قيس لم يعرف أن للحب عيدا ..ولا ليلى !!بقلم:حامد شهاب
تاريخ النشر : 2019-02-14
قيس لم يعرف أن للحب  عيدا ..ولا ليلى !!
حامد شهاب

لم يحتفل المجنون قيس الملوح ..ولا ليلى العامرية يوما بعيد الحب، بل لم يكن يعرفا أن للحب يوما ليحتفلا به أو يقدسانه ، كما لم يعرف إمرؤ القيس ولا حبيبته عبلة ولا جميل ولا بثينة ، ولا كل عشاق العرب الأقدمين أن للحب يوما يحتفلون به ، بل كان كل عشاق ذلك الزمان وفرسانه الأبطال قد نهلوا من قصص وينابيع الحب وكؤوس خمرته، ما يمكن أن يشكل ملاحم تبقى تنهل من عبقها الأجيال ما يكفيها لقرون من الجنون!!

واذا ما نقبنا بين ثنايا التاريخ، فإن أول عشق أو قصة حب قد بزغت في عهد هابيل مع توأمته من الشقيق الآخر هابيل، الذي هام هو الآخر بها، لكنها إختارت هابيل ، وكان مصيره ان يقتل على يد أخيه ، لأنها إختارت غيره ، ولم يكتب الله لهذا الحب أن يتحقق ويظفرا بالزواج!!

أما قصة عيد الحب وارتباطه بـ (فالنتاين) فهي من قصص الخيال  في أغلب الأحيان، حتى وان كان فيها جانب من الصحة ، وراح العشاق يحتفلون في الرابع عشر من شباط بذكراها المجيدة، وكأن قدر شباط أن يكون عيدا لولادة براعم الحب، حتى ان الشجر والخضرة تراها وهي وكأنها تريد أن ترتدي حلتها البهية في هذا الشهر الجميل، إيذانا ببدء شهر الربيع الذي يعد الأجمل في نظر العشاق ومن وقعوا في بحور الحب!!

والتاريخ العربي قبل الاسلام وبعده مليء بتجارب كثيرة عن قصص العشاق وما خلفته قصص عشقهم من تجارب مريرة وانتكاسات ، ولم تسفر أغلب تجارب الحب عن تحقيق نجاحات تذكر الا ماندر!!

وقصص ألف ليلة وليلة ، ربما كانت أحد تلك الفصول من القصص الشيقة، التي روت لنا حكايات من ملكات جمال وملوك وقياصرة ،هاموا بالجميلات، الا انه لايمكن النظر الى تلك القصص من وجهة نظر إنسانية ، الا كونها إشباعا لغرائز سلاطين أو ملوك ، لم يجدوا في إمتلاك النساء الا (متعة) للنفس، لكي يقال أنهم ، قد دخلوا التاريخ من اوسع ابوابه، ولكنها لم تقترب من قصص حب عذرية، بقدر ما كانت (هيمنة) على مقدرات النساء ،  ولم تكن لها علاقة بقصص حب ، إن لم تكن قصص (إغتيال الحب) هي من كانت سائدة في زمن سبي النساء ، وارغامهن عنوة على الزواج ممن يتربعون على كراسي العرش ، وبقيت تلك التقاليد موجودة حتى وقتنا الحاضر، إذ كان المغاربة وفي دول أخرى أقرب الى الملكية ، كما يقال، يقدمون للملك خيرة بناتهم واجملهن، لكي (يستمتع) معهن على طريقته الخاصة!!

وفي قصص الروايات التي نقرؤها والأفلام والمسلسلات التي نطلع عليها، لايخلو أي منها من قصة حب ، أو أكثر ، يحاول فيها الكاتب أن يرغم الآخرين على متابعتها والتلهف لرؤية مصير أبطالها ، ولو لم يضع هؤلاء الادباء والكتاب وحتى الفنانين قصص الحب بين ثنايا مؤلفاتهم وما ترسمه اناملهم هذه لما حظيت بالإعجاب او المتابعة من كثيرين!!

ويعد شهر الربيع ، من أفضل شهور السنة وأيامها روعة وجمالا ، وهي من تشعل جذوة الحب ونيران العشق ، حيث الطبيعة الخلابة والزهور الجميلة والاشجار التي اكتست بالخضرة، وبدأت أزهارها وهي على وشك ان تولد ثمارها وتينع ، إيذانا ببدء فصل الربيع الجميل، ولهذا تجد حتى القلوب وقد جن جنونها بهذا الفتون الساحر حتى تشتعل القلوب بلظى الحب ، التي تجد فيه ملاذها الآمن الى تحقيق أجمل ما يتمنونه من أحلام ورغبات!!

ومع هذا فلن يكون للحب يوما يحتفل به ، فهو يمكن أن يولد في فصل الصيف وحرارته اللاهبة  وقد يولد في الشتاء وزمهرير البرد ، مثلما يولد في ايام الخريف أو الربيع، فأيام الله ليس لها موعد مع الحب..وما إحتفال الملايين بعيد الحب هذه الأيام الا للتعبير عن الفرح والشعور بالارتياح ، لأن هناك موعدا تم اختياره، حتى إن لم يكن لدلالته معنى التقديس ، لكنه يبقى أفضل من وجهة نظر من يجدون في الحب سبيلهم الى حيث الشعور بالقيمة الاعتبارية ، وان أحلامهم التي تشتعل في أفئدتهم وبين أضلاع صدورهم بأن يظفروا بحبياتهم، تبقى أملا مشروعا على كل حال!!

وما ان تفتش بين أغلب قصص الزواج هذه الأيام ، لاتجد فيها للحب مكانا، الا ماندر، ويبحث الشاب هذه الأيام عن أية فتاة ، لابد وان تكون موظفة ، أو من عائلة ميسورة..أما الحب فيبقى من وجهة نظر شباب هذا الزمن ، من الدرجة العاشرة ، ويأتي في مراحل لاحقة، تنجح فيها حياتهم او تحولها الى فصول من السنين العجاف، ربما ينتهي بهم المطاف الى مالايحمد عقباه!!

تحية للعشاق والمحبين ومن هاموا في عشق الجميلات ومن يظنون أنهن فتيات أحلامهن في عيدهم ، ولهم منا كل محبة وتقدير وأياما هانئة، وقد تحققت للكثيرين منهم وبخاصة أجيالنا الشابة ما يتمنونه من رفعة وعزة ومكانة تليق بهم ، وهم ينهلون من كرؤوس الحب ما يروي عظشهم!!