شعب يحتاج إلى علاج بقلم ناجي امهز
تاريخ النشر : 2019-02-11
شعب يحتاج إلى علاج بقلم ناجي امهز


شعب يحتاج إلى علاج.

بقلم ناجي امهز

اصبح المواطن اللبناني يشعر ان الفرار من الدنيا بالانتحار، ومكوثه في جهنم بسبب قتله نفسه خلاف الشرائع السماوية، أهون من العيش في جحيم لبنان بضعة سنين.

لقد اصبحنا في زمن يكفي ان تسأل المواطن بماذا تشعر حتى تجده يشتم بكل اللغات هذه الحالة ألتي وصل اليها، وينزل السماء على رأسك من شدة حزنه وغضبه.

وبما اني لا اريد ألتكلم عن اسباب الانتحار في لبنان التي أصبحت شبه عادية، ونسمع عنها يوميا، منها ينجح ومنها يفشل، وكأن الجميع يحاول الخروج من وطن البؤساء.

فانه يمكن وصف الحياة الرتيبة المميتة في لبنان التي جعلت عدد غير قليل من الشباب والشابات الذين فقدوا الامل بالنجاح والعمل يتوجهون الى الانتحار اما بالمخدرات او الانحراف او حتى بقتل أنفسهم، وعندما نتكلم عن انتحار الشباب بسبب مشاكلهم السطحية، يصبح من الطبيعي جدا ان تسمع عن انتحار ام لأطفال او إطلاق رب لأسرة النار على رأسه او إضرام النار بجسده بسبب عجزه عن تأمين المسكن والطعام والطبابة والتعليم والماء والكهرباء في بلد لا يوجد فيه إلا البطالة والفقر.

فاليوم أصبح الانتحار في بلد مثل لبنان يعادل الموت الرحيم بسبب عدم اللامبالاة من قبل الجميع، فالسياسي أصبح جل همه تزييف الحقائق وأن أخبرته عن الفقر والعوز والحرمان أعلن الحرب عليك ارضاء لزعيمه، كما ان رجل الدين الذي ينظر إليك على انك مجرد صندوق للتبرعات، او انك تابع من أتباعه ومن دونه ستكون مجرد ضرير بالحياة وتحشر يوم الدينونة في جهنم ان أخبرته عن ما يجري من ظلم، رمى كل الحق على الشعب المفروض عليه ان يزحف على يديه ليسمع حديثه المحترم، بمعنى اوضح لا احد مستعد ان يغير شيء حتى الأقارب تخلوا عن وحدة الدم وصلة الرحم، بسبب الظروف القاهرة وأصبح لكل مواطن زعيم يعبده على حساب كل شيء، وعندما تقول للمواطن ان الزعيم الذي يقبل لشعبه ان يعيش بالفقر دون ماء وكهرباء وبلا عمل هو بالحقيقة مجرد دراكولا يستغل الشعب ليمص دمه، تجد هذا المواطن مستعد ان يقتلك وينتحر، فقط ليبق الزعيم.

كما ان مشاهدة التفاوت الطبقي وحياة الأثرياء والزعماء وزوجاتهم واولادهم وهم يعيشون بترف ورغد الحياة وفائض من البحبوحة على حساب افقار الشعب وافلاس الخزينة، يشعر المواطن الفقير بالغضب الذي يصل حد الانتحار بسبب عجزه عن التغيير وخاصة وهو يشاهد نيران الفقر تلتهم اسرته مما يؤدي الى تفككها وانهيارها وضياع كل ما كان يحلم فيه من خلال بناء اسرة صغيرة يسكنها الفرح وتعمها السعادة والنجاح والسلام.

ولكن رغم كل هذه المآسي، وما وصلنا اليه من فقر وبؤس وشقاء، وهذا الكم الكبير بأعداد الانتحار، إلا انه لا يمكنك ان تلوم بعض من هم في السلطة او تحملهم وزر هذه النتائج الكارثية، لانك ان قرأت تاريخ غالبية هذه الطبقة السياسية، لوجدت أنهم أمراء حرب وعلة وجودهم ومهمتهم الأساسية هو إضرام النار في لبنان واحراقه هو وشعبه، لذلك مع كل عملية انتحار لمواطن لبناني او انتشار لخبر ان لبنان على وشك الافلاس والانهيار، صدقني ستشاهد غالبيتهم يبتسمون اكثر وتسمع قهقهات ضحكاتهم اعلى، لانه وبكل بساطة، هذه المشاهد المرعبة من عمليات الانتحار والهجرة الجماعية للشعب اللبناني، هي تفرحهم وتؤكد أنهم يقتربون من تحقيق هدفهم وهو تدمير لبنان وافراغه من شعبه وخاصة بعد ان فشلوا بتحقيق هذه النتيجة إبان الحرب الأهلية.

وفي الختام ان الشعب الذي ينتظر من فئة كانت تخطف وتقتل بدم بارد وتسرق وتنهب وتدمر طيلة 15 عاما ان تبني وطنا، فهو حتما شعب يحتاج إلى علاج.