البريكست بين وحدة أوروبا والاستعمار القديم
تاريخ النشر : 2019-01-16
البريكست بين وحدة أوروبا والاستعمار القديم


البريكست بين وحدة اوروبا والاستعمار القديم

المحامي سمير دويكات

لعل الامر لا يعنينا من قريب، لكن ربما يعنينا من بعيد ولسنوات يمكن تحليله في نطاق الفكر الاستعماري الجديد والقديم، ونتذكر بحلول الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم قبل اقل من سنتين، كيف ان الانجليز احتفلوا بهذه المناسبة وبدعوة الصهاينة لهذا الغرض وكانت الاشهر في الاحتفال رئيسة وزراء بريطانيا؟ انهم الدولة الاكثر استعلائا وعنصرية على مدار التاريخ، وهي اذ تتفق مع اسرائيل في الماضي والحاضر فافعال رجالها تعزز الاستعمار القديم اليوم، فرفض الاتفاق بهذا الشكل المذل للدولة البريطانية يكشف وجه بريطانيا القبيح في كيف ان هذه الدولة لا تقبل الا نفسها؟ وعلى مدار التاريخ صدرت قبح سياساتها على مختلف البقعة الارضية واشتركت مع دول عنصرية مثل فرنسا لتعزيز هذا القبح الاستعماري.

فليس غريب ان تمنح فلسطين لليهود في وعد بلفور المشؤوم وليس من المستغرب ان تصوت باستفتاء قبل سنوات على الخروج من الاتحاد الاوروبي وهو الذي كان يشكل رحاب سعة اقتصادية واستثمارية بين دول اوروبا وهي مسالة قامت على اساسها اوروبا وكنا ننادي بتكرارها على المستوى العربي او الاسلامي، ولكن هذه الدول الاستعمارية في الحاضر هي التي تعطل كل شىء، وبالاشتراك مع الحليف الاستعماري التقليدي امريكا.

فرفض الاتفاق وما يمكن ان ينتج عنه من اسباب كبيرة في التحول الاوروربي ادى الى تراجع في المفاهيم الدولية وزاد من غطرسة بريطانيا التي لا تقوم على مفهوم الحق والمنطق بل على فكر الاستعمار القديم والذي لا يزال يعشش في اذهان الاجيال الجديدة.

وعلى الرغم من ان وحدة اوروبا لم تفيدنا بشىء بل كانت وما تزال فقط شعارات براقة عن الديمقراطية وحقوق الانسان وعندما تصل الى اسرائيل يذهب ويسقط كل شىء، وهو امر بات محسوما ومكشوفا، والا بماذا يفسر عدم اعتراف اوروبا بفلسطين؟ ولماذا يتم الحديث مع فلسطين كطفل متبنى من قبل اوروبا ولكن يترك لينام في البرد والعراء، اذا لم توافق او لم تقبل اسرائيل وامريكا.

هذه التطورات في اوروبا وامريكا سيكون لها توابع كبيرة من حيث ان الامور ستكون في السنوات القادمة متغيرة ومتارجحه نحو مواضع كثيرة سيكون تاثيرها عالميا من حيث انهيار الوحدة الاوروربية وظهور اطماع استعمارية جديدة.

وبكل الاحوال لن تكون مفيدة لنا الفلسطينيون، من حيث ان الامر لن يكون يوما ما بيد انجلترا او اوروبا سواء الموحدة او المتفرقة وسيكون مصير النظام الاوروبي الجديد نحو الفشل لان دول كثيرة ستذهب بهذا الاتجاه وسيكون امرها محسوم نحو الانسحاب لان الحروب بين االدول الاوروبية كانت لوقت طويل وان لم تعد سيكون الامر الى حد الخصام الكبير وبالتالي سيتاثر الوضع في المنطقة الى حد كبير وبكل الاحوال سيكون في صالح امريكا.