رسائل الرئيس الأسد ..."أردوغان والإنذار الأخير" بقلم:د. خيام الزعبي
تاريخ النشر : 2019-02-12
رسائل الرئيس الأسد  ..."أردوغان والإنذار الأخير" بقلم:د. خيام الزعبي


رسائل الرئيس الأسد  ..." أردوغان والإنذار الأخير"
الدكتور خيام الزعبي

تتجه أنظار دول العالم خلال الأيام القليلة المقبلة إلى الأوضاع في سورية وخاصة في محافظة إدلب المحاذية لجنوب غرب تركيا والتي تعد المعقل الأخير للجماعات المسلحة في سورية، وتحاول تركيا المراوغة للدفاع عن هذه الجماعات  المسيطرة على مدينة إدلب، حيث حاولت أنقرة أكثر من مرة تأخير معركة إدلب وسعت لمنعها بهدف الإبقاء على مشروعها ومخططها الاستعماري في قضْم وابتلاع أراضٍ جديدة في العُمق السوري، من هنا يستميت أردوغان في الدفاع عن التنظيمات الإرهابية في إدلب، ويحاول طمأنتها بأن قواته قادرة على منع الجيش السوري من اقتحام المحافظة، الأمر الذي دفع وزير الخارجية السوري لصفعه وتذكيره بأن "إدلب محافظة سورية".

وجه الرئيس الأسد قبل عدة أيام رسائل قوية في غاية الأهمية بأن تحرير إدلب يشكل أولوية الأولويات سواء بالمصالحات أو بالعمل العسكري، بقوله: " الآن هدفنا هو إدلب وإنه لا خيار إلا مواصلة تنظيف المنطقة من الإرهاب ودفع المسلحين للعودة إلى تركيا" في هذا السياق عهد الرئيس الأسد، بـ"نصر نهائي" على الجماعات المتشددة  وأخواتها في سورية، وذلك بعد نجاح الجيش السوري في إلحاق هزيمة قاسية بها في مختلف المناطق، مشدداً على أن سورية  مستمرة في مكافحة الإرهاب وتنظيماته المتعددة أينما وجد على الأرض السورية ولن تتوقف حتى تُستأصل شأفة الإرهابيين أو يعودوا من حيث جاءوا، في نفس السياق يبدو الصوت الروسي والإيراني وصوت الحكومة السورية موحداً في "تصفية الإرهابيين" في إدلب، وبذلك يفقد أردوغان دوره وتأثيره على أرض المعركة في سورية.

يستطيع أي متابع للأحداث الجارية في سورية أن يدرك  بأن الهجوم سوف يستهدف في البداية الأجزاء الجنوبية والغربية من الأراضي التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة، ولن يكون للمدينة نصيب من الهجوم في المرحلة الأولى، و سيشمل بلدة جسر الشغور وسهل الغاب على الجانب الغربي من المحافظة، بالتالي فإن تحرير هذه المناطق سيتيح للجيش السوري الاقتراب من تحرير طريقين سريعين يؤديان من حلب إلى حماة واللاذقية واللذين يعتبران من أهم الطرق في سورية، كما سيعزز وجوده في الطرف الغربي لمدينة حلب تحسبا لهجوم من قبل الجماعات المسلحة على نقاط تمركزهم. وفي ذات السياق واستكمالاً للتحضيرات العسكرية التي يجريها  الجيش السوري  لبدء معركة إدلب، يواصل الجيش الروسي تعزيز قدراته وذلك بالتوازي مع إعلان روسيا عن وجود تفاهمات سياسية بين روسيا وتركيا وإيران بشأن إدلب، في حين يستعد الإرهابيون في إدلب لتنفيذ مسرحية الكيماوي بدعم غربي لإلقاء اللوم على الدولة السورية ليكون ذريعة لعدوان جديد على سورية.

في ظل التغيرات الميدانية التي تجري فيما يتعلق بتحرير إدلب، فإن الجيش السوري بات اليوم على مقربة من إعلان نصر إستراتيجيٍ لا سيما بعد هزيمة داعش في مختلف المناطق السورية، هذا الانتصار كان نكسة للقوى المتطرفة وللسياسة الأمريكية في المنطقة، فتركيا التي لم تتأخر يوماً عن دعم الإرهاب، أصبحت تجد نفسها اليوم أمام واقع مُغاير رسخه الدور الروسي الإيراني في سورية والمنطقة بأكملها، فالتدخل العسكري الروسي في سورية بالتنسيق مع إيران، قلب المعادلة في سورية، و استطاع الجيش السوري استعادة واسترداد  المناطق القابعة تحت سيطرة داعش والقوى المتطرفة الأخرى، بالإضافة إلى دفع أمريكا وحلفاؤها إلى السعي للتوصل لحل سلمي للأزمة  لأنهم أدركوا بعدم قدرة حلفاؤهم من المسلحين داخل سورية على حسم المعركة لصالحهم بسبب صمود الجيش السوري وحلفاؤه، كل ذلك يؤكد بان سورية اليوم ترسم ملامح العزة والكرامة رغم كل المؤامرات التي تحاك ضدها وأن خطاب النصر النهائي الذي سيعلنه القائد العام للجيش والقوات المسلحة بات قريباً، وأن معارك داعش باتت نهايتها قريبة في سورية.

مجملاً.... إن الرئيس الأسد حسم الموقف وإتخذ قراره بتحرير إدلب من التنظيمات المتطرفة ومواجهة الإرهاب ودحره في سورية والمنطقة بأكملها، في هذا السياق إن عام 2019م سيكون مرحلة مفصلية في تاريخ سورية كونه يحمل في جعبته الكثير والكثير من المفاجآت التي ستغير شكل المنطقة، لذلك سنتوقع في الأسابيع المقبلة أن يكون هناك تحول كبير بالساحة السورية وتطورات كبيرة تعمل على تضييق الأزمة السورية، كما أن هناك بعض الدول ستخسر رهانها بالحرب على سورية، فالأحداث والوقائع الميدانية تشير إلى إنهيار كبير بين صفوف القوى المتطرفة والجماعات المسلحة الأخرى، يقابله صمود الشعب السوري وإصراره على تحرير دولته من الإرهاب وتحطيم كافة مشروعات الدولة الدينية وأوهام الخلافة في المنطقة.

والتساؤل الذي يطرح هنا: هل ستسقط تركيا  بتهورها أم ستجر ذيول الهزيمة والإذلال؟ وهو الثمن الذي ستدفعه نتيجة أخطاءها في سورية وسعيها الفاشل لإسقاطها، وإنطلاقاً من كل ذلك، لم يتبقى أمام تركيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا أن تتراجع في سياساتها الداعمة لإرهابي داعش، والإنخراط في التسويات والترتيبات الإقليمية والدولية التي تهدف لمواجهة هذا الخطر الوجودي، كما يجب عليها إعادة النظر في الرهانات السياسية الخاطئة قبل فوات الأوان، خاصة بعدما بدأت روسيا وسورية وإيران وحزب الله  يشكلون محور القوة والتصدي لأي عدوان خارجي يهدد أمنهم وإستقرارهم.

وأختم مقالي بالقول، إن سورية التي علمت العالم ستعود مرة أخرى وتخرج من محنتها أقوى مما كانت، كون سورية لا يستطيع أحد أن ينكر أو ينسى دورها في المنطقة، فالحاقدين على سورية لا يعرفون أن  السوريين في ساعة الخطر ينسون مشكلاتهم الصغيرة، ويلتفون حول قيادتهم، حفاظاً على مصلحة الوطن العليا، وستنهض سورية من جديد، وتبث الثقة والأمان في ربوع سورية. 

[email protected]