حيث النهاية، بقلم: سامر بلال عبد الرحمن التوم
تاريخ النشر : 2019-01-09
حيث النهاية، بقلم: سامر بلال عبد الرحمن التوم


كانَ ويليام خير أصدقاء روبرت، لدرجة أنه إذ مر يوم دون لقائهما تحدثُ كارثة لديهم،لقد أعتادوا على السير معاً، وللذهاب إلى قونية حيث يقيم العم أليفريدو هناك، كان العم يعمل على عربة كمعدٍ للطعام، كان يفرح جداً حين يقدمان عليه هذين الشابين فروحهم مرحة وأصحاب( نفس ضحوكة ) كما يقال
.....
غدًا هو يوم الأربعاء، الموافق ١٢/٤/٢٠٠٩ أنه يوم صدور نتائج الثانوية العامة لكليهما، من الجدير بالذكر أنهم وفي تلك اليلة جلسوا على مقعدٍ خشبي على قارعة أحدى الطرق، الجو هادئ جداً ونسمات الربيع تداعب وجنتاهما بلطف
......
لم يكن العم أليفريدو مجرد طاهٍ بالنسبة إلى روبرت و ويليام
لقد اعتادوا زيارته في المنزل الذي بات هادئاً بعد وفات زوجته أليكس منذ سبعة أعوام وكانوا دائما ما يتسائلون عن سر حُزن العم أليفريدو يا تُرى ما بال العم يا ويليام .. لا أعلم يا روبرت فحاله يؤرقني في بعض الأحيان، لم ُكل هذا الحزن في عينيه لا أدري سوى أنه أخبرني ذات مرة بأنه كان يحب زوجته كثيراً، هذا كل ما ذكره لي، ولكنني لا أعتقد أن هذا السبب كافٍ لأستحضار كل هذا الكم من الحزن
......
كانا قد تحدثا بكل شيء عن فترة المراهقة التي يبدأ فيها المرء بالنضج وعن الدراسة وعن أنواع الأطعمة الشهية، وعن فلودر عشيقة ويليام وعن حبها له وبأنها تريد الزواج منه بعد إنهاء دراستها وما إلي ذلك، وبعد طول الحديث تنهد روبرت ووضع يده في جيبه ويده الأخرة تمسك سيجارة كان قد احترق نصفها، وأخذ ينظر إلى السماء، وساد الصمت أرجاء المكان للحظات لقد كان لنظراته نوعٌ من أنواع الهيبة، فقد صمت صديقه الثرثار، وصمت المقعد الخشبي، حتّى الهواء العليل الذي كان يداعب وجنتيه صمت، وتلألآت النجوم في عينه مرةً أو أثنتين وأخذ يردد بهمسٍ خافتٍ، من نحن يا ويليام بدون الحُب من نحن يا عزيزي، ثم صمت وقال : ويليام
أنا أعتذر علي الذهاب ألآن، لقد تأخر الوقت ووالداي قلقان أعتذر منك، أراك لاحقاً واستدار ليذهب ثم نادى ويليام، عندها نظر إليه صديقه قائلا ماذا يا روبرت ؟
فلوح َ له روبرت وودعه مع أبتسامةٍ بسيطة وولى مدبرا.
يا إلهي من هذا المزعج اممم تباً لك، قال العم عندما نهض من سريره وأتجه نحو الباب ليعلم من المجنون الذي طرق بابه في الخامسةِ صباحاً،
أوه روبرت هذا أنت، هيا بني تفضل بالدخول..
أنه يوم نتائج الثانوية التي لا فائدة منها كما وصفها روبرت ....
ويليام : مرحبا روبرت أين أنت يا رجل اتصل بك قُرابة السبع مرات منذ بداية الصباح
روبرت: اهلا عزيزي، أسمع ويليام لا أود الذهاب لأخذ النتيجة أذهب أنت سأكلمك فيما بعد
ويليام: هل جننت نحن ننتظر هذه اللحظة منذ بدا.... قُطع الأتصال
آهٍ يا روبرت لقد تغيرت كثيراً غيرك الحب وغيرتك نارهُ، يا لك من غبي حقاً، لست أفهم ما يدور في راسك، هل يعقل بأن كل هذا بسبب مارغيني التي تركتك وتزوجت من صديقنا روباي وسافرت معه آه ٍ منك يا رجل، ثم أستلم ويليام نتائج الفصل ومضى لقد فرح والد ويليام عندما أقبل عليه ولده والبسمة تملأ وجهه، لقد عرف أنه نجى من عقابه الشديد فقرر إقامة أحتفالٍ بسيط بمناسبة نجاح فلذة كبده..
روبرت يلهث، لقد أتعبه الهرب من الشرطة، كان قد دار نصف شوارع اسطنبول هربا مما فعله عندما شرب زجاجة البيرا التي اشتراها قبل أسبوع حيث علم أن مارغيني سوف تتزوج حينها
...
العم ألفيريدو
يا إلهي لقد نسيت أين وضعت السكر مرة أخرى يا لعقلي الجشع، بدأ بخيانتي حينما شاب شبابي، حتى جسدي اللعين صار ثقيلا جداً، يقول هذا وهو يحرك السكر في كوب الشاي الذي جلبه لروبرت ، قل لي يا روبرت ما الذي جاء بك مبكراً هكذا
روبرت : سأكون صريحاً معك، في الحقيقة أود معرفة لم أنت على هذا الحال
ألفيريدو : وأي حال تقصد يا بني؟
روربرت تقهقه للحظات ثم قال يا عم أنا أعرفك أنت تخفي شيئاً ولا بد أنك ستقوله لي، ألست ُ مثل ولدك! ثم أضاف بمكر إلا أن كنت لا تعدني هكذا فالحق لك وقتها

أليفيريدو :
لا شيء سوى أنني عندما كنت في سنك، أحببت تلك الفتاة، فتقدمت لخطبتها، ثم أخذ يُحدق في سقف الغرفة، ورأى تفاصيل الحادثة في كل مكان، ثم تنهد وقال، لقد عشنا مع بعضنا البعض لخمسٍة وعشرين عام، لم أرَ منها أي نوع من الأهمال، كانت تهتم بجلَّ تفاصيلي ولو أمكنها لأهتمت بها كُلها، ولكن... ثم صمت وأخذت دمعة العين مجراها الدائم، وطأطأ رأسه وأخذ يصدر أصواتا غريبة إنه ينوح كعادته اللتي لم تفارقه طيلة السبع أعوام التي مضت.
..
كانت الحادثة قد حصل في منتصف عام ٢٠٠٢ عندما قررت ماري اللطيفة أن تُنظف البيت فوضعت السلم لإزالة بعض الخيوط الذي قام العنكبوت بنسجها أعلى حواف غرفة المعيشة، فانزلقت ووقعت على لوح زجاجي إزالته من على الطاولة لتنظفه فيما بعد، لقد ذُهل أليفريدو عندما عاد للبيت ووجد زوجته مُسطحة وقد ذُرف الدم منها حتى ملأ أرض الغرفة.....

مر هذا في ذهن أليفيريدو في تلك اللحظة ، فقاطعت كلمات روبرت هذه الذكري التي آلمت العم طوال هذه الفترة وجعلته يُحلق عالياً ليرتطم بسقف غرفته، أوه يا عم أنا أسف جداً وجعل يده تربت على كتفي أليفريدو حتى أستفاق من نومه الذي لم يستطع أن يغلبه ويغمض له عينيه، لا عليك يا بني أنا بخير توكل على الله واشرب كوب الشاي هذا لقد برد

أما ويليام فقد أتصل عدة مرات على صديقه فلم يجب
أدى تجاهل روبرت لاتصالات ويليام قلقاً واستشاط منه غضباً، الحفل على وشك أن يبدأ، أشتكى ويليام لعشيقته فلودر، فهدأت من روعه بقولها، لا عليك أين سيذهب حتماً سيحضر هيا بنا فالضيوف ينتظرونك بالداخل

....
اختبأ روبرت في بيت مهجور على أطراف مدينة اسطنبول الجميلة، لعلها لم تكن جميلة لروبرت حينها، فقد عانى منها في كل يوم وفي كل حين وحين، وأذ بالباب يطرق!
توجه روبرت ليرى ما إذا كانت هذه الشرطة المحلية
فدُفع الباب مرة واحدة فأدى إلى إسقاط روبرت أرضاً
أنها الشرطة كما توقع هذا الشاب الذي ذبُلت زهرته وغنى على ليلاه غيره،أُلقي القبض على روبرت بتهمة القتل..
أووه من ما ما ماذا؟ ماذا قلت يا أبي روبرت يتستحيل أن يفعل هذا قالها ويليام مدافعاً عن صديقه