حركة التغيير والخطوة الخطأ بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2019-01-12
حركة التغيير والخطوة الخطأ بقلم:عمر حلمي الغول


نبض الحياة

حركة التغيير والخطوة الخطأ

عمر حلمي الغول

لم يكن إعلان الدكتور احمد الطيبي، رئيس حركة التغيير مفاجئا، لا سيما وان خطوته التي اعلن عنها مساء يوم الثلاثاء الموافق 8/1/2019 الإنسحاب من القائمة المشتركة كانت متوقعة. وهي في مطلق الأحوال، خطوة ليست إيجابية، وفي الإتجاه الخطأ، رغم المبررات، التي ساقتها قيادة الحركة العربية للتغيير.

كانت كل المؤشرات تشير إلى ما ذهب إليه الطيبي، حيث بدأ حراكا أثناء الإنتخابات القطرية للمجالس البلدية في تشرين أول/ إكتوبر الماضي (2018)، وتعمقت مع الإعلان عن حل الكنيست الإسرائيلي. حيث اجرى إتصالات مع العديد من الشخصيات وروساء المجالس البلدية المتناقضة مع توجهات القائمة المشتركة، كما تباحث في الأمر مع القوى الإسرائيلية بما فيهم الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، الذي بادر بالتوجه للكنيست لطلب تخفيض نسبة الحسم لمساعدة الطيبي في تجاوزها، وهي ال 3,25 %  في حال شكل قائمة مستقلة، وإنشق عن القائمة المشتركة. لإن هدف رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، والأوفر حظا في تشكيل الحكومة القادمة حسب كل إستطلاعات الرأي حتى الآن، كان تفتيت القائمة المشتركة، والصوت العربي. والكل يتذكر عام 2015 أثناء الإنتخابات الماضية عندما إستنفر هو ذاته الصوت الصهيوني اليميني واليميني المتطرف ضد الفلسطينيين عموما والقائمة المشتركة خصوصا، ولجأ لتهييج الشارع الإسرائيلي عبر الطرق على صفيح العنصرية اليهودية الصهيونية المفضوحة.

حاول احد الأصدقاء من ابناء الشعب الفلسطيني من حملة الجنسية الإسرائيلية، والذي يقود حركة جديدة، تبرير خطوة الدكتور الطيبي، بأنها تأتي كجزء من المنافسة المشروعة، ولإن الآخرين في القائمة، وفق ما ذكر، حاولوا الإستهانة بقدرات الطيبي في النزول بقائمة مستقلة. وإعتبر صديقنا، ان عامل المحاصصة لعب دورا سلبيا في لجوء زعيم الحركة للإنسلاخ عنها.

وهو ما اشار له الطيبي نفسه في البيان، الذي اصدرته اللجنة المركزية لحركتة في اعقاب إعلانه الإنسحاب من القائمة المشتركة، حيث جاء فيه، انه طالب بإعطاء الشارع الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل التقرير في آلية تشكيل القائمة، وعدم الإحتكام لما تم التوافق عليه سابقا عند تشكيل القائمة، لإعتقاده ان هناك متغيرات حصلت في الشارع الفلسطيني العربي، عكستها الإنتخابات القطرية في المجالس البلدية الأخيرة.

ولا يمكن لإي شخص يؤمن بالتعددية والديمقراطية، أن لا يؤكد على الحق الديمقراطي لكل قوة أو تجمع سياسي وشخصية فلسطينية في ان تختار ما تريد، وحقها في التعبير عن رؤيتها، والترشح لإي موقع، وخوض الإنتخابات البرلمانية أو البلدية او في اي مؤسسة نقابية. لكني أعتقد ان القائمة المشتركة بكل ما لازمها من ثغرات ونواقص وأخطاء، لم تستنفذ مهامها ودورها، لا بل العكس صحيح، انها مازالت في بداية المشوار لتمثيل الشارع الفلسطيني العربي لمواجهة التحديات العنصرية الصهيونية، والتي توجت بإقرار قانون "الأساس القومية" في تموز / يوليو الماضي (2018)، الأمر الذي كان يفرض على كل مكوناتها ومنها الحركة العربية للتغيير إيجاد صيغة مناسبة لتجاوز الخلافات والتباينات. لا سيما وانها ليست المرة الأولى، التي تبرز فيها الخلافات فيما بين تلك القوى.

لهذا ودون الخوض في التفاصيل الأخرى، اعتقد من وجهة نظري كفلسطيني عربي، ومن خلال متابعاتي للتطورات داخل المشهد الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل، ما حصل لم يكن في مصلحة الجماهير الفلسطينية داخل الخط الأخضر، وليس في مصلحة القائمة المشتركة، ولا حركة التغيير ولا زعيمها الدكتور الطيبي، لإنها خطوة في الإتجاة المعاكس. وستضر بمصالح الجماهير الفلسطينية، وتحمل تداعيات سلبية على أهدافها وإستحقاقاتها السياسية والمطلبية وخاصة في المساواة، وبناء دولة المواطنة الكاملة، وستضعف من مواجهتها للتحديات الصهيونية وعنصريتها المتغولة، كما انها ستترك جانبا سلبيا على خيار السلام، وإستقلال دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لإن تمزيق وحدة القوى السياسية وعنوانها القائمة المشتركة يصب في مصلحة نتنياهو وقوى اليمين واليمين المتطرف الصهيوني.

مع ذلك لا املك على القوى السياسية وخاصة قوى القائمة المشتركة الثلاثة الأخرى في داخل الداخل العمل على تطويق النتائج السلبية لإنسحاب حركة التغيير، والسعي إن أمكن على إستعادة الحركة لصفوفها، رغم ما حصل. لإن هناك متسع من الوقت لمحاصرة الخلل، الذي نتج عن إنشقاق الطيبي وحركته.

[email protected]

[email protected]