المذهب الواقعي الجديد بقلم: حسين علي الهنداوي
تاريخ النشر : 2019-01-13
المذهب الواقعي الجديد بقلم: حسين علي الهنداوي


-الواقعية الجديدة
الواقعية الاشتراكية
نشأت الواقعية الجديدة في الأدب منذ القديم وهي قديمة قدم الإنسان ، ولكنها كمذهب أدبي برزت مع الثورات الاشتراكية والديمقراطية والحركات القومية وانتصاراتها في العالم وهي تختلف عن الواقعية القديمة من حيث:
أولا - ماهيتها
أ-محتوى الواقعية الجديدة : لا تفرض الواقعية الجديدة على الأديب موضوعات محددة تنقل الواقع بأمانة من خلال تصوير هذا الواقع وجوانبه البناءة وتدعو لتغييره وذلك من خلال إبراز دور الشعب في صنع التاريخ وتمجيد العمل وخلق قيم مادية وثقافية جديدة مع عدم نفي الموضوعات العاطفية بل تربطها بجذورها الاجتماعية ( النضال -العمل )
ب-شكل الواقعية الجديدة : العمل الأدبي في الواقعية الجديدة وحدة عضوية لا ينفصل فيه الشكل عن المضمون وقيمة العمل الأدبي فيها بدلالته الاجتماعية وما يحدثه من أثر في وعي الجماهير لأن الأدب الهادف ما جمع بين عمق المحتوى وجمال الصياغة
ج- مناداتها : وقد نادت بها الماركسية ومن أفكارها:
1 - إن النشاط الاقتصادي في نشأته وتطوره هو أساس الإبداع الفني، لذلك يجب توظيف الأدب لخدمة المجتمع حسب المفهوم الماركسي.
2 - العمل الأدبي الفني عليه أن يهتم بتصوير الصراع الطبقي بين طبقة العمال والفلاحين وطبقة الرأسمالية والبرجوازيين، وانتصار الأولى التي تحمل الخير والإبداع على الثانية التي هي مصدر الشرور في الحياة.
3 - رفض أي تصورات غيبية، وخاصة ما يتعلق منها بالعقائد السماوية.
4 - استغلال جميع الفنون الأدبية لنشر المذهب الماركسي.
ثانيا- لاتجاه الواقعي في العالم العربي :
بدأ الاتجاه الواقعي في العالم العربي مع بداية ما يسمى بعصر النهضة واهتم الواقعيون العرب بموضوعين هما:
1- الموضوع التاريخي : أي أنهم وظفوا أساليبهم ووسائلهم الأدبية في دراسة التاريخ العربي والإسلامي ونقده من منطلقات غير إسلامية فهي إما نصرانية أو شيوعية أو نحو ذلك . واشتهر بهذا الموضوع جرجي زيدان وفرح أنطون ويعقوب صروف وغيرهم.
2- الموضوع الاجتماعي : أي أنهم اهتموا بدراسة المجتمع العربي الإسلامي وفكره وقيمه ونقدها وإثارة الشبهات والشكوك حول المصادر الفكرية للمجتمع العربي زاعمين أنها سبب فساده وتأخره ورجعيته. واشتهر بهذا الموضوع جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ومحمد تيمور وغيرهم . ثم تطور هذا الاتجاه على يد طه حسين ومحمد حسين هيكل وتوفيق الحكيم وعمر فاخوري ومارون عبود وعبدالرحمن الشرقاوي وتوفيق يوسف عواد وخليل تقي الدين وغيرهم كثير وسعد البواردي ومحمد حسن عواد وحمزة شحاته وغيرهم ، كما جاء في كتاب ( الحداثة في العالم العربي دراسة عقدية لمحمد بن عبد العزيز العلي- 2/ 610)
ثانيا-الجذور الفكرية والعقائدية:
إن الأسس التي قامت عليها الواقعية هي المذاهب الفلسفية المادية، مثل الفلسفة الوضعية التي انتشرت في فرنسا في النصف الأول من القرن التاسع عشر ورائدها الفيلسوف الفرنسي كونت التي ترفض كل ما هو غيبي، وتقتصر على عالم المادة والحس. وكذلك تعد الفلسفة التجريبية التي تلتقي مع الوضعية في رفض الغيبيات من جذور الواقعية. ومن الجذور الفكرية العميقة للواقعية الاشتراكية: الفلسفة المادية الجدلية التي نادى بها ماركس وإنجلز التي تعد العقيدة الرسمية للشيوعية الدولية والتي من مفاهيمها أن المادة هي الوجود الحقيقي، وأن القيم العقلية انبثقت من العلاقات المادية بين الناس. وكذلك ترتبط الواقعية بالنظرية الفلسفية التي ترى أن الحياة تنبت على الشر، وأن ما يبدو من مظاهر الخير ليس إلا طلاءً زائفاً يموه واقع الحياة الفكرية ويخفي طبيعة الإنسان الحقيقية. وقد عبر الفيلسوف الإنكليزي هوبز عن هذا الاتجاه بقوله: "إن الإنسان ذئب لا هم له إلا الفتك بالإنسان". وقد عمل دعاة الواقعية على ربط الإنسان الغربي بغرائزه وحيوانيته، وتوجيه نظره إلى التراب لا إلى السماء، وزادوا في ماديته، وساعدوا على إفساده وإيقاظ شهوته. أما دعاة الواقعية الاشتراكية أو الشيوعية، الذين سطروا الكتب والمقالات والقصص والمسرحيات والأشعار في تمجيد الشيوعية، والزعم أنها الحقيقة للسعادة البشرية، فقد زادوا الإنسانية شقاء وتعاسة ومعيشة ضنكا، وقد تحطمت فلسفتهم في أوروبا الشرقية تحت مطارق الواقع المؤلم .. كما نرى بأم أعيننا الآن، إذ بدأت تتراجع بخطى سريعة ، وتفكك ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي، وعاد الإسلام إلى الدول الإسلامية. والإسلام كما هو معروف يدعو إلى الاهتمام بالدنيا (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً) ويرفض النظر بتشاؤم إلى تصاريف القدر وليس ثمة ما يمنع الإنسان من التأثير والتغيير في حياته والمجتمع الذي يعيش فيه. وقد كرم الإسلام الإنسان ولم يضعه في مصاف القرود واهتم بجانبه الروحي باعتباره - أي الإنسان - جسداً وروحاً، ولكلًّ مطالبه التي لا يجوز إغفالها ولا الاقتصار على أحدها دون الآخر. والمسلم يرفض النظرية الفلسفية التي تقول: "إن الحياة قد بنيت على الشر" والأديان عموماً جاءت للقضاء على الشر والنهوض بالنفس البشرية.
إن الواقعية بمعظم أنواعها مذهب أدبي فكري مادي ، يصور الحياة كمادة ويرفض عالم الغيب ولا يؤمن بالله، ويرى أن الإنسان عبارة عن مجموعة من الغرائز الحيوانية، ويتخذ كل ذلك أساساً لأفكاره التي تقوم على الاهتمام بنقد المجتمع وبحث مشكلاته مع التركيز على جوانب الشر والجريمة، والميل إلى النزعات التشاؤمية وجعل مهمة النقد مركزة في الكشف عن حقيقة الطبيعة كطبيعة بلا روح أو قيم .
ثالثل- مقارنة بين الواقعية القديمة والجديدة :
أ-أوجه الاتفاق بين الواقعية القديمة والجديدة
1- كلاهما يصور واقع الناس كما هو
2 - تصوير بؤس العالم أجمع
ب- أوجه الاختلاف بين الواقعية القديمة والجديدة
أ -الواقعية القديمة : ب - الواقعية الجديدة :
1- تؤمن بالجبرية 1 - تؤمن بحرية الإرادة
2 - الواقع معطى ثابت نهائي 2 -الواقع قابل للتغيير
3 - ترى الواقع في ماضيه 3 - ترى الواقع في مستقبله
4 - تصور البؤس كما هو 4- ترى البؤس وتدعو للثورةعليه
5 - هي رؤية غير محددة للعالم 5 - محددة للعالم
6 - تفرض شكلا مقيدا للأدب 6 - تستدعي أشكالا مفتوحة للأدب