الجامعة في خدمة الإدارة ام الإدارة في خدمة الجامعة بقلم د. سليمان عيسى جرادات
تاريخ النشر : 2018-12-14
الجامعة في خدمة الإدارة ام الإدارة في خدمة الجامعة  بقلم د. سليمان عيسى جرادات


الجامعة في خدمة الإدارة ام الإدارة في خدمة الجامعة
د. سليمان عيسى جرادات
ان مدى قدرة الانظمة التعليمية في الجامعات ما هي الا عامل رئيـسي في التنمية بالقيام بوظيفة ثلاثية ( اقتصادية وعلمية وثقافية( ولان الجامعات ركنا أساسيا من أركان بناء الدولة الحديثة ، والجامعة في أي مجتمع متقدم أو نامي لا يمكن أن تؤدي دورها الكامل في التغيير المنشود بدون تحقيق تفاعل بين الأكاديميين كمختصين والبيئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والإدارية والمهنية من ناحية أخرى لهذا فان من أهم واجبات الاداري والأكاديمي الجامعي هو التفاعل مع المجتمع المحلي بعدة مجالات من المعلومات والإمكانيات والمهارات والقدرات والمواصفات النوعية والمتطورة التي هي ميزات في عضو هيئة التدريس الاكاديمي والإداري كي تتواءم مع التطورات العالمية في العمل الاداري والاجتماعي والمجال العلمي والبحثي ، من هنا تفرض على الجامعات أن تحدث دائما في بنيتها ووظائفها وبرامجها وبحوثها تغيرات تتناسب مع التغيرات التي تحدث في المجتمع الفلسطيني والعالم المحيط به، بالرغم من وجود تلك النخبة المتميزة في جامعاتنا الفلسطينية المحلية .
وهنا يستدعي الآمر بطرح السؤال ، كيف يتم اختيار الهيئات الادارية والتدريسية والعاملين في الجامعات وفق معايير ومقاييس تراعي فيها المصلحة العليا أم أن هناك معايير أخرى ، وما هو دور المسؤول الاداري الاكاديمي الذي يمثل البيت الجامع لكافة العاملين في موقعه في متابعة ذلك ام هم جزءا من المشكلة.
والعمل الاداري التي تقع على عاتق المسؤول كبيرة تتمثل في توفير كافة الخدمات الضرورية المساندة لإحداث البرامج والخطط والاستراتيجيات العملية خاصة من المسؤول الاداري الذي لا يعفا من موقع مسؤوليته بالعمل على انجاز التغير اللازم خلال فترة محددة لإنجاح دوره الفاعل بذلك خاصة في ظل المتغيرات الجديدة لبعض المؤسسات التعليمية الجامعية ، وان لا تكون الدعوة مجرد تذكير بين الفينة والأخرى للآخرين لان الأسلوب المغلق لم يعد صالحا في عصرنا الحاضر ، والعمل الاداري في بعض المؤسسات الاكاديمية الجامعية تتبع الأسلوب التقليدي في تسير العملية الادارية والأكاديمية خاصة العلاقة المزاجية بالتعاون مع العالم الخارجي من مؤسسات ومرجعيات مجتمعية لها ثقلها وحضورها بمختلف مكوناتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنظيمية مما يستدعي الأمر بضرورة وضع خطة لكيفية التواصل للكل الجامعي الادراي والأكاديمي في احدث الاستقطاب النوعي والنخبوي من خلال اللجان المختصة وخاصة العلاقات العامة التي تعتبر المرأة الحقيقية لأي مؤسسة حكومية او مؤسسات خاصة او مجتمعية وللاستفادة منها في تعزيز القدرات والإمكانيات والتخصص لفتح افاق التعاون والتقدم والتطور بما يخدم المؤسسة التعليمية . مع الالتزام التام أن تحتفظ الجامعات بوقارها العلمي المتعارف عليه ومكانتها الأدبية والعلمية والأكاديمية ومواصلة ابراز رسالتها الإنسانية والتربوية السامية وإشاعة ثقافة ممارسة حرية الرأي في التفكير والسلوك الملتزم والعطاء الدائم وإذا لم تكن هكذا فإنها ستكون بمثابة هيكل عظمي أجوف لا روح فيه ولا فاعلية ولا حيوية وذلك بتحول عملية التعيين والاختيار في بعض الجامعات المحلية في الكثير من الأحيان إلى ظاهرة مزاجية تختلط فيها عوامل متعددة انعكاساً لمفهوم الجامعة في خدمة الإدارة وليس العكس الإدارة في خدمة الجامعة ويقع التركيز على الإيجابيات والمبالغة في أبعادها وإخفاء السلبيات ، لإن القدوة في العلاقات الملتزمة بالأنظمة والقوانين المتبعة داخل وخارج الجامعة للأكاديمي والإداري لكي يكونا نموذجا إنسانيا ومعرفيا وسلوكيا في آن واحد وعضواً فاعلاً في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإدارية.
ان هناك مشكلة تتمحور بعدم طلب الكثير من مؤسساتنا الاكاديمية ورئاستها ولجانها المختصة الكثير من العاملين في الحقل الأكاديمي بالعمل على إصدار كتاب أو المشاركة مع مجموعة من الزملاء في القسم أو الكليات ذات العلاقة لكي تكون مادة مرجعية ومُدرسة في الجامعة ذاتها ، وان يكون باحثا ومشاركا فاعلا في الأبحاث العلمية المميزة كشرط أساسي من شروط الأستاذ الجامعي وان لا يكون دوره مقتصرا على التلقين داخل القاعة فهناك العشرات من الأكاديميين تنقصهم المشاركة الفاعلة بمثل هذه الأبحاث بالرغم من مرور سنوات وسنوات طويلة على عملهم كأكاديميين ، والجامعة إذا كانت مسئولة عن توفير مناخ أكاديمي صحي للجميع ، فإنها غير مسؤولة عن وقتهم العلمي الضائع لغرض الشكوى والتبرير والتعليل بسوء الأوضاع العامة مما يتطلب من إدارة الجامعات إصدار قرارا اداريا ملزما بان يمنح الأكاديمي أن يعد بحثا علميا محكما أو المشاركة في كتاب بمجال تخصصه او غيره بما تسمح به امكانياته في غير التخصص والمشاركة في المؤتمرات العلمية المحلية والدولية مع الحرص أن تكون المشاركات ليس حضورا فقط دون المشاركة بالأبحاث التي ستصبح مرآة لشخصيته المتميزة في الموضوعية البحثية الرائدة والمنسجمة مع عقلية وتفكير الاكاديمي الناجح والمتميز بالعطاء العلمي ، وتفتح أفاقا علمية ملموسة منافسة بين الأكاديميين وغيرهم وليس كما هو متبعا بجمهرة ودعوة الشخصيات الرسمية والاعتبارية وغيرها للمشاركة في التكريم وكأن الهدف هو تعريف المدعوين والمحيط الخارجي ها نحن هنا ؟
إن هناك تحديات كبيرة تواجه جامعتنا التي تدخل المنافسة وإنكار الغير من خلال حشد الطبقة المتعلمة في مجتمعنا الفلسطيني ، لذلك لا بد من التفكير الجدي برؤية علمية وإستراتيجية مستقبلية والتعامل بمسؤولية وهما سمات العصر‏ الحديث ومع ذلك فالبعض يعيش لحظة التائهين في النظرة إلى المستقبل وبالنسبة للنهج المتبع حاليا ،‏ وبالرغم من وجود ما يؤمن بان جامعاتنا ومؤسساتنا الفلسطينية المحلية تمثل الوطن والحضارة والتقدم والمستقبل ‏والأمل والرأي والحضن الدافئ للحياة برؤية علمية سليمة حتى يستطيع المشاركة في الحفاظ على إنجازات هذا الشعب العظيم ، ولكي يواجهه التحديات الداخلية والخارجية التي تتعلق بمصير حياته ومستقبله بتنميته الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية فكل المؤشرات والإحصائيات والوقائع تؤكد على أننا نعاني بالنسبة لعمليات التنمية التعليمية في كل هذه الميادين ، لذا فالجامعة ثروة كبيرة لا تقدر بثمن فهي تحرك عملية التنمية الشمولية لان المؤسسة التعليمية هي من ارفع المؤسسات التي تناط لها مهمة توفير ما يحتاجه مجتمعنا الفلسطيني من متخصصين ومهنيين وعلاقات بمختلف المجالات ، كما إنها المراكز الأساسية للبحوث العلمية والتطبيقية ان اعتمدت من جهات ذات الاختصاص التي بدونها يصعب أحداث أي تقدم سياسي ، اقتصادي ، اجتماعي حقيقي أو ثقافي بل والأبعد من ذلك يجب ان ترفد صناع القرار بالخبرات والمهارات وتذكير وتصويب الأداء السياسي في حال تغير مساره.