إسرائيل تبحث عن الأنفاق وعينها على الصواريخ ..بقلم : محمد عبدالله البشيتي
تاريخ النشر : 2018-12-16
إن كانت الأنفاق سلاح استراتيجي للمقاومة اللبنانية ، وتقوم إسرائيل بالبحث لاكتشافها لتحرم حزب الله من هذا السلاح وتقوم بتحييده جانبا في أي معركة قادمة بينهما –كما قال نتنياهو- فإن المؤكد أن إسرائيل لن تكتفي بذلك خصوصا إن ركز حزب الله على تطوير دقة الصواريخ ، وهو ما تدعيه إسرائيل ، من أن إيران تقوم بنقل التكنولوجيا والمواد وإنشاء مصانع لصواريخ دقيقة في لبنان ، وبذالك من خطر الأنفاق إلى خطر دقة الصواريخ ، لن تسمح إسرائيل بذلك ، وحزب الله بدوره يدرك ذلك جيدا ، خصوصا مع الإعلان الإسرائيلي بأن حزب الله كان سيمتلك أعداد كبيرة من الصواريخ الدقيقة لولا صحوة الجيش الإسرائيلي وتدميرها قبل وصولها من سوريا إلى لبنان .
صحيح أن عملية درع الشمال لها أهدافها ودوافعها المختلفة ، والتي ربما تتعدد بتعدد المعارضات الإسرائيلية ، فمنهم من يرى بأنها هروبا من الجنوب للشمال ، ومنهم من يرى هروبا لنتنياهو من قضايا الفساد الداخلية لصنع نصرا وهميا من خلال عملية لا تتعدى كونها هندسية ، وغيرها من الأمور ، إلا أن الجيش الإسرائيلي اكتشف إلى الآن 3 أنفاقا كانت تخترق للأراضي المحتلة وهو ما أكد عليه قائد قوات اليونيفيل في لبنان ، وهذا يعني أن إسرائيل اكتشفت وما زالت تبحث لتكتشف لتبعد خطر سلاح الأنفاق عنها ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هل ستكتفي إسرائيل بقضية الأنفاق وما تشكله من خطر عليها حسب إدعائها ، أم أن الأمور ستأخذ منحنى آخر خصوصا مع الدعاية والتهديد الإسرائيلي بأن حزب الله يعمل على امتلاك صواريخ دقيقة وهو ما يشكل خطرا على إسرائيل ؟
بكل تأكيد ، إسرائيل لن تكتفي –سواء في الوقت الحاضر أو مستقبلا- بقضية الأنفاق التي تروج لها دوليا لفرض حصار على لبنان وإيران ، وبكل تأكيد أيضا أنها تعيش في أوقات لا تجعلها مهيأة للخوض في حرب ضد حزب الله وهو ما كشفة عنه التقارير الإسرائيلية من عدم جهوزية الجيش للدخول في حرب لأنه يعاني من نقص ميزانيته وما يترتب على ذلك من أمور فنية ولوجستية وفي الكادر، بالإضافة لما تشهده الضفة الغربية من عدم استقرار ، وبكل تأكيد أيضا أنها لن تسمح بوجود الوضع الذي يمتلك فيه حزب الله كميات كبيرة من الصواريخ الدقيقة ، خصوصا مع الوجود الإيراني وانتقاله بشكل كبير من سوريا إلى لبنان كما تدعي إسرائيل ، ولكن يبقى السؤال الأهم ، إن كان حزب الله يدرك تماما ما تعنيه الحرب مع إسرائيل خصوصا مع تجربة 2006 ، فهل تعي إسرائيل ما تعنيه الحرب مع حزب الله مع امتلاكه ترسانة صاروخية تقدر 150 ألف صاروخ بعد أن كان يمتلك 13 ألف في حرب 2006 ، بكل تأكيد إسرائيل تدرك كما يدرك حزب الله ، وهذا الإدراك من كلا الجانبين أوجد حالة الردع الذي لم يجرؤ أحدا على اختبارها ، وإن كان هناك بعض الأحداث السورية وحزب الله الخاصة بهذا الشأن ، إلا أن حالة الردع بقيت منذ 2006 وحتى دخول ما يمكن أن نسميه مرحلة جديدة تتفاعل مع الأيام وستكون لها نتائج بالنسبة لطبيعة استمرار الردع من عدمه مع إعلان عملية درع الشمال والتي تمثل في هدفها المعلن عملية دفاعية تتمثل في الكشف عن الأنفاق ولمنع استخدامها كورقة نصر من حزب الله في أي معركة قادمة ، إلا أن هذه العملية تفتح بشكل أو بأخر الباب لقضية لا تقل عنها خطرا وربما تزيد بالنسبة للإسرائيليين وهي قضية الصواريخ الدقيقة ، وهنا لا بد من طرح السؤال المشروع أيضا وهو ما مدى قدرة حزب الله على امتلاكها ، وما مدى قدرة إسرائيل على غض الطرف عنه وعنها ، وبذلك ننتظر القادم والتطورات لتبين لنا إلى أي مدى ستمتد درع الشمال ، وهل ستكتفي بالأنفاق وعلى جانب الأراضي المحتلة دون الدخول والبحث على الجانب اللبناني ، أم أنها -وهو المرجح- ستتوسع وستصل لمرحلة ثانية- وإن اختلفت المسميات ولكن حزب الله هو المستهدف- هجومية تستهدف مصانع الصواريخ ، أم أن الأمور ستبقى كما هي ، لا أظن ذلك .
وبذلك يمكن القول بأن إسرائيل فتحت باب الحرب على حزب الله عندما أعلنت عملية درع الشمال ، ولكن المؤكد أن قضية الصواريخ وكيفية التعامل الإسرائيلي معها مستقبلا تعني الحرب ذاتها بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، حيث تحتم في تلك الحالة على حزب الله أن يدخل في ما كان لا يفضله الحرب - ولا تفضله إسرائيل ولكن تفضل الحرب على أن يستمر حزب الله في تطوير البنى والصواريخ وبالتالي الوصول لدرجة التهديد الساحق لإسرائيل – فكيف تريد إسرائيل التدرج من الأنفاق إلى الصواريخ ، فعنذئذ ماذا يتبقى سوى القتال من أجل الوجود أمام تهديد الوجود .