المذهب الرومانسي الابداعي بقلم: حسين علي الهنداوي
تاريخ النشر : 2019-01-12
المذهب الرومانسي الابداعي بقلم: حسين علي الهنداوي


2الفصل الثاني
- المذهب الإبداعي الرومانسي:
أولا- التعريف :
الرومانسية أو الرومانتيكية مذهب أدبي يهتم بالنفس الإنسانية وما تزخر به من عواطف ومشاعر وأخيلة أياً كانت طبيعة صاحبها مؤمناً أو ملحداً، مع فصل الأدب عن الأخلاق. ولذا يتصف هذا المذهب بالسهولة في التعبير والتفكير، وإطلاق النفس على سجيتها، والاستجابة لأهوائها. وهو مذهب متحرر من قيود العقل والواقعية اللذين نجدهما لدى المذهب الكلاسيكي الأدبي، وقد زخرت بتيارات لا دينية وغير أخلاقية. ويحتوي هذا المذهب على جميع تيارات الفكر التي سادت في أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وأوائل القرن التاسع عشر. والرومانسية أصل كلمتها من: رومان باللغة الإنجليزية ومعناها قصة أو رواية تتضمن مغامرات عاطفية وخيالية ولا تخضع للرغبة العقلية المتجردة ولا تعتمد الأسلوب الكلاسيكي المتأنق وتعظم الخيال المجنح وتسعى للانطلاق والهروب من الواقع المرير، ولهذا يقول بول فاليري: "لا بد أن يكون المرء غير متزن العقل إذا حاول تعريف الرومانسية". كما ورد في (الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة - الندوة العالمية للشباب الإسلامي)
ثانيا- التأسيس وأبرز الشخصيات:
بدأت الرومانسية في فرنسا عندما قدّم الباحث الفرنسي عام 1776م ترجمة لمسرحيات شكسبير إلى الفرنسية، واستخدم الرومانسية كمصطلح في النقد الأدبي. ويعد الناقد الألماني فريدريك شليجل أول من وضع الرومانسية كنقيض للكلاسيكية. ثم تبلورت الرومانسية كمذهب أدبي، وبدأ الناس يدركون معناها الحقيقي التجديدي وثورتها ضد الكلاسيكية. وترجع الرومانسية الإنكليزية إلى عام 1711م ولكن على شكل فلسفة فكرية .. ونضجت الرومانسية الإنكليزية على يد توماس جراي وويليام بليك. ولا شك أن الثورة الفرنسية 1798م هي أحد العوامل الكبرى التي كانت باعثاً ونتيجة في آن واحد للفكر الرومانسي المتحرر والمتمرد على أوضاع كثيرة، أهمها الكنيسة والواقع الفرنسي وما فيه. وفي إيطاليا ارتبط الأدب بالسياسة عام 1815م وأصبح اصطلاح رومانسي في الأدب يعني ليبراليا (أي: حراً أو حرية) في السياسة. ومن أبرز المفكرين والأدباء الذين اعتنقوا الرومانسية:
أ-في فرنسا ( المفكر والأديب الفرنسي جان جاك روسو 1712 - 1788م ويعد رائد الرومانسية الحديثة- والكاتب الفرنسي شاتو بريان 1768 - 1848م ويعد من رواد المذهب الذين ثاروا على الأدب اليوناني القائم على تعدد الآلهة-والشاعر الفرنسي بودلير 1821 - 1867م الذي اتخذ المذهب الرومانسي في عصره شكل الإلحاد بالدين.)
ب- وفي انكلترا مجموعة من الشعراء الإنكليز، امتازوا بالعاطفة الجياشة والذاتية والغموض رغم أنهم تغنوا بجمال الطبيعة وهم: (توماس جراي 1716 - 1771م -ووليم بليك 1757 - 1927م -وشيلي 1762 - 1822م -وكيتش 1795 - 1821م -وبايرون 1788 - 1824م.
ج- وفي ألمانيا ( -الشاعر الألماني جوته 1749 - 1832م مؤلف رواية آلام فرتر عام 1782م و-فاوست -التي تظهر الصراع بين الإنسان والشيطان- والشاعر الألماني شيلر 1759 - 1805م ويعد أيضاً من رواد المذهب-)
ثالثا- الأفكار والمعتقدات:
لقد كانت الرومانسية ثورة ضد الكلاسيكية، وهذا ما نراه واضحاً من خلال أفكارها ومبادئها وأساليبها التي قد لا تكون واحدة عند جميع الرومانسيين،
ويمكن إجمال هذه الأفكار والمباديء فيما يلي:
1- الذاتية أو الفردية : وتعد من أهم مبادئ الرومانسية، وتتضمن الذاتية عواطف الحزن والكآبة والأمل، وأحياناً الثورة على المجتمع. فضلاً عن التحرر من قيود العقل والواقعية والتحليق في رحاب الخيال والصور والأحلام.
2-التركيز على التلقائية والعفوية في التعبير الأدبي، لذلك لا تهتم الرومانسية بالأسلوب المتأنق، والألفاظ اللغوية القوية الجزلة.
3-النزوع بشدة إلى الثورة والتعلق بالمطلق واللامحدود.
4- الحرية الفردية أمر مقدس لدى الرومانسية ، لذلك نجد من الرومانسيين من هو شديد التدين مثل : شاتوبريان ونجد منهم شديد الإلحاد مثل شيلي. ولكن معظمهم يتعالى على الأديان والمعتقدات والشرائع التي يعدها قيوداً.
5- الاهتمام بالطبيعة، والدعوة بالرجوع إليها حيث فيها الصفاء والفطرة السليمة، وإليها دعا روسو.
6- فصل الأدب عن الأخلاق، فليس من الضروري أن يكون الأديب الفذ فذ الخلق. ولا أن يكون الأدب الرائع خاضعاً للقوانين الخلقية.
7- الإبداع والابتكار القائمان على إظهار أسرار الحياة من صميم عمل الأديب، وذلك خلافاً لما ذهب إليه أرسطو من أن عمل الأديب محاكاة الحياة وتصويرها.
8- الاهتمام بالمسرح ، لأنه هو الذي يطلق الأخيلة المثيرة التي تؤدي إلى جيشان العاطفة وهيجانها.
9- الاهتمام بالآداب الشعبية والقومية، والاهتمام باللون المحلي الذي يطبع الأديب بطابعه، وخاصة في الأعمال القصصية والمسرحية.
رابعا- الجذور الفكرية العقائدية للرومانسية :
تعد الرومانسية ثورة ضد الكلاسيكية المتشددة في قواعدها العقلية والأدبية، وكذلك ثورة ضد العقائد اليونانية المبنية على تعدد الآلهة ومن جذور هذه الثورة ظهور التيارات الفلسفية التي تدعو إلى التحرر من القيود العقلية والدينية والاجتماعية . فضلاً عن اضطراب الأحوال السياسية في أوروبا بعد الثورة الفرنسية الداعية إلى الحرية والمساواة وما يتبع ذلك من صراع على المستعمرات ، وحروب داخلية .. كل هذه الأمور تركت الإنسان الأوروبي قلقاً حزيناً متشائماً ، فانتشر فيه مرض العصر، وهو الإحساس بالكآبة والإحباط ومحاولة الهروب من الواقع، وكان من نتيجة ذلك ظهور اتجاهات متعددة في الرومانسية، إذ توغلت في العقيدة والأخلاق والفلسفة والتاريخ والفنون الجميلة . ودخلت الرومانسية في الفلسفة وتجلت في نظرية الإنسان الأعلى (السوبرمان) عند نيتشة 1844 - 1900م ونظرية الوثبة الحيوية عند برغسون 1859 - 1941م.
خامساً-الرومانسية الجديدة :
الإبداعية أو الرومانسية كما يقال : اتجاه في الفنون الجميلة والأدب، يركز على العاطفة أكثر من العقل، وعلى الخيال والبديهة أكثر من المنطق، ويَميلُ الرومانسيون إلى حرية التعبير عن المشاعر والتصرف الحُر التلقائي أكثر من التحفظ والترتيب، ونشأت الرومانسية غالبًا باعتبارها ثورة ضد الكلاسيكية، وأظهر الفنانون الكتاب على مر العصور اتجاهات رومانسية، غير أن تعبير الحركة الرومانسية يشير عادة إلى الفترة التي بدأت من أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. وتُلح الرُّومانسية على حُرّية الفَرد ولا تُؤيد الأعْراف الاجتماعية المقيدة ولا الحكم السياسي المستبد الظالم، وفي مجال الأدب يكون البطل الرومانسي عادة رجلًا سائرًا أو خارجًا عن القانون، ومِثلَما يَكُون البطل الرومانسي عادة رجلًا ثائرًا على التقاليد الاجتماعية يكون الفنان الرومانسي ثائرًا على الأفكار الزائفة ذات المظهر الجميل. وفي المسرح على سبيل المثال يرفض الكتاب الرومانسيون الوحدة الكلاسيكية للزمان والمكان. وإبان الحَركة الرُّومانسية لم يكن أغلب الكتاب راضين عن عالمهم ؛ حيث كان يبدو عالمًا تجاريًّا جامدًا وغير إنساني، وللهُروب من الحياة الحديثة؛ حوّل الرومانسيون اهتمامهم إلى أماكن بعيدة وخيالية، فاتجهوا إلى الفنون الشعبية والأساطير، وإلى الطبيعة وعامة الناس. إن الرومانسية هي ذلك المذهب الأدبي الذي أخذ يظهر في أوربا بعد قرن ونصف من ظهور الكلاسيكية، وهي كما رصدها النقاد ومؤرخو الأدب ثورة على العقل وسلطانه، وعلى الأصول والقواعد السائدة في الكلاسيكية، تلك القواعد التي كان مرجعها سيطرة الآداب الإغريقية والرومانية، والاجتهاد في تقليديها ومحاكاتها، والتي شرع الشعراء يتلفتون منها حين أخذت بلادهم تستقل في اللغة والأدب والفكر. وعرفت الرومانسية بالابتداعات أو الإبداعية ؛ بسبب أنها تعد ابتداعًا في المذهب الكلاسيكي، وتقويضًا لمبادئه وأركانه، وفي الواقع لم تكن الرومانسية ثورة على الآداب الإغريقية واللاتينية والكلاسيكية فحسب؛ بل كانت كذلك ثورة على جميع القيود الفنية المتوارثة، التي حدت من تطور الأدب وحيويته، ومن ثَمّ كانت تعبيرًا عن طابع العصر وثقافة الأمة وتاريخها. لقد غَلبت على الرّومانسيين نزعة التمرد على هذه القيود التي التزمها الكلاسيكيون؛ فدعوا إلى التخلص من كل ما يكبل الملكات، ويقيد الفن والأدب، ويجعلهما محاكاة جامدة لما اتخذه اليونان واللاتين من أصول، كانت الرومانسية ترمي إلى التخلص من كل الأصول والقيود التي أثقلت الأدب الكلاسيكي؛ لتنطلق العبقرية البشرية على سجيتها، دون ضابط لها سوى هدي السليقة وإحساس الطبع. لقد كان الأدب الكلاسيكي هو أدب العقل والصنعة الماهرة، وجمال الشكل، والمواضيع الإنسانية العامة، واتباع الأصول الفنية القديمة؛ فجاءت الرومانسية؛ لتشيد بأدب العاطفة والحزن والألم، والخيال والتمرد الوجداني والفرار من الواقع، والتخلص من استعباد الأصول التقليدية للأدب. وكانت البلاد الفرنسية المهد الأول للرومانسية وللكلاسيكية ولجميع المذاهب الأدبية والمناحي الفكرية، أما الظروف التي نشأت فيها الرومانسية بفرنسا فهي ما اعترى تلك البلاد من أحوال سياسية واجتماعية واقتصادية، كان من أثرها تلك الحالة النفسية التي ميزت التمزق الداخلي، والتغني بالآم الفردية. ولعل من عوامل نشوء الرومانسية في فرنسا ما كان من هجرة عدد من كبار كتابها إلى إنجلترا وألمانيا، إثر قيام الثروة الفرنسية سنة ألف وسبعمائة وتسع وثمانين ميلادية، وتأثرهم بآداب تلك البلاد، ومعطياتها الفكرية والثقافية، مما جعلهم يصدرون عن وحيها بكل حماسة وإعجاب، كتلك الحماسة التي أظهرها "شاتوبرايان" عندما عاد من مهجره إنجلترا وتسنى له أن يترجم إلى الفرنسية "الفردوس المفقود" لـ"جون ميلتون" وكذلك الإعجاب الذي أبدته مدام "تستايل" حينما عادت من منافاها ألمانيا بهذا الأسلوب الجديد الساري في أدب الشمال؛ إذ قالت: شعر أهل الشمال يناسب تفكير الأمم الحرة أكثر مما ينسابها شعر الإغريق. كذلك أخذ بعض الفلاسفة يمهدون لهذا المذهب، ويبشرون بعالم أفضل كالفيلسوف الفرنسي "بيدرو" والفيلسوف الألماني "كانت" ولا شك أيضًا أنّ هؤلاء الفلاسفة قد أثروا في الأدب ونقده ، حينما خالفوا أفلاطون في نظريته المشهورة عن المُثل، كذلك انصرف هؤلاء الفلاسفة في أبحاثهم الفلسفية إلى اجتناب طبيعة الجمال، وحقيقته وعلاقته بالمتعة، والفرق بين الجميل والنافع، واستطاعوا أن يحددوا نظرياتهم وآراءهم نحو الجمال. ثم أتى فلاسفة بدؤوا من حيث انتهى أولئك، في مقدمتهم الفيلسوف الألماني الرومانتيكي "فيتشه" والفيلسوف الألماني "شوبن هاور" الذي قامت فلسفته على التشاؤم، ويجبُ أنْ نأخُذَ بِعينِ الاعتبار أن تلك الأسباب لم تصنع بين عشية وضحاها الظروف التي نبتت فيها الرومانسية، وغدت مذهبًا أدبيًّا قائمًا بذاته، كما أن تلك المؤثرات التي أشرنا إليها من قبل، لا تستطيعُ وحدها تشييد صرح الرومانسية، لو لم تتضافر ظروف الحياة في فرنسا لتهيئة الحالة النفسية، التي تصدر منها الرومانسية . وكان هناك في فرنسا عددٌ من الأدباء الناشئين الذين استجابوا لنداء هذه الأحداث، مُشكلين بذلك نقطة انطلاق الرومانسية، وقد وصف الشاعر "الرومانتيكي" الفرنسي الكبير "ألفريد ديموسيه" في كتابه (اعترافات فتى العصر) الحالة النفسية للأطفال الشبان، بعد هزيمة نابليون وإذلال فرنسا وفترة الضياع، تلك الحالة التي لم تعد مذهبًا أدبيًّا فقط، بل صارت فلسفة وسلوكًا في الحياة أيضًا. واتخذت الرومانسية من الشعر وسيلة للتعبير عن الذات، وما يجتنبها من ألم وشقاء وتشاؤم، ولم تُقيد الرومانسية نفسها بأصول ومبادئ فنية، كما حدث في الكلاسيكية؛ إلّا أنها قد بلورت بطريقة تلقائية بعض الاتجاهات التي أصبحت فيما بعد من مميزاتها، من مثل مرض العصر وما يطلقونه على تلك الحالة النفسية الناتجة عن عجز الفرد عن التوفيق بين القدرة والأمل، وكذلك اللون المحلي، ويقصدون به محاربة الاتجاه الإنساني السائد في الكلاسيكية، ثم الخلق الشعري الذي على أساسه يقرر الرومانسيون أن الأدب ليس محاكاة للحياة والطبيعة كما تذهب الكلاسيكية، بل خلق وأن أداة الخلق هي الخيال المبتكر مع ذكريات الماضي، وأحداث الواقع الراهن وإرهاصات المستقبل.
ولقد انحسرت الرومانسية في مطلع القرن العشرين عندما أعلن النقاد الفرنسيون هجومهم عليها - وذلك لأنها تسلب الإنسان عقله ومنطقه - وهاجموا روسو الذي نادى بالعودة إلى الطبيعة . وقالوا : لا خير في عاطفة ولا خيال لا يحكمهما العقل المفكر والذكاء الإنساني والحكمة الواعية والإرادة المدركة. وكان من نتيجة ذلك نشوء الرومانسية الجديدة ودعوتها إلى الربط بين العاطفة التلقائية والإرادة الواعية في وحدة فكرية وعاطفية، ومن ثم نشأت الرومانسية الجديدة حاملة معها أكثر المعتقدات القديمة للرومانسية . القادمة من فرنسا موطن المذهب الرومانسي .
سادسا- الاتجاه الرومانسي في العالم العربي :
أ-نشأته وعوامل انتشاره :
بالرغم من خلو آدابنا القديمة من الرومانسية مذهبًا يتخذه الأدباء عن وعي وقصد، تبعًا لفلسفة يعتنقونها، وظروف تدفع جموعهم إليها، كما هو الحال في تاريخ الآداب الأوربية على ما هو معروف ؛ فمن السهل على من لديهم معرفة بتاريخ الشعر العربي القديم أن يمد يده إلى إلى أي عصر أدبي تقريبًا، بدءاً من العصر الجاهلي ذاته؛ فيقتطف بكل سهولة باقة من الشعر الفواح بعبق الرومانسية. أليست الرومانسية في جانب من جوانبها ثورة على العقل وسلطانه، وعلى الأصول والقواعد السائدة في الكلاسيكية، والاجتهاد في تقريبها ومحاكاتها، أليس الأدب الكلاسيكي هو أدب العقل والصنعة الماهرة، وجمال الشكل، والمواضيع الإنسانية العامة، واتباع الأصول الفنية القديمة؛ فجاءت الرومانسية لتشيد بأدب العاطفة والحزن والألم والخيال، والتمرد الوجداني، والفرار من الواقع، والتخلص من استعباد الأصول التقليدية للأدب؛ والفنانون والأدباء قد أظهروا على مر العصور اتجاهات رومانسية؛ رغم أن مصطلح حركة الرومانسية يشير عادة إلى الفترة التي بدأت في أوربا من أواخر القرن الثامن عشر الميلادي إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. إن الرومانسية أو الرومانتيكية مذهب أدبي يقول أنصاره أنه يهدف إلى سبر أغوار النفس البشرية واستظهار ما تزخر به من عواطف ومشاعر وأحاسيس وأخيلة، للتعبير من خلال الذاتية عن عواطف الحزن والأسى والكآبة والألم والأمل، ومن خلال العفوية الخالية من تأنق الأسلوب وجزالة اللفظ ودقة التراكيب اللغوية، مع الاهتمام بالطبيعة وضرورة الرجوع إليها، وفصل الأخلاق عن الأدب، والاهتمام بالآداب الشعبية . وقد اعتنق كثير من الحداثيين الرومانسية بل عدها بعضهم أحد اتجاهات الحداثة . ولقد دخلت الرومانسية إلى العالم العربي مع الإرساليات التنصيرية التي زعزعت الإيمان في نفوس بعض المسلمين لا سيما في لبنان ، كما يقول إيليا الحاوي : "إن الإرساليات البروتستانتية الوافدة على الشرق بالتبشير والمال زعزعت أركان اليقين القديم ووضعت المسلمات الدينية موضع التساؤل وأيقظت معنى الحرية حتى في الإيمان الديني ... وجاءت الترجمة العربية للكتاب المقدس بلغة يسيرة .. مع البروتستانت .. وقد تولاها الشيخ إبراهيم اليازجي وكان لترجمة الكتاب المقدس فعل كبير في النفوس وكان الإنجيليون البروتستانت يدربون الطلبة على حفظها عن ظهر قلب وتلاوته في المحافل كما أنهم كانوا يترنمون به في الاجتماعات الدينية والكتاب المقدس وبخاصة في عهده القديم لا يعدو أن يكون أروع أثر أدبي رومنسي في التعبير عن زوالية العالم وفي النفحة الروحية المنطلقة من عقال القواعد المنطقية كان يلج إلى الروح بمثل الذهول ولم يكن يخلو بيت في جبل لبنان من نسخة من الكتاب المقدس يسجلون على دفته الأولى أسماء أبناء العائلة وتاريخ ولادتهم .. وهذه الآية الرومانسية الرائعة تسربت إلى النفوس وكمنت فيها واختمرت ومهدت لنشوء أدب يماثلها في الذهول والرؤيا والانفعالية الخالقة
ب -أئمة المذهب الرومنسي عند العرب :
ا-في لبنان : جبران وإلياس أبي شبكة كانوا يدمنون تلاوة الكتاب المقدس وكان بالنسبة إليهم الينبوع الدائم للغذاء الفني والروحي وليس من العسير أن يستشف القارئ في آثار جبران الأولى والأخيرة تقمصات الكتاب المقدس .. ومهما يكن فإن ظل الكتاب المقدس وبخاصة في ترجمته البروتستانتية يهيمن على أدب النهضة الإبداعي . ومن ثم قامت كثير من الصحف والمجلات بنشر هذا الاتجاه الرومانسي المتأثر بالتدين النصراني في العالم العربي كمجلة المقتطف والهلال والضياء وغيرها . ولا شك أنه "كان للاستشراق الأوروبي ولهجرة المشارقة العرب وخاصة اللبنانيين والسوريين إلى الأميركيتين وانتشار الآداب الغربية في بلاد المشرق العربي والاطلاع عليها أصلية أو مترجمة .. كان لكل ذلك آثاره وعوامله" في نشأة تيارات أدبية وفلسفية جديدة في العالم العربي وإدخال المدارس والاتجاهات الغربية إليه فلقيت استقبالا حارا من بعض الأدباء والفلاسفة العرب الذين يصرحون بمعتقدهم الذي يرى أن الفكر العربي وآدابه استعمل أكثر من أربعة عشر قرنا حتى بلي " ولم يعد قادرا على النهوض بمضمون جديد ولقد صار شديد الارتباط بالمعاني التقليدية والمواقف التقليدية والطرق التقليدية في التعبير عن العواطف الإنسانية حتى لم يعد يستطيع أن يحمل معنى جديدا أو طريقة جديدة في التعبير ، ولهذا فإنه مما لا شك فيه أن الرومانسية هي أحد العوامل التي أنتجت الحداثيين العرب ومن ثم سار على نهجها كثير منهم كما ورد في كتال ( الحداثة في العالم العربي دراسة عقدية لمحمد بن عبد العزيز العلي- 2/ 594 )
2- في السعودية : ( محمد حسن عواد ومحمد حسن فقي وحسن عبدالله القرشي وغازي عبدالرحمن القصيبي وعمران بن محمد العمران وطاهر زمخشري وحسين سرحان وغيرهم) .
3- في مصر : مدرسة الديوان ومدرسة أبوللو ومدرسة المهجر، بل إنّ مَدرسة الديوان ممثلة في زعمائها الثلاثة: العقاد، والمازني، وعبد الرحمن شكري. قد صدرت في نقدها لمسرحية شوقي وشعره ونثر المنفلوطي عن الرومانسية ومبادئها وتعاليمها، متأثرة في ذلك بالرومانسية الإنجليزية. وتحت رايات هذه المدارس الأدبية في أدبنا العربي الحديث سطعت نجوم في سماء الشعر الرقيق الحالم، من أمثال الدكتور إبراهيم ناجي، وعلي محمود طه، وصالح جودت، وخالد نعيم،
4-في المغرب العربي : أبو القاسم الشابي
5-في سورية : عمر أبو ريشة ،
6-في المهجر: خليل مطران ...............
سابعاً-أهم خصائص المذهب الإبداعي-الرومانسي العربية :
1- الفردية
2 - الغنائية في الشعر
3 - تمجيد الألم
4 -تمجيد الطبيعة