هواري بو مدين..الرجل الذي لا يخاف بقلم:أسعد العزوني
تاريخ النشر : 2019-01-22
هواري بو مدين..الرجل الذي لا يخاف بقلم:أسعد العزوني


هواري بو مدين..الرجل الذي لا يخاف
أسعد العزوني

محمد بو خروبة ،هو الإسم العائلي للرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين الذي نال بحق لقب الرجل الذي لا يخاف،ولذلك دفع حياته ثمنا لجرأته ومواقفه المشهودة،ولحرصه الشديد على شرف الأمة وكرامتها ووحدتها.

قبل نحو أربعين عاما رحل فارس عربي مغوار ،لأنه قال لصاحب البيت الأبيض آنذاك نيكسون ولتابعه الصهيوني كيسنجر :لا للمصالحة مع إسرائيل،ورفض التعهد بالإنسحاب من  جبهة الصمود والتصدي ،ووقف الدعم عن الثورة الفلسطينية حسب طلب وإلحاح الثنائي نيكسون-كيسنجر.

حتى يومنا هذا لم يعلن أي جهاز إستخباراتي شارك في جريمة إغتياله عن تفاصيل الجريمة ،تماما كما هو الحال بالنسبة لجريمة مقتل الرئيس الأمريكي الشجاع الراحل جون كينيدي الذي قضى عام 1964 ،بعد أن إعترض على إمتلاك مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية للسلاح النووي  وقال في مؤتمر صحفي ،بعد لقائه العاصف مع رئيس وزراء المستدمرة الخزرية بن غوريون:إلى متى ستبقى إسرائيل فوق القانون؟

مجلة لبنانية فتية هي صوت الدبلوماسية التي يملكها ويرأس تحريرها الأستاذ الصديق فؤاد حبيقة ،غاصت في هذا الملف بجرأة متناهية ،من خلال  إستعراض كتاب ألفه السيد عمران أدهم وعنوانه "النفاق الأمريكي"،وتكون بذلك قد سجلت سبقا صحفيا يستحق جائزة الكنز لو كنا نعيش في عالم منصف.

وفي التفاصيل إن فخامة الرئيس بومدين وبعد قمة الجزائر العربية عام 1973 ،إلتقى في البيت الأبيض نظيره الأمريكي نيكسون بحضور الصهيوني وزير خارجية أمريكا آنذاك "العزيز"هنري كيسنجر،وجرى بينهم حوار حاد حول المصالحة مع مستدمرة إسرائيل ،وضرورة إنسحاب الجزائر من جبهة الصمود والتصدي التي كانت تضم العراق وسوريا وليبيا وم.ت.ف.إلى جانب الجزائر،وكذلك وقف الدعم الجزائري للثورة الفلسطينية،وقد رفض الرئيس بومدين كل هذه الإملاءات جملة وتفصيلا ،وسجل موقفا يستحق كل التقدير عليه،وإنسحب بعد مرور 20 دقيقة على اللقاء الذي كان مقررا له 50 دقيقة.

وعندما طلب نيكسون من بومدين العمل على تخفيف حدة العداء في آسيا وإفريقا لأمريكا،أجابه بومدين :كيف يمكنني ذلك وأنتم تحرضون شاه إيران على إحتلال الأرض العربية في الخليج وتشجعون إسرائيل على إبتلاع الأراضي العربية،وأعاد بومدين إلى الأذهان أمام نيكسون جرائم أمريكا الجديدة ضد أصحاب الأرض الشرعيين وهم الهنود الحمر ،وكيف أحضر الأوروبيون الذين أسسوا أمريكا الجديدة الأمراض الفتاكة معهم  وأطلقوا جراثيمها بين السكان الأصليين لتفتك بهم،وأكد له أن أمريكا الأمس هي إسرائيل اليوم،وإن أمريكا ضمت إليها ولايات جديدة مجاورة بالقوة والمال.

كما فاتح بو مدين الرئيس نيكسون بكافة الحقائق المعروفة وهي إن أمريكا تصوغ القوانين وفق مصالحها وأهدافها،وأنها حولت الأمم المتحدة إلى أداة لها ،وهي التي أنشأت إسرائيل،وأن أمريكا تقف إلى جانب إسرائيل المعتدية ضد الشعب الفلسطيني ،كما أكد له أن العرب لن يكعوا ولن يرتضوا لأنفسهم الذل والهوان.

كان بو مدين مسكونا بالهم العربي ،ولذلك كان شغله الشاغل رأب الصدع العربي ولم الشمل العربي من خلال المصالحات التي قام بها بنفسه وخاصة بين العراق وسوريا،وكان يواصل الليل بالنهار لتحقيق المصالحة العربية.

كان الرئيس بومدين وطنيا وقوميا بإمتيازبعيدا عن الشعارات الرنانة وتسجيل المواقف،وقد تعهد بتسليح مصر وسوريا أعقاب حرب رمضان 1973،وعندما رفض الرئيس السوفييتي آنذاك ليونيد بريجينيف ذلك ،بحجة أن السادات طرد الخبراء السوفييت من مصر،ضرب بو مدين بكلتي يديه على الطاولة وقال :سأدفع مقدما ثمن كرامة الأمة العربية،كما أنه أقنع الملك فيصل بقطع النفط السعودي عن أمريكا والغرب بعد عام 1973.

هذه المواقف الرجولية جعلت خصومه البعيدين والقريبين يحسمون أمرهم بالتخلص منه والإجهاز عليه،وقد تقرر وضع السم له ،ويقول السيد عمران أدهم مؤلف كتاب النفاق الأمريكي،أنه زار بغداد في محاولة منه لرأب الصدع العراقي –السوري ،وأثناء ذلك وضع له سم الثاليوم في صحنه،وهو ذات السم الذي قضى بواسطته الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.