مابين مطرقة الرياضة وسندان السوشيال ميديا بقلم:ابراهيم عطيان
تاريخ النشر : 2019-02-17
مابين مطرقة الرياضة وسندان السوشيال ميديا بقلم:ابراهيم عطيان


ما بين مطرقة الرياضة وسندان السوشيال ميديا

التربية الرّياضية من المواد التي تدرس في الجامعات والمدارس،
لما للرياضة من أثر عظيم وإلا لما اولت لها المجتمعات المتقدمة أهمية كبرى حيث لا تقل أهميتها عن دراسة باقي العلوم واللغات، ومن الجدير بالذكر أن تدريس التربية الرّياضية له استراتيجيات
ووسائل وأساليب تدرّس للمعلمين في الجامعات، وذلك بهدف تدريسها للطلاب بشكل صحيح كي تتحقيق النتائج المرجوة منها ، والحصول على الفائدة للفرد أولاً وبالتالي المجتمع ، فينعكس على ذلك نشأة جيل قوي واعٍ قادر على إدارة وقته وتخطيط حياته بما يتناسب ويتماشى مع الأعراف والتقاليد ، جيل لا ينجرف وراء العادات السيئة التي قد تضر بصحته ومجتمعه . ولكن ما نراه
الآن هو انحراف عن المسار الصحيح لتلك المهارة ، حين أصبحت باعثاً على البغض والعداء بين الجماهير المتعصبة
فأفقدها ذلك شرعيتها الدينية والعرفية!!!
فإن الرّياضة من شأنها ان تساعد على تفريغ طاقات الشباب بشكل هادف وبنّاء، من حيث توجيه الشباب لاستغلال وقت الفراغ في ألعاب مفيدة تساعدهم على بناء أجسادهم وعقولهم،
او حتى مشاهدتها والتعلم من قواعدها والالتزام بمبادئها،
من التنافس الشريف واحترام المنافس، ومراعاة شعور الآخرين
الذي نفتقده الآن، كما يحدث بين جماهير قطبي الرياضة في مصر من تراشق مستمر بالألفاظ وتبادل العبارات المنحطة
عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بسبب او بغير سبب!!
ولكن ما نراه بين الشباب رغم فظاعته قد يكون هيِّناً أمام ما تقوم به بعض الشخصيات التي يفترض ان تكون رياضية كونها رموزاً لكيانات ومؤسسات رياضية لها تاريخ في المنطقة
لم تعد ابداً هذه المواقع منبراً للتواصل الاجتماعي بقدر ما أصبحت ساحة للتنابز بالألقاب والصفات ، بل وتربةً خصبة
تنمو فيها بذور التناحر ، علماً بأن الجميع يعلم مدى حرمة ذلك في جميع الرسالات السماوية، لما فيه من تعدي على الأخر ، وإهدار لكرامة الانسان، كما يعتبر اللامز للناس بالألقاب التي يكرهونها كأنه لمز للنفس. لأن الإنسان عندما يلقب الآخر بما يكرهه ، يدفعه إلي الانتقام والرد عليه بمثل هذا التنابز ، فيكون ساباً لنفسه وربما لأهله بسبب سوء صنيعه ، لم يقتصر دور السوشيال ميديا في مجتمعنا على نشر تلك الهفوات فقط، بل تخطاها بكثير ، فأصبح شاهداً على التدني الفكري والعلمي والأخلاقي الذي نعانيه الآن.
حيث انتشرت من خلاله اخبار الفسق والرزيلة وتجاوز حدود الله ، تلك الأخبار هي في الحقيقة لا تهم المجتمع ولا تفيده بقدر ما تساعد على هدم الثوابت والقيم ، والإساءة إلى بلد ذكره الله في كتابه الكريم .
لقد أيقن العالم أجمع وأقر في عقيدته بأن آفة الفساد على إختلاف مظاهرها وتعدد اشكالها تُعد المعوَّق الأكبر لكافة محاولات التقدم والرقي، والمقوَّض الرئيسي لكافة دعائم التنمية اقتصادية كانت أم علمية وأخلاقية ، او بشرية.
مما يجعل آثار الفساد ومخاطره أشد فتكاً وتأثيراً من أي خلل آخر ، فإنه لا يقتصر دوره المخرب على بعض نواحي الحياة دون البعض الآخر ، بل يمتد إلى شتى نواحي الحياة،
وهذا الحديث عن مفهوم الفساد والتطرف بالمعنى العام .
فكيف إذا كان الفساد في الأخلاق والمبادئ؟ كيف إذا تمكنت هذه الآفة من المساس بالحياء كما يحدث الآن؟ علماً بأن للفساد صور كثيرة وأوجه عديدة من شأنها أن تهدم مجتمعات وتحطم
حضارات ، لكن اقبح هذه الأوجه وأكثرها فتكاً، وأشدها ضراوة هو ما نراه الآن من أفعال شاذة دخيلة على مجتمعاتنا العربية التي تقدس الحياء والخصوصية، من حيث انتشار أخبار الفسق والفجور والخلاعة بل والتسابق في تداولها عبر صفحات الانترنت ما يزيدها رواجاً !!
كما يجدر بنا أن نشير إلى خطورة ما يحدث الآن فإن التدرج فى المعصية كالتدرج فى التربية ، وبداية التجاوز قد يكون فعلاً تراه بسيط لكنه يتدرج ويأخذ في النمو كشرارة أعقبها حريق يلتهم الأخضر واليابس أو قطرة ماء تلاها سيل يجرف في طريقه مبادئ وقيم تربى عليها أبناء هذا الشعب الأصيل ، فماهى إلا خطوات قليلة حتى تألف القلوب ما قد كان غريباً عليها ، فإذا ألفته ذاب في شخصيتها وأصبح جزءاً من مكونها الرئيسي، هنا تكمن الكارثة الأخلاقية التي تنذر بمزيد من الفساد والتخلف، لذا وجب علينا أن نتناولها بشئ من المصداقية ، كما يجب علينا جميعاً أن ننأى بأنفسنا بعيداً عنها وننكرها إن لم نستطع التصدي لها والقضاء عليها ، ربما يتساءل البعض عن كيفية القضاء على
تلك الظاهرة الغريبة والدخيلة؟ متناسياً أن ابتعاده عن المشاركة في مثل هذه الفتن وإنكارها هو أهم خطوة في طريق العلاج والتداوي من مثل هذه الأمراض المجتمعية.