"المجتمع القروى في الأندلس في القرنين الرابع والخامس الهجريين" للدكتورة دعاء الشريف
تاريخ النشر : 2019-01-03
"المجتمع القروى في الأندلس في القرنين الرابع والخامس الهجريين" للدكتورة دعاء الشريف


قراءة في رسالة جامعية 

"المجتمع القروى في الأندلس في القرنين الرابع والخامس الهجريين" للدكتورة دعاء الشريف .

بقلم/ أبوالحسن الجمال  –  كاتب ومؤرخ مصري 

     نوقشت مؤخراً في كلية الآداب جامعة الإسكندرية رسالة دكتوراه بعنوان المجتمع القروي في الأندلس في القرنين الرابع والخامس الهجريين (العاشر والحادي عشر الميلاديين)، والتي حصلت عليها الباحثة دعاء فتحي عوض الشريف بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولي، وبإشراف الأستاذ الدكتور كمال السيد أبو مصطفى أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية في كلية التربية جامعة الإسكندرية، والأستاذ الدكتور إبراهيم سلامة أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية في كلية الآداب جامعة الإسكندرية..

      والباحثة دعاء الشريف تنتمي لمدرسة جامعة الإسكندرية التاريخية التي خدمت التاريخ على مدار 75 عاماً وأنجبت العديد من الأعلام وقد تحدثنا في مقالات عديدة سابقة عن دور هذه المدرسة وأهم أعلامها ..وقد تخرجت من كلية الآداب جامعة الإسكندرية قسم التاريخ، سنة 2007، ولم تكتف بهذا القدر من التعليم وأكملت دراساتها العليل حيث حصلت على الماجستير في التاريخ  برسالة بعنوان "كورة شذونة في العصر الإسلامي – دراسة في التاريخ السياسي والحضاري (92-663هـ) " سنة 2012، وطبعت بعد ذلك في كتاب، بتقديم الدكتور أحمد مختار العبادي والدكتور كمال السيد أبو مصطفى ..

وتنناول الرسالة دراسة المجتمع القروى فى الأندلس فى القرنين الرابع والخامس الهجريين / العاشر والحادى عشر الميلاديين. وقد لعبت المجتمعات القروية دوراً كبيراً في الاقتصاد الأندلسي؛ الذي كان يعتمد على الزراعة، ومن هذا المنطلق ألقت الباحثة الضوء على النمو الحضاري في المجتمع القروي وتتبع تطوره خلال القرنين الرابع والخامس الهجريين / العاشر والحادى عشر الميلاديين، والكشف عن مجتمعات الفلاحين، وعلاقتهم بالأرض ومعاناتهم فى العمل فى القرى ومدى تمكنهم من أدوات السقى والغرس ووقاية المحاصيل من الآفات الزراعية وأعمال الدرس والحصاد، علاوة على قدرتهم على توظيف عناصر الطبيعة وإخضاعها للتجربة .

وقد تكبدت الباحثة مشاق البحث في هذا الموضوع كشأن البحث في التاريخ الحضاري للأندلس لتناثر المصادر والمراجع فى بطون المصادر التاريخية و المصادر الجغرافية والأدبية و كتب التراجم والطبقات والحسبة علاوة على كتب النوازل والفتاوى والعقود والأمثال الأندلسية وغيرها .

       وتعرضت الباحثة للدراسات السابقة في هذا الموضوع، ومن أهمها : دراسة أعدها الباحث حسن قرنى"المجتمع الريفى فى الأندلس فى عصر بنى أمية"، وصدرت بعد ذلك في كتاب عن المجلس الأعلى للثقافة،   القاهرة ، 2012،  والتي اقتصرت على عصر الدولة الأموية فحسب، ولم تشمل عصر الطوائف (أى القرن الخامس الهجرى / الحادى عشر الميلادى)، وقد استفادت من هذا الكتاب فى تحديد أسس التقسيم الإدارى للأندلس الذى اختلف عن المشرق الإسلامى، كما أورد معلومات مهمة عن العناصر السكانية التى استقرت في القرى الأندلسية ، كما أمدها بمعلومات عن المؤسسات التعليمية في القرى، وأهم الذين بروزا من أهل القرى فى العلوم المختلفة. وأخذت على الكتاب أغفاله بعض العناصر المهمة ذات الصلة الوثيقة بالمجتمع القروي، مثل: مشكلات الري في القرى الأندلسية ، كما أنه عند الحديث عن العمل الزراعي لم يتطرق إلى أنواع التربة في الأندلس وكيفية العناية بها ، كما أنه تحدث عن المحاصيل الزراعية بإختصار شديد، ولم يذكر أهم مناطق زراعتها ووقت الحصاد خاصة القمح والشعير، وأغفل الحديث عن التقنيات الزراعية التي اتبعها الفلاح الأندلسى مثل: الغرس والتركيب أو التطعيم والتشمير، كذلك لم يذكر نظام تخزين المحاصيل وطرق حفظها، وعند حديثه عن الرعى لم يتطرق إلى المشكلات بين الرعاة وملاك الماشية من خلال كتب النوازل ، كما لم يتحدث عن المكاييل والموازيين والعملة والنظم التجارية مثل الحوالة والسلف ومشاكل الديون، كما أنه عرض أنواع الملكيات ولم يتطرق إلى أراضى الأحباس والملكيات العامة وأراضى الأخماس، علاوة على عدم ذكره لأسماء القرى وضبط مواقعها بالنسبة للكور الأندلسية ، وهذا ماحاولت الباحثة الحديث عنه وإبرازه فى هذه الدراسة.
      
  وقد قسمت الباحثة رسالتها إلى مقدمة ودراسة تمهيدية وستة فصول والخاتمة ، وقد اشتلمت المقدمة على عرض عام لموضوع البحث والدراسات السابقة ومنهج الدراسة ، أما الدراسة التمهيدية فقد تناولت فيها أولاً تعريف القرية لفظاً واصطلاحاً ثم أوضحت بإختصار الأحداث السياسية ذات التأثير على المجتمع القروى حيث شهد القرنين الرابع والخامس الهجريين / العاشر والحادى عشر الميلاديين عدة أحداث سياسية وصراعات كانت لها أبلغ الأثر على مختلف مناحى الحياة فى القرى الأندلسية .

وفي الفصل الأول والذي جاء تحت عنوان "بعض مظاهر الحياة الاجتماعية فى المجتمع القروي الأندلسي" أشارت الباحثة من خلال هذا الفصل إلى عناصر المجتمع  القروى من عرب وبربر ومولدين ومستعربين ، ثم تحدثت عن فئات المجتمع القروى وأعقبت ذلك بالحديث عن أهم مظاهر الحياة الاجتماعية، فتناولت المرأة الريفية ودورها فى الحياة الأسرية حيث أبرزت دورها ومساهمتها فى تنمية اقتصاديات المجتمع القروى ، ثم تحدثت عن الأطعمة والأشربة التى اختصت بها القرى الأندلسية، وكذلك الزى والأعياد والاحتفالات بالإضافة إلى العادات والتقاليد وبعض المشكلات الاجتماعية التى عانى منها المجتمع القروي في الأندلس، واختتمت الباحثة الفصل بالحديث عن وسائل التسلية في القرى الأندلسية .

وفى الفصل الثانى المتعلق بـ" الملكيات الزراعية ونظم حيازة الأرض فى المجتمع القروى " تحدثت الباحثة  أولاً عن أنواع الملكيات الزراعية التى شملت أراضى الحكام والأمراء ، كذلك الملكيات الخاصة التي اشترك في ملكيتها خاصة المجتمع وعامته ، كما أشارت إلى الملكيات العامة وهى عبارة عن أراضى المشاع التي كانت من حق جميع سكان القرية،  ثم أوضحت نظام الإقطاع الذى كان متبعا منذ الفتح الإسلامى، وأراضى الأخماس التى كانت تتبع بيت المال وتحدثت عن العلاقة بين ملاك الأراضى ومزارعيها أو المستأجرين من خلال كتب النوازل والعقود ، كما تعرضت لأنواع الضرائب ونظام الجباية وأثر ذلك على المجتمع القروى .  

وتناولت فى الفصل الثالث الذي جاء بعنوان "الفلاحة وتربية الماشية فى المجتمع القروى" مفهوم الفلاحة وتطور العمل الفلاحي خلال القرنين الرابع والخامس الهجريين / العاشر والحادي عشر الميلاديين، ثم تحدثت عن العوامل المؤثرة على العمل الفلاحى والإنتاج الزراعي ومراحل النشاط الفلاحي من حرث وبذر أوغرس وتسميد ورى وحصاد وما إلى ذلك، وأعقبت ذلك بالحديث عن نظم ووسائل الري، وأبرزت دور المسلمين في إنشاء النواعير أوالسواقى أو الدواليب وغيرها من وسائل السقى، كما أشرت إلى أهم مشكلات الري التي مثلت أشد النزاعات في المجتمع  القروى ، واختتمت الفصل بالإشارة إلى أهم المحاصيل وطرق زراعتها وأهم التقنيات الزراعية، ثم تعرضت لتربية الحيوانات وإرتباطها بالزراعة لما لها من دور في تنمية اقتصاديات المجتمع القروي .

أما الفصل الرابع المختص "بالصناعات والنشاط التجارى فى المجتمع القروى " فقد أشارت الباحثة من خلاله إلى الثروة المعدنية ، وأهم الصناعات في المجتمع القروى مثل: صناعة المنسوجات التي اشتهرت بها بعض القرى وطحن الغلال وصناعة الخبز علاوة على صناعة الزيوت ، كما ألمحت إلى الطرق التجارية البرية والنهرية، وحركة التجارة بين المدن والقرى حيث كان اقتصاد المدن الأندلسية يعتمد كلياً على المنتجات الزراعية بالقرى ، ولم يفتها الحديث عن طبقة التجار وبعض النظم التجارية ، واختتمت الباحثة هذا الفصل بالإشارة إلى الأسواق والمكاييل والموازيين والعملة .

وفي الفصل الخامس وهو بعنوان "المظاهر العمرانية فى القرى الأندلسية" تعرضت الباحثة للتخطيط العمرانى العام للقرى الأندلسية،  ثم أعقبت ذلك بالحديث عن المنشآت الدينية خاصة المساجد ، كما أبرزت المنشآت المدنية بما تشمله من الدور والحمامات ، ثم تعرضت للأسواق والفنادق، كما تحدثت عن المنشآت الدفاعية خاصة في قرى مناطق الثغور فألمحت إلى الحصون والقلاع والأسوار، كما لم أغفل الحديث عن المنشآت المائية فى القرى الأندلسية فأشرت إلى القناطر والجسور والقنوات، وأخيرا فى نهاية الفصل أبرزت بعض المنشآت القروية الأخرى.

أما الفصل السادس والأخير وعنوانه "الحياة العلمية والدينية فى القرى الأندلسية"، فقد تناولت فيه حركة التصوف في القرى الأندلسية، وأهم المؤسسات التعليمية ودورها فى نشر العلم في القرى الأندلسية وكان من أهمها المساجد والكتاتيب والرباطات أو الزوايا، ثم تحدثت عن مراحل التعليم، وأبرز العلماء والأدباء فى المجتمع القروى الذين نبغوا فى العلوم الدينية وعلوم الأدب واللغة والعلوم العقلية.

وقد توصلت الباحثة لنتائج وحقائق تاريخية مبهرة خلال رحلتها مع هذا البحث وأهمها:

1- استنتجت من خلال هذه الدراسة أن الاستقرار السياسى والاجتماعى في معظم فترات عصر الخلافة خاصة فى عهد الخليفة عبدالرحمن الناصر والمستنصر والحاجب المنصور قد انعكس بصورة إيجابية على المجتمع القروى، حيث ساعد على انصراف الفلاحين إلى العمل الفلاحى، والاهتمام بالأرض الزراعية، والحرص على رفع الانتاج من المحاصيل في ظل شعورهم بالأمن والاستقرار ، ومراعاة أولى الأمر التخفيف عنهم فى الضرائب، وعدم أثقال كاهلهم بها .

2- كان للإضطراب السياسى وإستفحال الحروب والفتن بين مختلف إمارات الطوائف بالإضافة إلى حركة الإسترداد الإسبانى وكثرة غارات النصارى الإسبان على الثغور والقرى الشمالية أثره السيء على المجتمع القروى ، ولم يجد السكان فى كثير من قرى الأندلس مفراً من الجلاء عن قراهم وضياعهم وهجرة أراضيهم، فساءت أحوال الفلاحين وضعف الإنتاج وارتفعت الأسعار.

3- اتضح للباحثة خلال بحثها مدى تقدم الفكر الفلاحى الأندلسى خاصة في القرن الخامس الهجرى / الحادى عشر الميلادى من خلال المحاولات الناجحة للفلاحين الأندلسيين بغرض التغلب على مشكلة قلة المياه، فقد كانوا مهرة في تصريف مياه الأنهار وتوزيعها بواسطة والقنوات والسدود والنواعير والسوانى وغيرها من وسائل السقى ، وقاموا بتنظيم أنظمة الرى ، كما أنهم أعادوا تنظيم إجراءات توزيع المياه وإدارتها وفقا للنظام الإسلامي القائم على المساواة، والقاعدة الفقهية رفع الضرر مقدم على جلب المنفعة.

4- من خلال دراستها لمراحل العمل الفلاحى تبين للباحثة أن الفلاحين الأندلسيين كانت لديهم خبرات واسعة لممارسته والتى جاءت نتاج التجارب والممارسة العملية فضلاً عن وجود تراث علمي زراعي ساهم بلا شك في تقدم و أزدهار الفلاحة الأندلسية.

5- اتضح للباحثة أن الفلاحون الأندلسيون بذلوا قصارى جهدهم لتطويع التربة الزراعية ، فكان عليهم استخدام أساليب معينة في العمل الزراعي، وكذلك اتخاذ سلسلة من الإجراءات عن طريق تهيئة الأرض والحفاظ على خصوبتها بالإضافة إلى تطوير التقنيات الزراعية المستعملة مضيفيين لها معارف جديدة للزراعة ، مما أحدث مايمكن أن نطلق عليه إن صح هذا التعبير ثورة زراعية فى الأندلس ، خاصة منذ عصر الطوائف أى فى القرن الخامس الهجرى / الحادى عشر الميلادى رغم التفتت وعدم الاستقرار السياسى .

6- أثبت الفلاح الأندلسى أن لديه العديد من الخبرات في تصنيف التربة على أنواع مختلفة بحسب مواصفاتها وخصائصها، وقد جاء هذا التصنيف بناء على خبرات وتجارب وأدلة وشواهد.   

7- من خلال مؤلفات كتب الفلاحة الأندلسية تبين لنا معاناة الفلاحين الكبيرة من الآفات الزراعية والتى كانت تدمر جزءاً من المحاصيل الزراعية، ولذلك لجأوا إلى استعمال طرق متعددة لمكافتحها والقضاء عليها .

8- استطاعت الباحثة من خلال المصادر التوصل إلى أنواع الممتلكات الزراعية المنتشرة في القرى أو البوادى الأندلسية، فتبين لنا أن تلك الأملاك أو المستغلات الفلاحية لم تكن كلها تهدف إلى الإنتاج الاقتصادى والاستثمار ، لكن كان يهدف بعضها إلى المتعة والترويح عن النفس، ويتضح ذلك في الحرص على بناء المنيات والبساتين، والتى كانت تغرس فيها شتى أنواع الأشجار المثمرة والخضروات والأزهارعلاوة على الرياحين ، وهو مايعرف بنظام البستنة .

9- كانت نتيجة اهتمام المسلمون فى الأندلس بالزراعة وكثرة البساتين والحدائق والمتنزهات أن أضحت تبصر فى كل موضع منها ظلاً ضافياً وأصبح الشعراء يتغنون بحدائقها وبساتينها ومياهها الجارية ، ووفور خيراتها ، وإشتمالها على كثير من المحاسن والمنافع .

10- تنوعت المحاصيل الزراعية فى القرى الأندلسية الأمر الذى أسفرر بدوره عن تحقيق التكامل والتبادل بين مختلف القرى والمدن فضلاً عن التقدم العلمى الذى ادى إلى إدخال أصناف جديدة غير معروفة من الغروس والمزروعات إضافة إلى تطوير اجناس الزرع والثمار ، كل هذا ما كان ليتحقق لولا الاستقرار السياسى فى معظم عصر الخلافة فى القرن الرابع الهجرى / العاشر الميلادى ، فضلا عن تضافر الجهود فى تنمية القرى الأندلسية ، ورعاية الدولة ورفقها بالرعية من الفلاحين فى البوادى والقرى.

11- كان للسيول والفيضانات والجفاف وغيرها من الجوائح التى أصابت الأندلس أثرها على الفلاحين والنشاط الفلاحى الذي أدى في كثير من الأحيان إلى تشريد أهل البوادى وإتلاف المحاصيل وإرتفاع الأسعار ، وبالرغم من هذا كله يمكن القول بأن النشاط الفلاحى لم يتوقف مطلقاً فى الأندلس فى أى فترة من فترات تاريخ المسلمين.

12- ازدهر النشاط الفلاحى في الأندلس فى عصر الخلافة مما ساعد على وفرة المحاصيل التسويقية أو النقدية والمزروعات الصناعية كالقطن والكتان والزيتون والقمح وقصب السكر، ومن ثم إسهامها في قيام نهضة صناعية ونشاط تجارى كبير.

13- استنتجت الباحثة أن سكان المجتمع القروى من الفلاحين خاصة  فى عصر الطوائف في القرن الخامس الهجرى / العاشر الميلادي تعرضوا للظلم والتعسف من جباة الضرائب بسبب إرهاقهم بكثرة الضرائب أو المكوس غير الشرعية مماأنعكس على النشاط الزراعى والحياة الإقتصادية بشكل عام، كما إنه انعكس على العمران القروي الذى تميز بازدياد نفوذ قادة الجند أو أرباب السيوف وغلبة الحصون والقلاع ، وأصبحت القرية الأندلسية محكومة بحد السيف بدلاً من سلطة الأحكام والقضاء .

14- من خلال تطرقنا إلى الدور الاقتصادى والإجتماعى للأحباس في الأندلس تبين لنا أن الأحباس شكلت مصدراً هاما من مصادر بيت المال، فاعتبرت الوثيقة الوقفية في الأندلس من النظم الأساسية في المعاملات العقارية، فاهتم الأندلسيون بتوثيق الحبس أو الوقف ، حيث أمدتنا وثيقة الوقف بمعلومات قيمة عن أسماء القرى ، ونوع الحبس سواء كان كان خيرياً أم أهليا ، وكيفية تأجير الأراضى المحبسة واستثمارها لصالح المنتفعين من ريع الحبس .

15- أوضحت الباحثة الدور الإجتماعى للأحباس، والتى لعبت دوراً مهماً فى توفير الرعاية الإجتماعية للفقراء والمساكين والمرضى ، ووسيلة للتضامن الإجتماعى، كما أسهمت فى الحياة العلمية ، حيث تنوعت فمنها أحباس على الأسرة التى ميزت القرى الأندلسية، وأحباس المواسم الدينية كحبس المولد النبوى، وأحيانا على الكتاتيب والمساجد وأخرى على الرباطات والحصون ومن يرابط فيها لمواجهة خطر النصارى الإسبان.

16- من خلال الدراسة لمظاهر الحياة الإجتماعية فى المجتمع القروى تبين للباحثة أن المرأة القروية وقع على عاتقها مسئولية كبيرة إذ لعبت دوراً مهما في تنمية المجتمع القروي، فإلى جانب مسئوليتها في رعاية مل أفراد الأسرة والقيام بالأعمال المنزلية، شاركت بفاعلية فى العمل الفلاحى حيث ساعدت الزوج في العمل الزراعى وامتلكت الأراضي الزراعية ومارست الزراعة بنفسها، كما أنها مارست العديد من المهن الأخرى كصناعة منتجات الألبان وغزل الحرير وتربية دود الحرير (القز) .

17- اتضح مدى حرص المرأة لاسيما القروية على المحافظة على أملاكها وحقها فى الميراث من أراضى زراعية أو ثروة حيوانية أو عقارية ، فكان لها استقلالها المادى .

18- من خلال كتب النوازل والوثائق والعقود أمكن استنتاج أن القرى الأندلسية تميزت ببعض العادات والتقاليد ، كما أنها كانت تعاني من بعض المشكلات الإجتماعية التي أثرّت بلاشك على المجتمع القروي بكل فئاته .

19- من خلال دراستها للمظاهر العمرانية للقرى الأندلسية اتضح للباحثة ندرة المعلومات عن تخطيط القرى، فلم تصلنا سوى إشارات موجزة ومبعثرة في بطون كتب النوازل والمصادر الأدبية والجغرافية وكتب التراجم عن تكوين القرية وأسماء أحياء ومساجد وحمامات، ومعظم هذه الإشارات لا يحمل تاريخا محدداً يعيننا على تتبع تطورها العمرانى من خلال العصر الإسلامى فى الأندلس.

   وفي النهاية نشكر جهد الباحثة د.دعاء الشريف في تنويرنا بهذه الحقائق التاريخية ونتمنى أن تطبع هذه الرسالة في القريب العاجل تتمة للفائدة..