الاجهاض الانتقائي (وأد البنات) بقلم : نادية عبد الهادي عتيق
تاريخ النشر : 2019-02-11
الاجهاض الانتقائي (وأد البنات)  بقلم : نادية عبد الهادي عتيق


   بقلم : نادية عبد الهادي عتيق 8/2/2019م

الاجهاض الانتقائي (وأد البنات)

هذا التمييز القائم على اساس الجنس ليس جديدا بل هو منذ عصر الجاهلية , حيث كان يعتبر قدوم الانثى هو عار يجب التخلص منه و كانو يقومون بدفنها لأسباب عدة  أما الذكور فكانت لهم السلطة والمكانة .  

وجاء الاسلام وبدأت هذه العادات  تختفي , الا انها عادت في هذا العصر , بشكل مختلف و متطور ليتناسب التطورات الحاصلة .وذلك بالإجهاض عند معرفة جنس الجنين قبل ان يولد او في اختيار جنس الجنين عند التلقيح الصناعي تحدد جنس المولود ،حكم بحرمان الانثى من الحياة لاعتبارات عديدة , فمنهم من رأى ان الاجهاض بشكل عام حق لجسد المرأة  تتصرف به كما تشاء، ومنهم من جاء بحجج واهنة لإقناع المرأة باختيار نوع المولود في التلقيح الصناعي حتى لا تضطر لتكرار الانجاب مرات ومرات حتى تنجب مولود ذكر.

و اشارت الدراسات انه تم وأد 160 مليون أنثى في اسيا وهذه جريمة بحق الإنسانية من شأنها الإخلال بالتوازن الطبيعي للجنس البشري  فالبعض يلجأ اليه بسبب سياسات الدولة مثل سياسة الطفل الواحد كما هو بالصين ، وذلك مرتبط بأسباب اجتماعية واقتصادية ترتبط بثقافة  مجتمع الصين الشرقي: بأن الفتيات قد تٌمثل عبئا اقتصاديا في الوقت الذي يساعد الفتيان الوالدين في تحمل الأعباء الاقتصادية و ينظر إليهم على أنهم السند الرئيسي للآباء المسنين وورثة اسم العائلة..

وهذا يبين لنا ان مدى تجذر الموروث الثقافي المترسخ في ذهن المجتمع حول ثقافة تفضيل الذكور والتي انتقلت من جيل الى جيل رغم التطورات الحاصلة . 

في الهند "ادفع 500 روبية الآن ووفر 50 ألفا في المستقبل" :, اشارة الى ارتفاع تكاليف زواج الفتاة مقارنه بتكاليف اجهاضها ، هذا الارهاق الاقتصادي الذي يتعرض له الاهل عند زواج بناتهم مما يؤدي الى اللجوء الى التخلص منهن قبل الولادة او بعدها مباشرة بدل من اللجوء لحل المشكلة من جذورها باتباع سياسة تخفيف المهور .حيث تصل نسبه قتل الاجنة الاناث  الى حوالي 2000 حالة يوميا .

. للعلم , ليست الأسر الفقيرة هي فقط التي تفضل المواليد الذكور فقد أظهرت دراسة أن قتل الأجنة منتشر حتى في العاصمة الهندية ان اغلبية عمليات الإجهاض على أساس الجنس، تشيع بين عائلات على درجة عالية من التعليم والثراء.

اذن فالحجج القائمة على الوضع الاقتصادي  للتخلص من الجنين الانثى هي حجج واهنة , وبالتالي فان هذا يؤكد على مدى تأثر الفكر المجتمعي الذكوري والذكوري الشرقي بشكل خاص بالفكر الابوي وسيطرته وشرعنة سيادته ،واعطاء الذكر المكانة الاجتماعية والتاكيد على دونية الانثى.

لم يكن الوضع في فيتنام اصلح حالا , حيث ان المجتمع  يحمّل المراة مسؤولية انجاب الاناث واحيانا يتعرضن للضرب والتعنيف لعدم انجاب الذكور .وذلك لان, "بعض الرجال يشعرون أنهم ليسوا رجالا حقيقيين إذا لم ينجبوا ذكورا". هذا التخلف الحقيقي الذي   فيه تحقير  من الرجل لذاته والذي يختزل رجولته في صبي صغير.  

وتقدر بعض العادات والتقاليد الأبناء الذكور على أساس أنهم هم الذين يقومون برعاية الآباء المسنين،  وهذا يظهر تكريس المفاهيم الخاطئة حول ولادة الانثى وتقبلها مقارنة بتفضيل المولود الذكر،اضافة للمفهوم الاقتصادي والاعتقاد التقليدي ان الرجال هم اصلح لادارة الاموال من النساء وبالتالي الحفاظ على ارث العائلة . 

وأد البنات في الدين:

إن وأد البنات محرم في الدين الاسلامي كما أنه يتسبب بأضرار خطيرة للمجتمع ففي حالة وأد البنات تزداد نسبة الذكور على النساء، مما يؤدي إلى تناقص الولادات فالمرأة خصها الله - سبحانه -بالولادة والإنجاب، وبنقصان عددها في المجتمع يتناقص هذا المجتمع إلى أن ينقرض، ويتلاشى.

من جهه اخرى : افتى بعض علماء الدين انه لا بأس بعملية تحديد جنس الجنين عند الضرورة، بإشارة إلى وجود مشكلات عديدة بسبب ولادة نوع واحد من الأبناء، و أن هناك نساء يتعرضن للاضطهاد والضغط النفسي لهذا السبب.. وعند النظر لهذه الفتوى نجد انه الاولى ان يكون هناك فتوى تحرم تعرض النساء للاضطهاد النفسي بسبب  جنس المولود .

ومما سبق نرى ان هذا الفارق الكبير بين  نسبة الذكور ونسبه الاناث  لا يتوقف اثره على النساء فقط بل انه يطال المجتمع ككل , فوجود مجتمع  من الرجال العازبين يؤدي الى كوارث انسانية وخلق مجتمعات غير سوية وانتشار للجرائم والشذوذ  , وقد اعتبرته بعض المؤسسات المدافعة عن حقوق النساء كحل حتى لا تلجأ النساء الى الاجهاض بطرق غير آمنة .

تستوقفنا هذه  الافكار والمبررات, فكيف نحل المشكله بمشكله اكبر  بعد كل هذا التطور الحضاري الذي توصل اليه العالم ؟اليس الاجدى ان نتوصل الى حلول  اسمى من السماح بالاجهاض ؟ فالتوعيه  والفكر الحضاري هو الطريق الاسلم لمثل هذه المعضلة , حين يدرك الرجل ان الانثى هي من صلبه كما هو الذكر وتستطيع ان تسنده في كبره  ان انشأها تنشئة سليمة , وان لافرق بينها وبين الذكر .

احدى النساء  هددتها ام زوجها بان انجاب انثى مرة اخرى فعل يجب ان لا يتكرر, امراة تقف بوجه زوجة ابنها حين تنجب انثى , اليست هي انثى ؟؟ حتى المرأة تجلد المراة 0

تتغير الازمنة وينتقل معها توارث لعادات بالية ،تتجدد بالشكل الذي يناسب  الزمن  بتغيير شكلي دون المساس بالمحتوى ، فالاجهاض الانتقائي هو من ابشع الجرائم التي تتعرض لها الانسانية ، قتل لنفس قد تكون صالحة وعقل مدبر ومفيد للبشرية ، فلا احد يعلم  الى اين ممكن ان تصل هذه الانثى لو قدر لها الحياة , قد تكون فتاة صالحه لاهلها ومجتمعها .

 اضافة الى الخطر الذي تتعرض له الام في حال ارغامها على الاجهاض او حتى ان كان برغبتها التخلص من الحمل لاعتبارات اجتماعية او اقتصادية او... الخ , كيف يعطى الحق بمنح الحياة او عدمها لمخلوق من مخلوق !

هذه الجرائم يجب العمل على اجتثاثها من جذورها , آفات اجتماعية تتعدى سلبياتها لتطال جميع نواحي الحياة ,يجب تكاتف الجهود من اجل ذلك , من خلال التوعية المجتمعية باهمية دور الاناث وتقبلهن في المجتمع ليعملن يد بيد مع الرجل لبناء مجتمع راقي متحضر

 التوعية الطبية لمضاعفات عمليات  هذا النوع من الاجهاض سواء كان تحت اشراف طبي واثره على الام او كان بطرق اخرى قد تكون غير امنة وبالتالي وفاة الام او تعرضها لمشاكل صحية كبيرة .

بالاضافة الى رجال الدين  وتركيز الخطاب الديني على هذا الموضوع بطريقة صحيحه بعيدا عن المغالطات التي تنسب للدين والدين بريء منها .

واخيرا العنصر الاهم وهو المرأة نفسها ,ان لم تقف لمناصرة قضاياها فلن تجد من يطالب لها  بها ،رغم ان هذه القضية بالذات هي قضية انسانية بالدرجة الاولى قبل ان تكون قضية نسوية , فالانثى هي انسان , أي انها لبنه اساسية من لبنات المجتمع، يجب تكريمه والحفاظ عليه.