الحمير تعرضت للإبادة الجماعية بقلم:داود السلمان
تاريخ النشر : 2019-01-11
داود السلمان
لعل الشعب العراقي هو الوحيد عن بقية البلدان العربية والاسلامية الذي تناول لحوم الحمير بكميات كبيرة، سواء كأكلات سريعة أو ذات الطبخ العالي، أي كنوع مرغوب فيه على مستوى جميع الامراق. وما يميز العراق عن بقية الشعوب الاخرى: هو أنه تعرض الى حصار قاس جداً، الا وهو الحصار الاقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة على العراق ابان غزوه للكويت في تسعينيات القرن المنصرم.
وفي هذه الفترة القاسية والظالمة معاً، مرّ الشعب العراقي بحالة تجويع فضيعة، حتى خلط التراب بالطحين وتناوله كلقمة سائغة. أما اللحوم البيضاء والحمراء فلا تتناولها الا الاسر المرفهة الضاربة جذورها في البطر، والممتلئة جيوبها بالدنانير والدولارات. أضافة الى ارتفاع الاسعار في كافة السلع، من مأكل ومن ملبس ومن غيره، بما فيها مادة اللحوم، وهي المادة الرئيسية في المطبخ العراقي، حيث صار كيلو اللحم بسعر طفل او طفلة تبيعه بعض النسوة (نتيجة الفقر والعوز) للعوائل المحرومة من الانجاب، وهو ما يسمى: (الاتجار بالبشر).
هنا اقتنص بعض التجار – أصحاب الضمائر الميتة- الفرصة حيث وجدها سانحة امامه، وهي فرصة لا تعوّض، فراحوا يذبحون الحمير(المتردية والنطيحة) ويبيعوها بالأسواق الشعبية، وبأسعار مناسبة، بحيث لا تؤثر على اصحاب الدخل المحدود، وحتى فاقدي الدخل، من الناس العطالة- البطالة. وبذلك اصبح كل الشعب العراقي، وبأجمعه، يأكل اللحوم الحمراء من دون أن يسئل عن المصدر، من باب (ذبها براس عالم واطلع منها سالم)؛ وهذه المرة لم يسلم، بل وقع بالقاضية مرة أخرى، ونحن في زمن الديمقراطية، واحزاب حاجة بربع، وصديقي باك محفظتي، وهذه المرة بوك من دون حسيب ولا رقيب، والله يرحم حسيب، لأنه مات قبل الديمقراطية بـ 2500متر طفر موانع، وظل ابن (الخايبة)، يركض والعشا خباز، حتى عموا على الخباز وصار اغلى من اللحم. لم يسلم المواطن، لأن هناك اخبار تسربت من على المواقع الاخبارية تشير الى أن الجهات الامنية عثرت مؤخرا على مخرن كبير في احدى محافظات العراق الوسطى، وجدوا في هذا المخزن قطع غيار لبقايا حمير تعرضت للإبادة الجماعية على يد تجار لا يخافون الله، وتبين للجهات الامنية أن هؤلاء التجار يصدّرون هذه اللحوم، وبكميات كافية لكل محافظات العراق، لكي لا ينحرم مواطن عراقي من هذه اللحوم، كثيرة البركة وبأسعار زهيدة، كسراً للحصار ورغماً عن انوف الفاسدين، وسراق المال العراقي العام، فبوركت الايادي التي ذبحت هذه الحمير وصدرتها للشعب الراقي، ولم تفكر بتصديرها للخارج، على اعتبار انهم يحبون المواطن ويغارون على الوطن.
ملاحظة/ وكاتب هذه السطور، اصبح يعاني من الصفنات الكثيرة ما يثير الاستغراب، فنسترعي الانتباه.