خراب إنسانيتنا لا يرمم بقلم: نجوى محفوظ مرغم
تاريخ النشر : 2019-01-26
يوما ما ستتعجب أن كل أمورك متيسرة مهما ضاقت فهي بيد الله الذي لا يعجزه شي وهكذا هي قصتها 

كانت فتاة ذات وجه جميل ، روح جميلة ، لكن الحياة لم تكن تملك جمال روحها ، واجهت قسوة الحياة ، أفاقت يوما على قصف لمدينتهم ، لتجبر على أن تغادر المدينة هاربة ، تاركة جثث أهلها تحت بناء منزلهم ...

كان طه في غرفة مكتبه يشرب قهوته،و ينظر من نافذته على المارة من الطريق ، لفت انتباهه فتاة ذات العشرين ربيعا ، تمشي على الرصيف ، كان يبدو على وجهها الذبول ، وكانت تتجهه نحو الامام ببطأ شديد، ثم سقطت فجأة 

نزل طه على الفور و أخدها إلي المشفى ، كان ينتظر في ممر المشفى ، مضت ساعتين على مجيئهم ولم يخبره أحد شي ، اتصالات شركته لم تنتهي أبدا الاتصال تلو الأخر، الأعمال متراكمة لكنه ذات إنسانية عالية ، لايستطيع الذهاب دون الإطمئنان 

أتت الممرضة أخبرته أن المريضة استيقظت، إتجاه نحو الغرفة ، ما إن اقترب حتي سمع صراخها 

من الذي أخبركم أنني بحاجة لهذا المشفى ولكم ، إنني غير مسؤولة عن هذا 

أمسك مقبض الباب وفتحه ، نظرت اليه ، توجه نحوها قائلا أنا الذي أحضرتك إلي هنا 

بدأت تصرخ مجددا ، ألا ترى أن هذا المشفى غالي جدا ، لا أستطيع دفع تكاليفه 

أرجوك إهدى ، سوف أقوم بتحمل كل التكاليف 

لماذا تفعل هذا ؟

لأنه أنا من أحضرك الي هنا ، الذنب يقع علي 

تقدم الطبيب وهو ممسك بالتحاليل ، يا أنسة يجب ألا تخرجي من المشفي ، لديك سرطان في حالة متقدمة جدا 

الجميع استغرب وتألم الا هيا ، كانت تعلم هذا منذ وقت طويل 

نظرت للطبيب بقولها أريد الموت، ما عاد الحياة قيمة ، لقد خسرت عائلتي في الحرب ، وها أنا أوجه الغربة والفقر والمرض ، هل ترأني أنتصر على كل هذا ؟؟ أجبني لماذا سكتت !

أندهش الجميع ، تقدم طه نحو الطبيب وهو ينظر الى بسنت 

أفعل مايجب أيه الطبيب ، أنا متكفل بكل شي .

ولكنني لم أطلب منك شي أيه الأخ ، يجب أن أغادر .

مسك طه يد بسنت وهي متقدمة نحو الباب ، إنه طلب من إنسانيتنا وليس منك ، أرجوك يجب أن تقاومي السرطان 

بكت بسنت بكاء شديد ، سأنتصر بالتاكيد 

بعد فترة قامت بسنت بأول محاضرة بعد شفائها ، قالت فيها 

أن الخراب الذي خلفته الحرب على بيوتنا ، نستطيع ترميمه ، ولكن خراب إنسانيتنا لا يرمم  أبدا ، يجب أن ندعم بعضنا البعض رغم أننا لا نحمل نفس الجنسية ، لكننا نحمل الإنسانية  ذاتها