صدور رواية "باص أخضر يغادر حلب" لـ جان دوست
تاريخ النشر : 2019-02-16
صدور رواية "باص أخضر يغادر حلب" لـ جان دوست


باص أخضر يغادر حلب

لـ جان دوست

صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط – إيطاليا، رواية جديدة للقاص والروائي السوري جان دوست، وجاءت بعنوان "باص أخضر يغادر حلب". وفي هذا الباص، ومن مقعده يتمعن عبود العجيلي (أبو ليلى) بالمدنيين نساء ورجالاً وأطفالاً، وهم يتقاطرون من الأحياء الشرقية ليستقلوا باصات الإخلاء حسب اتفاق النظام والمعارضة. وخلال تأمله حركة النازحين تلك، يتذكَّر كيف مزّقت الحرب عائلته، من مقتل حفيدته تحت القصف، إلى مقتل زوجته في المستشفى، ثمَّ التحاق أحد أبنائه بالمعارضة، الذي أعاده لتذكّر ابنه الآخر، الجندي في جيش النظام السوري، الذي قتل أثناء حرب المخيّمات في بيروت منتصف الثمانينيات، وثمّ لجوء ابن آخر له إلى أوروبا، ومحنة ابنته الوحيدة ليلى زوجة الطبيب الجراح فرهاد الذي يخطفه عناصر داعش.

مع انطلاق الباص تحدث أمور غريبة، غير أن العجوز لا يأبه بشيء، يظلُّ يمتعّن في مجموعة من الصور جلبها من بيته الذي نهبه اللصوص وخلال هذه الصور نتعرّف أكثر على الأحداث التي مرَّت على حلب وعلى أصحاب الصور.

الرواية هذه انتصار للإنسان المدني وانحياز لأوجاعه الشخصية الخاصة، وهي من جانب آخر إدانة للحروب ورثاء للأبرياء الذين يموتون في حرب لا يملكون خيار الخلاص منها.

من الكتاب:

كان الباص يسير من دون سائق، شكّ في أمر عينَيْه، فركهما من جديد، أطبق جفنَيْه لبضع ثوانٍ، ثمّ فتحهما، فلم يجد أثراً للسائق.

التفت إلى يمينه، ليتأكد من أنَّ الباص يسير، فازداد رعباً حين رأى أن نافذة الباص تحوّلت إلى مرآة كبيرة. دقّق في وجهه، فلم يجد ملامحه. كان وجهه خالياً من الأنف والفم والعينَيْن. فقد (أبو ليلى) وجهه. مدَّ يده بخوف إلى أنفه وفمه، ثمّ عينَيْه، فوجد كلَّ شيء في مكانه. عاد للتحديق في النافذة، فتكرَّر الأمر: وجهه سطحٌ مستوٍ بلا ملامح، كأنه نصف بطّيخة. خفق قلبه بعنف حتّى سمع دقّاته، وكاد ينخلع من صدره. نظر مرّة أخرى إلى جهة السائق، فلم يجد أحداً.

شعر بجسمه ثقيلاً متخشّباً ملتصقاً بالمقعد، لا يستطيع أن يبارحه. لم يُصدِّق ما رأتْه عيناه. حتّى نظر إلى جهة السائق.

غير معقول ما يحدث هنا. خلِّصني يا ربّ.

جان دوست:

قاص وروائي ومترجم سوري، ولد في مدينة عين العرب (كوباني) سنة 1965، أول أعماله الأدبية كتاب "شعر وشعراء: قصائد مترجمة من الشعر الكردي القديم والمعاصر" صدر عام 1991، ثم تتابعت الكتب، والدراسات، والترجمات، والروايات، إلى جانب الانشغال بالكتابة الأدبية والبحث، من رواياته: "ميرنامه"، 2011. "دم على المئذنة"، 2014. "ثلاث خطوات إلى المشنقة"، 2017. "كوباني ــ الفاجعة والربع"، (الصادرة عن دار ميسكيلياني 2018). هاجر إلى أوروبا ليستقر في ألمانيا كلاجئ سياسي. يعمل منذ سنوات في ألمانيا في مجال الترجمة لدى دائرة الهجرة وفي معسكرات اللجوء. حاز على جوائز عدَّة في مجال الكتابة الروائية والأدبية.