صدور المجموعة الشعرية "ماتريوشكا" لـ فدوى الزياني
تاريخ النشر : 2019-02-09
صدور المجموعة الشعرية  "ماتريوشكا" لـ فدوى الزياني


صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط – إيطاليا، مجموعة شعرية جديدة للشاعرة المغربية فدوى الزياني، وجاءت بعنوان "ماتريوشكا". قصائدُ الشاعرة فدوى الزياني في هذا الكتاب، لا تُشبه الدُّمية الروسية فحسب، واحدة داخلَ أخرى وهكذا؛ إنَّما تنفلتُ بقسوةٍ من قبضة الوحدة، ذلك الألمُ الذي لا يتشَبَّه، ولا يمكنُ مداراته بين صمتٍ وصخب، بين غيابٍ وحضور، بين لحظةِ حبّ ولحظةِ نكران، وبين البين ابتساماتٌ مُقفلة، وعيونٌ مقفلة، وتعاساتٌ تُحصى بجديّة، كما نقرأ في قصيدة عنوان الكتاب:


لليلةٍ واحدةٍ فقط

أريدُ أن أكونَ جادّةً مع الوحدة

جادّةً مثلَ أزمةٍ قلبية

صارمةً مثلَ صانعِ ألعابٍ روسيّ

ومثلَ قاتلٍ متسلسلٍ مريضٍ بالفُصَام

أُفاجِئ زهوَها بالحياة

أُغطّي وجهَها المذهولَ بوسادة

أسمعُ خُوَارَها الأخيرَ في قَعْر اللعبة

وأخرجُ لأشباهي أُخبرُهم

أيّها الوجهُ الكئيبُ المزخرف،

أيّتها العيونُ المطفأةُ، يا تعاسَاتي المُختلفة

لقد أصبحْنا وحيدين الآن

وحيدين للغاية.

في قصائد فدوى الزياني مزجٌ واعٍ بين أشياء عادية يوميّة، وأساطير وحكاياتٍ تاريخية، تلتقطُ الشاعرة مشهداً مفصلياً منها، أو محاكاة تفتحُ القصيدة على أكثر من جهة. وهي في طريقها لتكتب تاريخها وشعريتها الخاصة، تحضرُ الحروب، كما المعارك الصغيرة الحميمة، يحضرُ اللاجئون والنازحون والموتى والأنبياء الجدد، تحضرُ القصائدُ الطويلة بحجم المسافات التي تقطعها الأقدام الحافية، والأجساد العارية، والقلوب المكسورة، يحضر ربُّ المسافات الطويلة، وتحضر الوحدة مكثَّفة طاغية وثقيلة كقفل صدئ في باب قلعةٍ قديمة.

في قصيدة "في المرَّة القادمة" نقرأ لفدوى:

الكلماتُ عمّالٌ متعبون

الكلماتُ أجنحةٌ للموتى الأطفال

الكلماتُ أرواحُ أُمّي التي لا تُرَى

الكلماتُ شِعْرٌ فارغُ الذرائع

والفكرةُ الخائفةُ حين تُسقِطُنا

تخرجُ بنا إلى الوجودِ أجنّةً ناقصة.

تمنحُ فدوى الزياني، الكثيرَ من نفسها للشِّعر، لقصائد لو رُسمت لكانت بورتريهات متعدِّدَة لشخصِ الشاعرة، لذكرياتها وهواجسها التي تبدأ من سيجارة واحدة قد لا تكفي لإسقاط سقف الوحدة، ولا تنتهي بمآسي الحروب والتشرُّد والضياع بين القتل والدماء وأنانية إنسان هذا العصر. نقرأ ونرى فدوى طفلةً وامرأة ناضجة وعاشقة مجنونة ومحاربة متمرّسة، وبدل أن تكون فراشة تؤثر الحلزون، كما جاء في عتبة الكتاب، لا لشيء سوى لتترك في الطريق، طريقِ الشعر،