يوما ما ستتعجب أن كل أمورك متيسرة مهما ضاقت فهي بيد الله الذي لا يعجزه شي وهكذا هي قصتها
كانت فتاة ذات وجه جميل ، روح جميلة ، لكن الحياة لم تكن تملك جمال روحها ، واجهت قسوة الحياة ، أفاقت يوما على قصف لمدينتهم ، لتجبر على أن تغادر المدينة هاربة ، تاركة جثث أهلها تحت بناء منزلهم ...
كان طه في غرفة مكتبه يشرب قهوته،و ينظر من نافذته على المارة من الطريق ، لفت انتباهه فتاة ذات العشرين ربيعا ، تمشي على الرصيف ، كان يبدو على وجهها الذبول ، وكانت تتجهه نحو الامام ببطأ شديد، ثم سقطت فجأة
نزل طه على الفور و أخدها إلي المشفى ، كان ينتظر في ممر المشفى ، مضت ساعتين على مجيئهم ولم يخبره أحد شي ، اتصالات شركته لم تنتهي أبدا الاتصال تلو الأخر، الأعمال متراكمة لكنه ذات إنسانية عالية ، لايستطيع الذهاب دون الإطمئنان
أتت الممرضة أخبرته أن المريضة استيقظت، إتجاه نحو الغرفة ، ما إن اقترب حتي سمع صراخها
من الذي أخبركم أنني بحاجة لهذا المشفى ولكم ، إنني غير مسؤولة عن هذا
أمسك مقبض الباب وفتحه ، نظرت اليه ، توجه نحوها قائلا أنا الذي أحضرتك إلي هنا
بدأت تصرخ مجددا ، ألا ترى أن هذا المشفى غالي جدا ، لا أستطيع دفع تكاليفه
أرجوك إهدى ، سوف أقوم بتحمل كل التكاليف
لماذا تفعل هذا ؟
لأنه أنا من أحضرك الي هنا ، الذنب يقع علي
تقدم الطبيب وهو ممسك بالتحاليل ، يا أنسة يجب ألا تخرجي من المشفي ، لديك سرطان في حالة متقدمة جدا
الجميع استغرب وتألم الا هيا ، كانت تعلم هذا منذ وقت طويل
نظرت للطبيب بقولها أريد الموت، ما عاد الحياة قيمة ، لقد خسرت عائلتي في الحرب ، وها أنا أوجه الغربة والفقر والمرض ، هل ترأني أنتصر على كل هذا ؟؟ أجبني لماذا سكتت !
أندهش الجميع ، تقدم طه نحو الطبيب وهو ينظر الى بسنت
أفعل مايجب أيه الطبيب ، أنا متكفل بكل شي .
ولكنني لم أطلب منك شي أيه الأخ ، يجب أن أغادر .
مسك طه يد بسنت وهي متقدمة نحو الباب ، إنه طلب من إنسانيتنا وليس منك ، أرجوك يجب أن تقاومي السرطان
بكت بسنت بكاء شديد ، سأنتصر بالتاكيد
بعد فترة قامت بسنت بأول محاضرة بعد شفائها ، قالت فيها
أن الخراب الذي خلفته الحرب على بيوتنا ، نستطيع ترميمه ، ولكن خراب إنسانيتنا لا يرمم أبدا ، يجب أن ندعم بعضنا البعض رغم أننا لا نحمل نفس الجنسية ، لكننا نحمل الإنسانية ذاتها
خراب إنسانيتنا لا يرمم بقلم: نجوى محفوظ مرغم
تاريخ النشر : 2019-01-26