مؤتمر وارسو والانتصار الإسرائيلي بقلم: سامر أبوسير
تاريخ النشر : 2019-02-17
مؤتمر وارسو والانتصار الإسرائيلي  بقلم: سامر أبوسير


مؤتمر وارسو والانتصار الاسرائيلي
 بقلم: سامر ابوسير

    بالعودة للتاريخ نجد ان سيناريو العراق 1991 بعد الاجتياح العراقي للكويت يتكرر مع إيران، حيث كانت العراق تستعرض قوتها وقدراتها العسكرية واسلحتها الكيماوية القادرة على تدمير اسرائيل والقوة النفطية، امام الدول المحيطة لها وامام اسرائيل، والاخيرة لعدم تمكنها من بدء الحرب بقيت جانبا، لكنها كانت العنصر المهيأ والمفجر للحرب بأيدي امريكية وتحالفها الدولي، ولو عدنا للتصريحات الإسرائيلية وسياستها خلال الأشهر التي سبقت الغزو العراقي للكويت تُظهر أن إسرائيل سعت لتسليط الضوء على أن العراق يمثل تهديداً، هذا من جانب ومن الاخر لعبت امريكا دورا واضحا في البدء للعدوان على العراق من بوابة مؤتمر مدريد للسلام لحل القضية الفلسطينية وارساء السلام في المنطقة، هو اعلان نفير الحرب على العراق لتحييد الدول العربية تحت مسمى الولايات المتحدة الامريكية معنية بالسلام، ونجحت بالمستوى الذي جعل الدول العربية بأغلبيتها مشاركة بالحرب ضد العراق.

ان تفحصا جادا لما يحدث اليوم مع إيران المستهدفة بشكل مباشر والتي امامها تحديات جسام في كيفية الخروج سالمة من الازمة، بالرغم من الرفض الاسرائيلي –الامريكي، فهي الدولة الراعية لمحور الشر" المقاومة" والتصدي، واسرائيل بالتصريحات الرسمية والتقارير الاستخباراتية والقادة العسكريين ومعظم المحللين يجدون بالعدو الايراني الهدف المركزي الذي يجب التخلص منه، ليتاح المجال بعد ذلك لدولة اسرائيل ان تتربع على عرش المنطقة ووتتسلم سيادتها كإمبراطورية القرن ال 21 الجديدة.

      ولمؤتمر وارسو الدولي ثلاث أهداف واضحة وملموسة؟ 

أول هدف. تحييد القضية الفلسطينية باعتبارها قضية لم تعد بالمركز الاهتمام الأول في ظل العدو الأكبر الصاعد إيران واحلافها سوريا لبنان حزب الله وقطاع غزة. وبالمقابل رفض مشاركة السلطة الفلسطينية معتبرة أن المؤتمر هو مؤامرة أمريكية -إسرائيلية لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية. وما يؤكد ذلك تصريح وزير خارجية دولة البحرين المطبعة بالقول ان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ليس الأولوية. هذا من جهة ومن الأخرى التهميش الذاتي الفلسطيني للقضية والاهتمام بالأزمات الداخلية الفلسطينية الفلسطينية بين سلطة رام الله وسلطة غزة اللاتي يتعاملون بعيدا عن المصالح الوطنية العليا وسط تهديد حقيقي بإنهاء الملف الفلسطيني وفرض حلول انقسامية فوق الانقسام الداخلي يبعث برسائل واضحة لكل الأنظمة الرسمية أن القضية الفلسطينية موضع جمود.                        

الهدف الثاني : القواسم المشتركة بين الأطراف المشاركة لحشد القوة ضد العدو إيران، يمنح دولة إسرائيل الحق ليس مجرد المشاركة الشكلية أو بمستوى رسمي ضعيف  بل ان يكون رأس الهرم هو من يشترك بوفد رسمي إلى جانب الدول عربية خليجية لا تعلن رسميا وعلنيا أن لها علاقة معها، لكن هذا المؤتمر بنى جسور العلاقات ومهد لتطويرها لأفضل مما هي عليه خاصة والأهداف المعلنة للمؤتمر تفرض عليهم التعاون والتنسيق الدائم" تنسيق امني" وهذا إنجاز كبير جدا لدولة إسرائيل التي ستبقى تسعى للقضاء على القضية الفلسطينية وبمشاركة عربية رسمية واضحة. 

الهدف الثالث: ان طبيعة الولايات المتحدة الامريكية في رؤيتها للمنطقة لا تسمح لان تجد دولة لها مكانتها وتأثيرها وصعودها الاقتصادي والعلمي لمستوى التهديد الواضح، مما يعرض المصالح الامريكية خاصة دول الخليج وثرواتها للخطر، كما ويعرض استقرار دولة اسرائيل، استعراض القوة الأمريكية في اتجاهين الأول في حشد التأييد الدولي للموقف الأمريكي وسياستها ضد إيران، منذ الانسحاب الامريكي من اتفاق 5 -1 الاتفاق الدولي مع إيران. الولايات المتحدة الأمريكية تحاول التأثير لنيل الإجماع الدولي لوضع حد للقوة الإيرانية في المنطقة والتي تعتبر خطرا يتهدد وينافس إسرائيل في النفوذ، والثاني اضعاف النفوذ الروسي بالمنطقة، خاصة وان روسيا تسعى لزيادة نفوذها لحماية مصالحها الحيوية، حفاظا على مكانتها الدولية وتأثيرها. 

أعتقد أن هذا المؤتمر لن يخرج بنتيجة واضحة أو إعلان حرب ضد إيران لكنه سيكون أولى الخطوات التي تسبق وتمهد لمحاصرة إيران واضعاف مكانتها على الاقل بمن حضروا المؤتمر.

   انه لمن المفيد القول ان المنتصر الوحيد في مؤتمر وارسو هي اسرائيل، التي اشبعت جزء من شهيتها بالانفتاح على الدول العربية خاصة دول الخليج والنفط العربي، وبدأت تشعر بالقرب من تحقيق حلمها ان تكون جزء اصيل من المنطقة وليس جسما غريبا فيها ومنبوذا، وبالتأكيد ستبني على هذا الانجاز برسم خطط اخرى ووضع اليات تحاكي التغير العلني والمهم الذي حدث، بعيدا عن اذا كانت اسرائيل مستهدفة او غير ذلك من ايران.