الإفلاس الأمني الإسرائيلي بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2018-12-16
الإفلاس الأمني الإسرائيلي بقلم:عمر حلمي الغول


نبض الحياة

الإفلاس الأمني الإسرائيلي

عمر حلمي الغول

في قراءة للعمليات الفدائية، التي حصلت خلال اليومين الماضيين يلحظ أي مراقب، أن الكيفية الإسرائيلية في التعامل معها عكس واقعا بائسا، وإرباكا وتعثر في رد الفعل، حيث إدعت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، انها تمكنت من إغتيال المنفذ لعملية مستعمرة عوفرا، وهو الشهيد صالح عمر البرغوثي من كوبر، الذي تم قتله بدم بارد بعد ان إقتادته قوة عسكرية إسرائيلية من سيارته، التي يقودها وأعدمته، ولم يهرب حتى تطارده، لإن سيارته لم يكن بها نقطة دم واحدة، وهو على ما يذكره العارفون به، شاب ملتزم بعمله، ولديه زوجة وطفل. وبالتالي كان هدف الإعلان عن تحميله المسؤولية عن العملية نوعا من التستر والتغطية على عجز المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، والإدعاء أمام الرأي العام الإسرائيلي عموما وقطعان المستعمرين خصوصا، ان قدرة الشين بيت وباقي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية "طويلة"  و"قادرة" على الوصول إلى المنفذين بسرعة، وايضا لإعطاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو برستيج، بإعتباره الآن يقف على رأس وزارة الحرب في أعقاب إستقالة أفيغدور ليبرمان، والتغطية على فضائحه وفساده، وتعزيز رصيده في الشارع الإسرائيلي وخاصة في أوساط اليمين وقطعان المستعمرين عشية الإنتخابات القادمة للكنيست الحادية والعشرين!؟

أضف إلى ذلك، ان تنفيذ عملية مفترق جفعات آساف صباح يوم الخميس الماضي (13/12/2018) وقتل ثلاثة جنود إسرائيليين من نقطة الصفر، والإستيلاء على سلاح أحدهم، ثم عملية الطعن في القدس فجر اليوم ذاته، كشف عن خواء وإفلاس المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. حيث جاء الرد على عمليات الإجتياحات المتكررة لمحافظات الوطن الفلسطيني الشمالية وخاصة محافظة رام الله والبيرة، وإغتيال الشهداء أشرف نعالوة (منفذ عملية بركان بعد خمسة أسابيع من المطاردة) وأمجد مطير وصالح البرغوثي أسرع مما توقعوا وفي نفس المربع، الذي تمت فيه عملية عوفرا، رغم حالة الإستنفار القصوى من قبل قوات جيش الموت الإسرائيلي والأجهزة الأمنية المختلفة.

وكان زعيم الإئتلاف الحاكم أعلن قبل ساعات من عملية جفعات آساف، ان حكومته لن تزيل بيتا أو مستعمرة أقيمت خلال السنوات الخمسين الماضية من إحتلال أراضي دولة فلسطين المحتلة في حزيران 1967، وتبجح من أنه سيواصل عمليات الإغتيال للمقاومين الفلسطينيين، فجاء الرد اسرع من البرق على عدوانه وغطرسته وهمجيته، حيث أكد المقاومون الفلسطينيون من أن لا إستقرار للوجود الإستعماري الإسرائيلي على أرض الدولة الفلسطينية، وأن سياسة الإجتياحات والإعدامات، والإعتقالات، وإعلان العطاءات لبناء الوحدات الإستيطانية الجديدة، وتشريع المستعمرات الإسرائيلية، وإستباحة حقوق ومصالح المواطنيين الفلسطينيين لن تثني أبناء الشعب الفلسطيني عن الدفاع المستميت عن أرضهم وحقهم في الحرية والإستقلال وتقرير المصير والعودة. وأن سياسة دفع الأمور نحو الهاوية لن تفت في عضدهم.

ولم يحاول نتنياهو وأقرانه في الإئتلاف اليميني الحاكم من إستخلاص العبرة والدرس من العمليات الفدائية، التي جاءت ردا على عنجهية وعنصرية وفاشية الدولة الإستعمارية الإسرائيلية، التي قتلت روح الأمل بتحقيق السلام العادل والممكن في أوساط الفلسطينيين، من خلال مواصلتها إرتكاب جرائم الحرب ضد الأبرياء والعزل منهم، والتخندق في خنادق الإستيطان الإستعماري، والقتل المنهجي لعملية السلام، وإستمراء سياسة إدارة الظهر للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية، والإتفاقات البينية مع القيادة الفلسطينية، متكئة على الحرب الأميركية، التي تشنها إدارة ترامب المتصهينة عبر ما يسمى صفقة القرن، ومتوسدة بسياسة التطبيع المجانية، التي تنفذها بعض الأنظمة العربية، والنائمة على لعنة الإنقلاب الحمساوي الأسود. إعتقادا منها، أن المناخ بات ملائما لتصفية القيادة الشرعية ممثلة بشخص الرئيس محمود عباس، والقضية الفلسطينية بشكل كلي، والإتكاء على أزلامها وعملاءها لتنفيذ باقي السيناريو، الذي لن يرى النور ابدا.

إسرائيل الشوهاء، التي نشأت بفعل ودور الغرب الرأسمالي عموما والبريطاني والأميركي خصوصا في أعقاب نكبة العام 1948، إن شاءت البقاء، والعيش في البحيرة العربية، عليها أن تنفذ إتفاقيات السلام، وتنسحب كليا من أراضي دولة فلسطين المحتلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتضمن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، التي شردوا وطردوا منها عامي 1948 و1967. دون ذلك لا سلام، ولا إستقرار في المنطقة، وسيبقى الأمن والسلم الإقليمي والدولي مهددا. فهل يفكر قادة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية مليا بالمستقبل، ويستخلصوا الدروس من عقود الصراع الطويلة؟

[email protected]

[email protected]