أوروبا تأكل نفسها بقلم:د. هشام عوكل
تاريخ النشر : 2019-01-13
أوروبا تأكل نفسها

دكتور هشام عوكل

أستاذ العلاقات الدولية وإدارة الازمات

مقدمة :

عند الحديث حول الهجرة، كثيرا ما نسمع بأن الدول الأوروبية تفتقر إلى الأيدي العاملة. كيف يمكن هذا علماً أن معدلات البطالة مرتفعة”؟  وهناك في أوروبا انخفاض في القوى العاملة.  وتفيد التقادير الاقتصادية الصدارة عن منظمة العمل الدولية في السنوات العشرين المقبلة، ستفقد أوروبا  حوالي اثنين وعشرين 22 مليون من العاملين، انخفاض القوى العاملة يعني إنتاجية ومنافسة أقل.

الشركات تقول إنها تفتقر إلى القوى العاملة، على الرغم من ارتفاع معدل البطالة، بسبب عدم وجود مرشحين وفقاً لمتطلاباتها .

وفقا لتقرير مهم نشر في الخريف الماضي 2018، بين 25 و 45٪ من العمال الأوروبيين، وفقا للبلد، لا يمتلكون المستوى المطلوب من قبل الشركات. وهذا يخلق الإحباط، وارتفاع قيمة التداول، وشركات منتجة أقل وأكثر إسرافاً.

لضمان عثور الموظفين على وظائف وفقاً لمستوياتهم ، يجب تحسين التدريب المهني لمواجهة هذه القلة في اليد العاملة وتقدير الحاجة مستقبلاً . مجتمعات الأوروبية بمعدل وسطي  مكونة  بنسبة 20٪ من كبار السن الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة. أي ما يعادل 100 مليون مسن، أعدادهم تفوق و بكثير أعداد الأطفال. تخيلوا أن تضل نسبة الولادات في إنخفاض و متوسط ​​العمر المتوقع في ارتفاع متزايد. هذا من شأنه أن يغير هرم الأعمار إلى الأبد.

قد يبدو هذا السيناريو غير محتمل و لكن في الواقع هذا ما ستكون عليه أوروبا بعد تسع سنوات. وبحلول عام 2060، سوف يبدأ عدد سكانها في الانخفاض. نعم، إنخفاض حقيقي! و ذلك رغم الأخد بعين الإعتبار الهجرة. و هذا يعني أنه لن يكون هناك عدد كاف من الناس يعملون لتمويل المعاشات، و أن النظام الصحي سيخضع لضغط هائل. ما العمل إذا

زيادة الولادات وبمنح مالية 

هناك حل بسيط، و ربما بسيط جدا : إنجاب المزيد من الأطفال. هذا ما تحاول المجر التركيز عليه. بل و تذهب إلى أبعد من ذلك، فهي تمنح ما يصل إلى 32000 € للعائلات التي تتعهد بإنجاب ثلاثة أطفال.

ولكن ماذا يحدث عندما يكون الاقتصاد في حالة سيئة، لدرجة أن الناس يعزفون عن إنجاب الأطفال، وعندما يعاني أصحاب المعاشات من أجل تغطية نفقاتهم؟ هذا هو الوضع الحالي في اليونان.

القنبلة الزمنية الديموغرافية التي تهدد أوروبا، من الإجراءات الأولية التي يجب القيام بها لمواجهة الشيخوخة في أوروبا بالإضافة  تأجيل  او رفع سن التقاعد. الى70  سنة كان لصوفي كلوديه رئيسة قسم السياسة الاجتماعية في منظمة التعاون والتنمية في باریس راي خاص .

الحل لمواجهة تحدي الشيخوخة في أوروبا سيرتكز على تدابير مختلفة و مركبة. ما نحتاجه أولا هو أن يعمل الناس لفترة أطول.حسب راي (لصوفي كلوديه)

في العديد من البلدان، لا يزال بعض يترك سوق العمل في وقت مبكر. ولأنهم يعيشون لمدة أطول و يتمتعون بصحة أفضل، أصبحوا مضطرين إلى العمل لمدة أطول لتمويل المعاشات. هذا هو واحد من الحلول لهذه المشكلة.

هناك حلول أخرى تتمثل في تعبئة جميع المواهب المتاحة و التي لا تستخدم اليوم بشكل كاف في أسواق العمل المختلفة في أوروبا. أحد الجوانب الهامة لهذه النظرية هو خلق قدر أكبر من المساواة بين الجنسين في هذه الأسواق. فيبلدان عديدة، العديد من النساء لا تعملن بدوام كامل، لأن لديهن صعوبات في إيجاد من يرعى أطفالهن، أيضا لأننا لا نقدم لهن، الفرص الكافية لشغل وظائف بدوام كامل. وبالتالي تعبئة حشد المواهب النسائية في سوق العمل هو استجابة هامة أخرى لمواجهة تحدي الشيخوخة. جعل الناس يعملون لمدة أطول، يحرم الشباب من فرص العمل. وهذا ليس ما نراه على أرض الواقع. وفي بعض البلدان مثل فرنسا يترك الناس في سوق العمل هم لا يزالوا صغار السن نسبيا بالمقارنة مع بلدان أخرى، رغم ذلك، و منذ مدة طويلة، معدل البطالة بين الشباب مرتفعة في فرنسا.

الدول التي تدير جيدا سوق العمل و الاقتصاد، توفر فرص عمل للشباب و أيضا لكبار السن، الأمر ليس فقط إعطاء وظائف المسنين للشاب . الوظائف التي يتم إنشاؤها لا تتطلب دائما نفس المهارات، لذلك لا يمكن فقط أن نحيل شخصا ما على التقاعد وبعد ذلك نفترض أن وظيفته ستشغل من قبل شخص أصغر سنا.

لذلك يجب أن يكون الهدف هو تعبئة الجميع، كبار السن و الشباب و النساء، والناس من بلدان القادمون من بلدان أخرى، والمهاجرون، لتكوين مجتمع شامل و نمو شامل. المسألة لا تتمثل فقط في أخذ الوظائف من كبار السن لإعطائها إلى الشباب.

تسهيل البيروقراطية  و شيخوشة متسارعة

اوروبا تشهد شيخوشة متسارعة و النساء ينجبن أقل و أقل. عدد سكان القارة سينخفض قريبا، الأنظمة الصحية و أنظمة المعاشات تواجه صعوبات متزايدة أمام هذا الوضع.

ولممارسة جاذبية على أشخاص لديهم تكوين أو مؤهلات خاصة عملت فرنسا قبل مدة قصيرة على إضفاء مزيد من الدقة في قانون الهجرة. والهدف هو تبسيط البيروقراطية. وفي حالة فرنسا ينطبق هذا بوجه خاص على موظفين في مستوى عال لدى شركات متعددة الجنسيات يتجاوز راتبهم الشهري 5000 يورو ـ وفي العادة يكون هؤلاء الأشخاص عادة من الباحثين أو من العاملين في قطاع الترفيه أو يعملون بشكل موسمي . والكثير من الأمور تبقى رهينة مدى استعداد أرباب العمل  للمخاطرة بتشغيل أشخاص بهذا النوع من التأشيرة. . علاوة  على وصول المهاجرين يمثل  بالطبع فرصة أخرى لمواجهة هذا التحدي. الكثير من الناس الذين يدخلون أوروبا حاصلون على تعليم جيد و لديهم كفاءات جيدة يمكن دمجهم في سوق العمل.

المانيا بحاجة الى 500 ألف مهاجر كل عام حتى عام 2050 لتستمر فيها الحياة :


مع استعداد جيل طفرة المواليد في ألمانيا للتقاعد، وتوقعات بانخفاض حاد في اليد العاملة ، تحتاج المانيا الي نصف مليون مهاجر سنويا لمدة 35 عاما، كما تطالب دراسة حديثة. وتحذر دراسة معهد برتلسمان أنه في غضون السنوات الخمسة عشر المقبلة، سوف يصبح نصف جميع العمال الألمان من المتقاعدين، و من دون الهجرة من المرجح ان يتقلص حجم اليد العاملة في المانيا من 45 مليون الي 29 مليون بحلول عام 2050. وحتي اذا تم تشجيع النساء الألمانيات علي العمل بنسبة تساوي الرجال وتم رفع سن التقاعد الي 70 سنة فلن يسهم ذلك الا بمقدار 4,4 مليون يد عاملة فقط.

وعلي الجانب الأخر يقول مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني انه في عام 2013 جاء ما يصل إلى 429.000 من المهاجرين إلى البلاد.وفي عام 2014 وصل عدد المهاجرين الي 470.000 , أي ان هناك وفرة من القادمين الأجانب الي البلاد. ولكن 25.000 فقط من المهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي في 2013 قد وصلوا إلى ألمانيا للعثور على وظيفة، بينما تأتي الأغلبية إما للدراسة أو للانضمام إلى أسرهم أو كلاجئين.

وتزعم الدراسة أن اقتصادات جنوب أوروبا سوف تبدأ في التعافي الأمر الذي يعني أنها سوف تحتاج المزيد من العمال من مواطنيها الذين جاؤو الي ألمانيا للعمل ولذلك لايمكن لألمانيا بعد الأن الاعتماد علي هجرة من داخل الاتحاد الأوربي.وهكذا من المرجح ان تصل الهجرة من داخل الاتحاد الأوروبي في المستقبل إلى ألمانيا الي حوالي 70،000 سنويا.

وأوصت الدراسة ألمانيا باتخاذ التدابيرالتي تجعل من ألمانيا وجهة جذابة للمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي. حيث ان عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، على سبيل المثال، يمكن أن يسهل تدفق المهاجرين من خارج أوروبا الي ألمانيا في المقام الأول كأقوى اقتصاد في الاتحاد الأوروبي.ولكن الخبراء يعتقدون أن ألمانيا تحتاج إلى سياسة هجرة جديدة، ونظام هجرة من شأنه أن يوضح للأجانب المؤهلين من خارج الاتحاد الأوروبي الحاجة إليهم في البلاد. وهذا يعني في المقام الأول، تغيير قانون الهجرة لتسهيل الحصول على الجنسية، وجعل برامج التجنيس جذابة، مثل تقديم برامج لتعلم اللغة الألمانية، ومنح حق الحصول على نظام الضمان الاجتماعي وتوفير الحماية من التمييز. 

الحكومة الألمانية اتخاذت قرار بشأن اقتراح يسهل على العمالة الماهرة من خارج الاتحاد الأوروبي الانتقال إلى ألمانيا للعمل، في سعي منها لسد نقص حاد في الأيدي العاملة.

وكشف تقرير حكومي، أن لمثل هذه الخطط حساسية في بلد يسوده اتجاه مناهض للهجرة ساهم في حشد الدعم لحزب "البديل من أجل ألمانيا" المنتمي لليمين المتطرف، وفجر نزاعا بشأن سياسة الهجرة كاد أن يطيح بحكومة المستشارة أنغيلا ميركل في يوليو الماضي.

ويهدف الاقتراح الجديد بشكل أساسي إلى "تخفيف سياسة الهجرة للمتخصصين من خارج الاتحاد الأوروبي"، نظرا لأن مواطني دول الاتحاد يتمتعون بحرية الحركة والعمل داخل التكتل الأوروبي.

وتعلق الحكومة الألمانية آمالا على أكثر من ما يقارب مليون لاجئ وصلوا إليها في عام 2015، لسد الفجوات في القوة العاملة، لكن نقص العمالة الماهرة التي تتحدث الألمانية وفشل معظم اللاجئين في إثبات كفاءتهم أبطأ العملية.

وأشار مكتب العمل الاتحادي، إلى وجود ما يقارب المليون و200 ألف وظيفة ما زالت شاغرة في ألمانيا، فيما اتفقت وزارات الداخلية والعمل والاقتصاد الألمانية على توظيف المزيد من العمالة الأجنبية الماهرة في البلاد.

ويقترح التقرير أن تتخلى الحكومة عن إلزام الشركات بتفضيل المواطنين الألمان لملء الوظائف الشاغرة قبل البحث عن مواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي، كما ويقترح إتاحة فرصة للخريجين والعمال الحاصلين على تدريب مهني للقدوم إلى ألمانيا بحثا عن فرصة عمل في إطار فترة زمنية محددة إذا انطبقت عليهم شروط الكفاءة واللغة.

أمر واضح بالنسبة للقائمين على استصدار قانون لهجرة العمالة المتخصصة إلى ألمانيا. الأمر الواضح هو أن نسبة البطالة المنخفضة والسكان المتقدمون في السن في ألمانيا تجعل الأمر صعبا بالنسبة إلى الشركات لشغل أماكن العمل الشاغرة بعاملين مؤهلين. ويعترف المشرعون أيضا بأن توظيف مواطنين من الاتحاد الأوروبي لن يكون كافيا لتحقيق توازن في النقص المرتقب في اليد العاملة المتخصصة. ويرد في الوثيقة التي تم إعدادها لهذا الغرض أنه يجب على ألمانيا أن تحقق نجاحا أكبر في اكتساب يد عاملة مؤهلة، ويعني هذا كسب عمالة من خارج دول الاتحاد الأوروبي..

الدولة المحايدة

على رغم التشدد السياسي السويسري تجاه العمال المهاجرين وولادة أحزاب قومية صغيرة تدعو إلى طرد الأجانب من سويسرا، وتحديداً الإيطاليين المسيطرين بيدهم العاملة على كانتون تيتشينو جنوباً، لا تستطيع حكومة برن إلاّ الاعتراف بأهمية الأجانب الحيوية داخل أنسجتها الصناعية العاملة.

يُذكر أن تدفق العمال الأجانب إلى سويسرا بدأ عام 1964، وبعد أكثر من حركة مد وجزر بات عدد المواطنين السويسريين الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً، يزيد على عدد الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 20 و25 عاماً. ويتوقع الخبراء أن يتخطى عدد المتقاعدين السويسريين المليون في السنوات العشر المقبلة، ما يعني أن 25 في المئة من سكان سويسرا سيصبحون عاجزين عن العمل.

ويُعتبر القطاع الصحي الأكثر تحسساً في قضية المهــــاجرين، ولــــولاهم لكانت المستشفيات السويسرية غير قادرة على العمل كما يجب، لأن أكثر من 40 في المئــــة من الأطباء والجراحين العاملين في المستشفيات المحلية أجانب.

ويمكن اعتبار تجارة الأطباء والجراحين ناجحة جداً، إذ أن سويسريين كثراً لا يلتحقون بكليات الطب لأسباب مالية بحتة. لذا يشكل استيراد الطواقم الطبية من الخارج حلاً منخفض الكلفة بالنسبة إلى الحكومة.


نظام النقاط

وبخلاف بلدان مثل بريطانيا وكندا وأستراليا لا تعتزم الحكومة الألمانية تبني نظام النقاط لاستقطاب الكفاءات، لأن هذا الأخير يُخضع الراغبين في الهجرة لاختبار متعدد الدرجات. ويتم من خلال ذلك وبشكل أساسي تقييم التأهيل ومستوى الرفاهية والمعرفة اللغوية والفرصة في سوق العمل باعتماد نظام النقاط. ووفقا ذلك يحصل المشاركون على عدد من النقاط حسب مستوى تقييمهم. وإذا كان مستوى النقاط عاليا فإنهم يحصلون على تأشيرة. وفي حال عدم توفرهم على الحد الأدنى من النقاط يتم رفضهم.

وهذا النوع من نظام النقاط اقترحه الحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ 2016، ورحبت به حينها أحزاب الوسط اليساري في ألمانيا. إلا أنه غير مطروح في الوثيقة الجديدة من مشروع القانون. وتتم في الحقيقة التوصية باختيار الأشخاص على أساس المعايير المذكورة، إلا أن المشرعين يريدون هنا الاستغناء عن نظام النقاط.

لكن ما ينقص في ألمانيا هم الأشخاص ذوي المؤهلات المتوسطة: ممرضات وعاملو رعاية صحية ومساعدون في روض الأطفال وحرفيون مثل الكهربائيون أو النجارون. جميع هذه المهن تتطلب تأهيلا عاديا وهي تغطي، حسب  قول توماس ليبيش الباحث في شؤون الهجرة لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نحو 60 في المائة من سوق العمل الألمانية. وإلى حد الآن وُجدت صعوبات في الاعتراف بهذه المؤهلات. وتجاوز هذه العقبة تعتبره وثيقة القانون الجديد " مفتاحا لاندماج ناجح في سوق العمل.

السؤال، كيف سيحصل التقييم تحت هذه الظروف؟ هذا ما يزال في الوقت الراهن غير واضح بالنسبة إلى الخبراء يقول توماس ليبيش،. " لا أعرف كيف يمكن التقييم بناء على هذه المعايير المختلفة بدون نظام نقاط  نحتاج من أجل ذلك إلى نظام نقاط ومشروع القانون الذي بلورته وزارة الداخلية وحولته إلى وزارة العمل والاقتصاد ووثيقة القانون الجديد لا تكشف عن الشروط الإضافية الضرورية مثل مستوى المعرفة بالألمانية التي يجب على المهاجر المحتمل البرهنة عليه. وهل يتوجب على المرشحين الحصول على عرض عمل من شركة ألمانية؟

ويبدو حاليا أن الحكومة الألمانية تعتزم إصدار تأشيرة لباحثين عن العمل من مستوى تأهيل متوسط. وهذه التأشيرة تأكد نجاحها في الدنمارك. وفي ألمانيا ليس هناك تجارب مع هذا النوع من التأشيرة حتى الآن.

أما السويد فتنهج في المقابل سياسة أكثر ليبرالية . " يمكن لك الذهاب إلى هناك مبدئيا من أجل أي عمل"، يقول ليبيش مضيفا أن "فرنسا تبقى إلى حد ما منغلقة، بينما تقع ألمانيا ما يبدو بين الطرفين".


نهاية المطاف

القارة الأوروبية تشهد تراجعا على المستوى العالمي من حيث النمو الاقتصادي وتعداد السكان، في وقت يثقل فيه كاهلها تدفق اللاجئين والأعباء المترتبة على ذلك.

جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية أشار  بكلمة ألقاها في مدريد إلى أن التراجع الاقتصادي في أوروبا، وتدني معدل الولادات، وصل إلى درجة عاد فيها بعض المراقبين والمحليين إلى وصف أوروبا بالقارة العجوز التي تحتضر.  

صحيفة "صنداي تلغراف البريطانية" لفتت النظر إلى ما حذر منه رئيس المفوضية، وأيدته فيما تشهده "القارة العجوز" من تدن اقتصادي وديمغرافي.

وكتبت الصحيفة بهذا الصدد: الأوروبيون لا يمثلون في الوقت الراهن سوى سبعة في المئة من سكان العالم، وهذه النسبة ستنخفض إلى 4 في المئة مع نهاية القرن.

واعتبرت الصحيفة أن يونكر كان محقا في تصريحه بأن اقتصاد أوروبا أيضا آخذ في التراجع، وأن مجد أوروبا الاقتصادي قد ولى. وأوضحت أنه ينبغي على بريطانيا الاستمرار في البحث عن فرص وشراكات خارجية على نطاق أوسع، وألا تكتفي بشراكات داخل الاتحاد الأوروبي مثل منطقة اليورو، وما شابهها من مشاريع تدل على العزلة.

تحذيرات يونكر هذه لم تكن الأولى من نوعها، حيث يؤكد الخبراء ومنذ أمد أن أوروبا بحاجة إلى استيعاب عشرات الملايين من المهاجرين لسد ثغرتها الديمغرافية، كما أن الأزمة الاقتصادية التي عصفت بها، وتدفق اللاجئين على خلفية الحروب والأزمات في العالم، زاد أعباء اقتصادها وأثقله.

وعليه، فقد كشفت دراسة أعدتها مكاتب الاتحاد الأوروبي المتخصصة مؤخرا عن أن أوروبا بحاجة إلى استقدام 90 مليون مهاجر من خارج الدول الأوروبية، وذلك خلال الفترة الممتدة حتى عام 2055 ، لتدارك الخلل الناجم عن الفارق الكبير في عدد السكان القادرين على العمل والمتقاعدين.  

وفي إطار مساعي ترميم الفجوات الاقتصادية والديمغرافية قررت غالبية الدول الأوروبية في السنوات الأخيرة تمديد سن التقاعد إلى 65 أو 67 سنة، وهو ما أثار موجة احتجاج واسعة، وخصوصا في اليونان وفرنسا، اللتين كانت سن التقاعد فيهما هي الأخفض بين دول الاتحاد الأوروبي.

ونظرا لهذه التناقضات والمعضلات التي تواجهها أوروبا، ونتيجة للتطورات الأخيرة في العالم والسياسات الأوروبية المتمسكة بالقرار الأمريكي حتى ولو كان على حساب مصالحها الاقتصادية والديمغرافية، تتنامى التيارات العنصرية المعادية للمهاجرين ولسياسات استقدامهم واستضافتهم على حساب الاقتصادات الوطنية، وحساب دافعي الضرائب الأوروبيين.

. وإضافة إلى هذه الأعباء يعاني الاقتصاد الأوروبي كذلك أزمة اللاجئين واستمرار تدفقهم على دول الاتحاد، نظرا ليسر تشريعات الهجرة والامتيازات الاجتماعية المقدمة للمهاجرين واللاجئين. واستنادا إلى ما تقدم، يعيد الكثير من المراقبين، وخلافا لما كانوا يؤكدونه إبان طفرة الاقتصاد الأوروبي، النظر بالكثير من التنبؤات المتفائلة التي كانت تعد بمستقبل زاهر للاقتصاد الأوروبي بما يتمتع به من طاقات اقتصادية وموارد.

-----------------------

المصادر والمراجع

1.موقع الجزيرة نت

2.موقع الاتحاد الأوربي

3.موقع روسيا اليوم الاخباري 

4.موقع الاخباري يورونيوز

5.موقع DW  العربي