شخصا نبيلا ، فشخص غير قادر على أن يفهم كرمك معه لا يمكن أن يكون شخصا لئيما ..وأقل بكثير من أن بصل إلى ما وصلت إليه ، إلى عمق فهمك للأمور ونظرتك لها ، نظرة أبعد من أن تدركها عيناه هي :الجنة : إذن بناء عليهم وانطلاقا من كل هذا فعليك أن تستدرك نفسك وتصحح الخطأ الذي وقعت به .
أما أنا فأقول لك صوب هدفك دائما إلى ما وراء هذه الحياة وخذ بقوله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم (اتق الله حيث كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن )
لأن الشوكة التي تريد وضعها في حلقهم ستظل عالقة حلقك أيضا . وستعكر أيامك كلما عصفت رياح الذكريات ..كن باردا تكن بخير ، فالخذلان سيجعلك قويا لدرجة أن لن ترفع درجة توقعاتك بأحد ليست سوداوية ولكن أستغناء عن العباد برب العباد .