أمينه رزق و البراعة السينمائية بقلم:وجيه ندى
تاريخ النشر : 2019-01-31
أمينه رزق و البراعة السينمائية بقلم:وجيه ندى


أمينة رزق والبداعه السينمائيه
وجيــه نـــدى بحار كل الفنون و حياة الفنانه امينه رزق – عاشت تنشر الحب والسلام كلما أطلت علينا من خلف الشاشة أو كلما حضرت لتجسد دورا لبطولة في إحدي المسرحيات، فلقد كان الفن بالنسبة إليها بمثابة مانح الحياة ومفجر الطاقات، ان راهبة المسرح المصري القديرة ولدت «أمينة محمد رزق الجفري» وهذا هو اسمها كاملاً في مدينة « طنطا » و محافظة الغربية 15 ابريل 1910 و الأب رحل مبكراً وهذا ما جعل «أمينة» تترك بلدها مع أسرتها وترحل إلى القاهرة عام 1918 ولم يكن عمرها قد تجاوز 8 سنوات وكان رحيلها نابعاً من رغبة خالتها «أمينة محمد» والتي تكبرها بأعوام قليلة والتي كانت تهوى الفن والتي أصبحت فيما بعد فنانة مسرحية وسينمائية وراقصه معروفة في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات.. وقد خضعت أمينة وهي الطفلة التي لم تتجاوز الـ8 سنوات لرغبة خالتها وسافرت معها إلى القاهرة لأن أمينة ايضاً كانت تشاركها حب الفن من خلال ترددها على السيرك وحفلات المسارح الجوالة التي تقام في طنطا سنوياً أثناء الاحتفال بمولد العارف بالله سيدي «احمد البدوى
البدوي» وفي القاهرة نزلت أمينة مع خالتها في حي «روض الفرج» وكان النزول في هذا الحي مقصوداً لأنه كان شارع الفن المليء بالفرق الفنية والمسارح حين ذاك وفي هذا الشارع تفتحت عيون أمينة على هذا العالم الفني المدهش والتحقت أمينة ومعها خالتها بمدرسة « ضياء الشرق» بحي عابدين وعملاً في فرقة «علي الكسار» الذي كان يقدم مسرحياته على مسرح «روض الفرج» وشاركت أمينة وهي في فترة مبكرة من حياتها مع «الكورس» في فرقة الكسار التي كانت تقدم بعض العروض والاستكشات الغنائية.
وبعد فترة لم تطول في التجوال بين الفرق الفنية في شارع روض الفرج تأتي أهم محطة ونقلة فنية في حياتها عندما التحقت بفرقة «رمسيس» التي يملكها ويقدم عروضها الفنان الكبير يوسف وهبي وكانت هذه النقلة الهائلة سببها الصدفة البحتة عندما التقت هي وخالتها «أمينة محمد» في رحلة بالقطار مع « احمد عسكر » سكرتير فرقة رمسيس وعندما علم بحبهما للفن واشتغالهما مع أكثر من فرقة في روض الفرج قرر ان يقدمهما ليوسف وهبي الذي اسند لهما دورين صغيرين في مسرحية « ديفيد كوبر فيلد » وكانت المرة الأولى التي تصعد فيها أمينة رزق على خشبة مسرح رمسيس مع يوسف وهبي الذي أصبح فيما بعد أستاذها ومعلمها الأول وكان ذلك في منتصف أكتوبر عام 1924.. بعد ذلك أشركها في مسرحية « راسبوتين » واستطاعت ان تثبت وجودها كممثلة ما جعل يوسف وهبي يعتمدها هي وخالتها كفنانتين عضويتين في فرقته مقابل مبلغ شهرياً.

لم يمض وقت طويل إلا وكانت أمينة رزق من أهم ممثلات فرقة رمسيس وتركت خالتها «أمينة محمد» الفرقة بعد ان اكتشفت ان ابنة أختها أمينة رزق قد تفوقت عليها وهي الأكبر سنا منها والأكثر موهبة كما كانت تظن. وما هي إلا شهور قليلة ويحدث خلاف بين يوسف وهبي وبطلة فرقته الفنانة « روز اليوسف » وتغادر على اثر هذا الخلاف مسرح رمسيس فما كان يوسف وهبي إلا ان اعتمد على أمينة رزق لتكون بطلة لفرقة رمسيس رغم انها لم يمض على التحاقها بالفرقة سوى فترة قليلة للغاية وخشيت أمينة رزق من ان تحتل مكان روز اليوسف التي تعتبرها مثلها الأعلى.. لكن روز اليوسف بما تملكه من أفلام عالية أخبرتها انها لا ذنب لها في خلافها مع يوسف وهبي وتمنت لأمينة رزق التوفيق كبطلة جديدة لفرقة رمسيس ومن خلال هذه الفرقة قدمت أمينة رزق العديد والعديد من المسرحيات على مدى سنوات عديدة وعندما حل يوسف وهبي فرقته انتقلت أمينة إلى الفرقة القومية للتمثيل التي أصبحت فيما بعد «المسرح القومي» وأمضت أمينة في مسرح الدولة ما يقرب من 25 عاماً وصنعت خلال هذه السنوات الطويلة تاريخياً مسرحيات هائلا وحافلا بالعشرات بل المئات من المسرحيات ان أمينة رزق هي واحدة من سيدات المسرح المصري وفي مقدمة فناناته الكبار تعلمت أمينة رزق في مدرسة يوسف وهبي حتي صار النجاح توهجا والتوهج نوعاً من أنواع العشق للمهنة لذلك في عام 1925 أسند لها أول دور رئيسي هو دور ليلي الفتاة اليتيمة العاشقة في مسرحية «الذبائح» لأنطوان يزبك، ومنذ عام 1930 أسند إليها أدوار البطولة بالتبادل مع الفنانة فردوس حسن بعد تخلف الممثلة الأولي زينب صدقي عن السفر مع الفرقة في إحدي رحلاتها للخارج وبعد ان تأكد خروج زينب صدقي من الفرقة نهائيا أصبحت أمينة رزق بطلة الفرقة بلا منازع ومن هنا وقفت أمام معلمها وجها لوجه كبطلة في عشرات المسرحيات مثل « أولاد الفقراء »، «إيثان الهائل»، «الطمع»، « عطيل »، « بنات اليوم»، « فاجعة علي المسرح »، « قلوب الهوانم »، « مجنون ليلي »، « كرسي الاعتراف »، « حب عظيم » وغيرها من المسرحيات، وفي عام 1944 وبعد وفاة اسمهان حل يوسف وهبي فرقته المسرحية فانضمت أمينة رزق إلي الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقي ثم فرقة المسرح القومي ابتداء من 1958 مع سائر أفراد الفرقة وأعرق الفرق المسرحية في الوطن العربي- وعرفها الجميع براهبة المسرح المصري لم تتزوج بسبب حبها الشديد ليوسف وهبي وكثيرا ما ذكرت «ان يوسف وهبي تقدره كفنان وكإنسان زي والدها وتزوج على يدها أربع مرات ». أن القديرة أمينة رزق خاضت تجربة الخطبة إذ تقدم لخطبتها رجل ثري صديق ليوسف وهبي لكنه حاصرها وكاد ان يدمرها فنياً ففسخت الخطبة وفي عام 1928 كانت بداية عمل أمينة رزق في السينما وكانت السينما المصرية في مرحلتها الصامتة وكان فيلمها الأول هو « سعاد الغجرية » ومن إنتاج شركة «الفيلم الفني المصري» وكن يمتلكها ويديرها أجنبيان هما الايطالي «أماديو بوتشيني» والفرنسي «جاك شوتز» الذي لم يكتف بالمشاركة في إنتاج الفيلم بل قام بإخراجه أيضاً وكان الفيلم من بطولة فردوس حسن وعبد العزيز خليل.ومحمد التونى و عبد الحميد القلعاوى ولم يحقق الفيلم

النجاح الجماهيري المنتظر ونال هجوماً نقدياً لازعاً بسبب سوء مستواه الفني وتصويره للمرأة المصرية بشكل لا يليق لذلك نالت أمينة رزق نصيبها من لهذا الهجوم النقد. وهذا ما جعلها تبتعد عن السينما لعدة سنوات. قبل ان تبدأ بدايتها الحقيقية وكانت من خلال فيلم «أولاد الذوات» أول فيلم ناطق في السينما المصرية وكان من إنتاج وبطولة يوسف وهبي وإخراج محمد كريم. وحقق الفيلم نجاحاً هائلاً وحظيت أمينة رزق على إشادة النقاد ما اعتبرته رد اعتبار لها على مغامرتها الأولى في فيلم سعاد الغجرية التي كانت مع أجانب تمثيلاً وإخراجاً وكان هذا الفيلم بالفعل البداية الحقيقية لأمينة رزق في السينما = وقررت ان تتفرغ للفن فقط فمثلاً في مجال السينما بزغ نجمها كممثلة قديرة في أدوار الزوجة المخلصة والأم الحنون إذ ظهرت أمينة رزق لأول مرة علي الشاشة في فيلم «أولاد الذوات» موسم 1931،واخراج محمد كريم وشاركها التمثيل يوسف وهبى و سراج منير ودولت ابيض ولاول مره روحيه خالد ثم توالي ظهورها في أفلام عديدة منها « اولاد الذوات مع يوسف وهبى واخراج محمد كريم – وفى موسم 1935 الدفاع اخراج وتمثيل يوسف وهبى - المجد الخالد » ، «الدكتور»، «قلب امرأة»، «أولاد الفقراء»، «عاصفة في بيت»، «البؤساء»، «الطريق المستقيم»، «يد الله»، «عاشت في الظلام»، «العاشق المحروم» و«أريد حلا» وفي شبابها كانت تجسد أدوار الفتاة الرقيقة الوديعة نظرا لطبيعة شخصيتها وتأثرها الواضح بمدرسة يوسف وهبي الميلودرامية في الأداء وحينما تقدم بها العمر احتضنت تجسيد دور الأم في المسرح والسينما والإذاعة انطلقت أمينة رزق سينمائياً لتقدم خلال الفترة المتبقية من الثلاثينيات ثلاثة أفلام أخرى هي «ساعة التنفيذ» 1938 من إنتاج وبطولة وإخراج يوسف وهبي «قيس وليلى» 1939 شاركها البطولة بدر لاما وأخرجه شقيقه إبراهيم لاما والفيلم الثالث حمل اسم «الدكتور» وشاركها البطولة سليمان نجيب وكان الإخراج لنيازي مصطفي وكان هذا عام 1939 أيضاً.
نأتي إلى حقبة الأربعينيات في مشوار أمينة رزق السينمائي التي كانت حقبة زاخرة بالإحداث وبايتها بفيلم «قلب امرآة» 1940 مع المخرج توجو مزراحي. وقدمت خلال هذه الحقبة «22» فيلماً وحاولت خلال هذه الحقبة أيضاً ان تخوض تجربة الإنتاج السينمائي لتحذو حذو فنانات مصر المنتجات أمثال آسيا وفاطمة رشدي وعزيزة أمير وبهيجة حافظ فتشارك في انتاج فيلم «قبلة في لبنان» عام 1945 وتؤسس شركتها للإنتاج السينمائي وتنتج فيلم «ضحايا المدينة» 1946 وقامت ببطولته وشاركها البطولة يحيى شاهين وأخرجه نيازي مصطفى. وخلال هذه الحقبة تبلغ أمينة رزق مرحلة النضج الفني وتتنوع أدوارها ما بين الفيلم البدوي مع المطرب محمد الكحلاوي في فيلم «أحكام العرب» عام 1947 وما بين الأدوار الاجتماعية كما في أفلام «البؤساء» 1943 مع المخرج كمال سليم والمأخوذ من الرواية العالمية الشهيرة التي تحمل نفس الاسم للأديب الفرنسي «فيكتور هوجو» كما جسدت دور الزوجة والحبيبة لكن يظل أهم ما في هذه المرحلة هو بداية تجسيدها لدور الأم وكان هذا في فيلمين من

أهم أفلام هذه الحقبة هي «الأم» 1945 مع المخرج عمر جميعي- و«ليلى في الظلام» مع توجو مزراحي عام 1944 ومن أشهر أفلام أمينة رزق خلال هذه المرحلة «قلب امرأة» عام 1940 مع المخرج توجو مزراحي- «عاصفة على الريف» 1941 من إخراج احمد بدرخان «أولاد الفقراء» 1942 بطولة وإخراج يوسف وهبي - «كليوبترا» 1943 مع المخرج إبراهيم لاما «الطريق المستقيم» وهو من أفلامها المهمة التي جسدت خلالها دور الأم في هذه المرحلة من مشوارها السينمائي وشاركها بطولته يوسف وهبي وأخرجه توجو مزراحي عام 1943 «برلنتي» 1944 بطولة وإنتاج يوسف وهبي «ملائكة في جهنم» 1947 مع المخرج حسن الإمام «السعادة المحرمة» 1948 مع المخرج السيد زيادة وشاركها بطولة هذا الفيلم محسن سرحان واختتمت هذه المرحلة بفيلمين مع المخرج احمد كامل مرسي عام 1949 الأول كان يشاركها بطولته سليمان نجيب أما الفيلم الثاني فحمل اسم «كل بيت له راجل» وكان من الأفلام القليلة للغاية التي لعب فيها محمود المليجي دور البطولة المطلقة.
ونأتي إلى حقبة الخمسينيات والتي تعد من أهم المراحل السينمائية في مشوارها السينمائي الذي امتد لما يقرب من 70 عاماً متواصلة قدمت خلاله ما يقرب من 150 فيلماً. لنرى ان دور الأم التي قدمته في سن مبكرة من عمرها وفي أفلام الأربعينيات مع المخرجين أمثال عمر جميعي وتوجو مزراحي قد ترسخ أكثر خلال هذه المرحلة وهكذا أخلقت أمينة رزق بقدرتها على الطبيعة في الأداء وبحنانها الصادق الصافي نموذجاً منفرداً للأم المصرية والعربية على شاشة السينما وهذا ما جعل النقاد يرونها الأم الأولى في السينما المصرية أو «أم السينما. أشهر أفلامها خلال حقبة الخمسينيات «مصطفى كامل» 1952 مع المخرج احمد بدرخان- «قلبي على ولدي» مع بركات- «حب في الظلام» مع حسن الإمام- «بائعة الخبز» من إخراج حسن الإمام أيضاً والأفلام الثلاثة عام 1953-«أربع بنات وضابط» بطولة وإخراج أنور وجدي عام 1954-«أين عمري» 1956 مع المخرج احمد ضياء الدين- «صوت من الماضي» مع المخرج عاطف سالم- واختتمت هذه المرحلة بواحد من أهم أدوارها على شاشة السينما في واحد من أهم أفلام السينما المصرية وهو فيلم «دعاء الكروان» 1959 مع المخرج بركات.. وفي هذا الفيلم الذي يعد من كلاسيكيات السينما تقدم أمينة رزق دور أم من منطقة بدوية تعاني من قسوة الحياة والظروف وهي تحاول حماية ابنتيها اللتين في سن الشباب ويرى النقاد ان أمينة رزق في هذا الفيلم وصلت بأدائها إلى درجة غير طبيعية من الصدق والأستاذية رغم الميلودراما التي صبغت دورها وتجلت كل العناصر التي جسدتها في مرحلة الأمومة منذ منتصف الأربعينيات وحتى آخر أفلامها في أدائها لدورها في هذا الفيلم اوكما ختمت الخمسينيات بهذا الفيلم الرائع الأسطوري نراها تفتح حقيبة الستينات وأحد أهم أدوارها السينمائية فيلم «بداية ونهاية» 1960 الذي أخرجه صلاح أبو سيف عن رواية شهيرة لنجيب محفوظ.. في هذا الفيلم نجد أمينة رزق أماً لأربعة من الأبناء ثلاثة شباب وفتاة وتواجه الأسرة التي تقودها الأم بعد رحيل الأب قسوة الحياة وانعطافاتها القاسية

ويتأرجح أداء أمينة في هذا الفيلم بين القوة والضعف. الإيجاب والسلب فهي وان كانت تحاول تحمل صعاب الحياة وقسوتها وتساير الظروف إلا انها تفشل في اكتشاف طبيعة أبنائها ما يجعلها تواجه مصائر غامضة لهؤلاء الأبناء وفي هذا الفيلم أيضاً بلغت أمينة رزق القمة في الأداء وهي غارقة في أجواء ميلودراما قاسية فرضتها الأحداث فتأرجحت بعبقرية بين قمة القوة الي قمة الضعف والسلبية والعكس ويرى النقاد ان دورها سوى ممثلة كبيرة وقديرة. أفلامها خلال الستينيات لنرى أفلاماً مثل «نهر الحب» 1960مع عز الدين ذو الفقار- «مولد مع الماضي» 1961 من إخراج محمود ذو الفقار- «التلميذة» 1961 مع حسن الإمام- «الشموع السوداء» 1962من إخراج عز الدين ذو الفقار- «كلهم أولادي» 1962 للمخرج احمد ضياء الدين- «رسالة من امرأة» 1962 لصلاح أبو سيف- «شفيقة القبطية» 1963مع حسن الإمام- «حكاية جواز» 1964 مع المخرج حسن الصيفي- «أرملة وثلاث بنات» من إخراج جلال الشرقاوي- «المماليك» مع المخرج عاطف سالم- «الوديعة» من إخراج حسين حلمي المهندس. والأفلام الثلاثة عام 1965 «-شيطان الليل» 1966 مع نيازي مصطفى- وتختتم هذه المرحلة بواحد من أهم أفلامها أيضاً ومن أهم الأفلام المصرية وهو «قنديل أم هاشم» الذي أخرجه عام 1968 كمال عطية وقام ببطولته شكري سرحان وسميرة احمد وكان الفيلم مأخوذاً عن واحدة من أشهر روايات الكاتب الكبير يحيى حقي وقدمت ما يزيد عن 150 فيلماً معظمها من أهم أفلام وكلاسيكيات السينما المصرية.. عاصرت طوال مسيرتها السينمائية كل الأجيال.
لا تنسى في أفلام خالدة وأصبحت أماً لكبار نجوم السينما المصرية بمختلف أجيالها واعتبرها النقاد والجمهور رمزاً مشرفاً للأم المصرية والعربية.. ورغم انها كإنسانة لم تتزوج ولم تكن أماً ولم تجرب بشكل حقيقي مشاعر الأمومة. فمن أين أتت بكل هذه المشاعر وكل هذا الحنان كأشهر ام عرفتها السينما المصرية ؟!! ان أمينة رزق كانت وستظل احد عباقرة فن التمثيل المصري والعربي واحد أهم رموز الفن المصري والعربي وهي بكل تأكيد أم السينما المصرية.
وكما أنهت حقبة الستينيات بفيلمها الشهير «قنديل أم هاشم» تبدأ السبعينيات بواحد من أهم أدوارها عندما جسدت شخصية «حليمة السعدية» مرضعة الرسول «صلى الله عليه وسلم» في الفيلم الشهير «الشيماء» عام 1972 مع المخرج حسام الدين مصطفى والنجوم احمد مظهر وسميرة احمد التي جسدت شخصية «الشيماء» وكانت أمينة رزق في هذا الدور تدرك أهمية الشخصية التي تجسدها. فأكسبتها أبعاداً روحية شفافة وجوانب نورانية تليق بالشخصية وظهر هذا واضحاً على الشاشة ما يدل على تمتعها ببراعة فائقة في فهم أبعاد وتفاصيل شخصياتها.. ومن أهم أفلامها خلال هذه المرحلة «بمبة كشر» 1974 مع المخرج حسن الإمام «أخواته البنات» 1976 مع بركات- «لا وقت للدموع» 1976 «الشياطين» 1977 مع حسام الدين مصطفى- «السقا مات» 1944 مع صرح أبو سيف- «المجرم» 1978 مع أبو سيف أيضاً وبالطبع هناك الفيلم الشهير «أريد حلاً» عام 1975 مع بركات وفاتن حمامة

ورشدي أباظة. وقدمت خلاله دوراً لم يتجاوز على الشاشة سوى «4» دقائق جسدت خلال هذه الدقائق القليلة دور زوجة وأم تواجه قسوة المجتمع والظروف الصعبة والجحود والإهمال وقد نالت عن هذا الدور الصغير التي جسدته بعبقرية فائقة جائزة الدولة في التمثيل وفي المرحلة الأخيرة من هذا المشوار السينمائي الحافل الطويل لهذه الفنانة القديرة والذي استمر طوال الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات تقريباً نرى أمينة رزق حريصة بشدة على تنوع أدوارها والأداء العبقري لها فنرها في فيلم «أمهات في المنفى» 1981 مع المخرج محمد راضي وفيلم «الطوفان» 1985 من تأليف وإخراج بشير الديك.الأم التي تواجه جحود الأبناء ونكرانهم فتعاني الإهمال وتموت في النهاية ويقتلها الأبناء في الفيلم الثاني..وتغير بوصلتها تماماً عندما تقدم أداء كوميدياً راقياً ومفاجئاً ازهل النقاد وهي تجسد شخصية «أم محمود حميدة» تلك السيدة الفقيرة التي تواجه قسوة الحياة بسخرية لازعة وذلك في فيلم «قشر البندق» 1994 مع المخرج خيري بشارة.. ونفس الأداء الكوميدي وهي أم لـ«راغدة» تلك الفتاة الشرسة وذلك في فيلم «استاكوزا» مع المخرجة إيناس الدغيدي عام 1996 والفيلم رؤية عصرية لرائعة شكسبير «ترويض النمرة» وكانت أمينة رزق هنا أم ارستقراطية ثرية تعمل سيدة أعمال وشتان بين الشخصيتين التي لم يجمعهما إلا الأداء الكوميدي العبقري لأمنية رزق.. ومن أهم أفلامها خلال هذه المرحلة الأخيرة من مشوارها السينمائي «العار» 1985 مع محمد راضي- «التوت والنبوت» 1986 مع نيازي مصطفى- «الأنثى» 1986 من إخراج حسين الوكيل- «صراع الأحفاد» 1989 مع المخرج عبد اللطيف ذكي وكانت في هذا الفيلم «الجدة» لعدد من الأحفاد منهم نور الشريف وصلاح السعدني- «المولد» و«الكيت كات» 1991 مع داود عبد السيد وهو من أهم أفلامها الأخيرة وكانت أماً لمحمود عبد العزيز الذي يعد هذا الفيلم من أهم أفلامه- «ارض الأحلام» 1993 مع داود عبد السيد أيضاً- «ناصر 56» 1996 مع محمد فاضل.
وفي أعوامها الأخيرة وحتى وفاتها في عام 2003 قدمت أمينة رزق عدداً من أدوارها التلفزيونية وابتعدت عن السينما بعد مشوار حافل بها استمر «70» عاماً قدمت خلاله رصيداً وتاريخاً سينمائياً حافلاً.. كما قدمت تاريخاً مسرحياً وإذاعياً حافلاً لتكون من القلائل أصحاب التاريخ الطويل في كل المجالات الفنية. ولتصبح أمينة رزق رمزاً من رموز الفن المصري والعربي عاشت له ولم تنشغل بغيره فهي لم تتزوج ولم تكن أماً رغم كل عبقريتها في ادوار الأمومة.. وأصبحت أمينة رزق مدرسة فنية قائمة بذاتها اعتمدت خلالها على الإخلاص لفنها والبساطة في أدائها.. وقد حصلت على عدد لا يعد ولا يحصى من الجوائز والأوسمة والتكريمات طوال مشوارها الفني الطويل وكانت عضواً في مجلس الشورى المصري.. لكنها اعتبرت حب الناس واحترامهم لها أهم جائزة وتكريم حصلت عليه في مسيرتها الفنية الطويلة وغادرت عالمنا فى هدوء 24 اغسطس 2003 رحمها الله واسكنها فسيح جناته وجيــه نـــدى بحار كل الفنون