دولة قطر في يومها الوطني...تحد وإنجاز بقلم د. منصور محمد الهزايمة
تاريخ النشر : 2018-12-13
قطر في يومها الوطني...تحدٍ وإنجاز
د. منصور محمد الهزايمة
تجري التحضيرات الخاصة بفعاليات اليوم الوطني على قدم وساق، حيث تحل هذه الذكرى يوم الثلاثاء الموافق 18 من ديسمبر الجاري، إذ بدأت مظاهر الزينة تلف البلاد، وصبغ اللون العنابي الذي يرمز إلى راية وعلم الدولة كل مكان من شوارع وبيوت ومؤسسات مدنية ورسمية وأسواق وحدائق، وتجوب السيارات المزينة الشوارع في مسيرات، وقد اكتست بالعلم أو برسمه، مقرونة بصورة أمير البلاد، وهي مناسبة يتنافس فيها الجميع لإبراز مشاعرهم النبيلة والجياشة تجاه قطر الخير من أبنائها، والمقيمين على أرضها، لتصل هذه التحضيرات قمتها في إطلاق فعالية درب الساعي التي تجسد العادات والتقاليد القطرية والتواصل بين الأجيال وصولا إلى العرض العسكري الذي يجري على كورنيش الدوحة صباح يوم المناسبة.
تحتفي قطر بهذه الذكرى كل عام باختيار شعار يعكس آمال وطموحات الدولة قيادةً وشعباً، وهي تحث الخطى نحو التقدم والعالمية، ويأتي الاحتفال هذا العام لأول مرة في ظل شعار مزدوج، يعكس ما يختلج في قلوب أهل قطر، من حيث التأكيد على أن زين الأفعال هو ما يبني الأوطان، مثلما قال الشيخ المؤسس "فيا طالما قد زينتها افعالنا"، وقد عُرف الشيخ بإنه من خيار العرب وكرامهم، والشق الثاني اقتبس من نشيدها الوطني الذي يُقسم على أن " قطر ستبقى حرةً "- وللمصادفة فإن النشيد أذيع لأول مرة بمناسبة انعقاد قمة خليجية في الدوحة عام (96)- حيث كان جرح قطر من تأمر الأشقاء لم يلتئم بعد، وكان يعبر بشدة عن رفض كل أشكال الخضوع والهيمنة، وهذان الشعاران يمثلان عهد التلاقي بين الحرية وطيب الأفعال، بين حكمة الأمير وإخلاص الشعب، حيث يرى القطريون في أميرهم الشاب أيقونة الوفاء والكبرياء الوطني، فلم يكن غريبا أن تزين صورته الصدور قبل المباني والمكاتب، لكن بحب لا بمرسوم.
للمرة الثانية تحتفي قطر بيومها الوطني، في ظل حصار مسيء، ترفضه كل الشرائع السماوية والأعراف الإنسانية، فطالما اعتبر أهل الخليج أرضهم وماءهم وسماءهم واحدا وكلا لا يتجزأ، وتفاءلوا دائما أن تبقى لحمة الأهل عصية على عصا الانشقاق، بحيث يسمو مجلسهم عن كل خلاف، لكن "آآآه كم من طعنة في الصدر تأتي من أخٍ -ما أحمقه-"، وقد طغت حكمة القيادة القطرية، فوطدت أركان العلاقة بشعبها وبأمتها، بحيث بات من المستحيل أن تنجح محاولات الدس والتدليس، ومن هنا فقد ذهبت محاولات الكيد والتآمر أدراج الرياح.
مظاهر الاحتفال هنا لا تقتصر على إقامة المسيرات والمهرجانات والعروض التي تعبر عن فيض المشاعر، بل إن الاحتفال الحقيقي يتمثل في العمل الدؤوب، والانجاز الحقيقي، بحيث يبدو لكل من يزور قطر اليوم، أن البلد عبارة عن ورشة عمل كبيرة، لا يتوقف بها هدير الماكينات، ولو أراد البعض أن يتلمس آثار الحصار، لأنكر وجوده، نسبة لما قامت به القيادة من حسن تدبير وسياسة، بل قد يكتشف أن قطر أسقطت حصارها بتجاهل محاصريها، ومن هنا فإن تقديم الكبرياء الوطني واستقلالية القرار لم يكن مجرد شعارا مجتراً، بل كان نهجا وممارسة، حيث كانت سياسات وممارسات القيادة القطرية أكثر اقناعا من غيرها، التي أظهرت غيرةً ومسؤولية بقضايا قومية وإقليمية، جعل من نصرتها انحيازا للقيم والعدالة.
قلبت قطر الموازين البدائية، ونبذت الأفكار الرجعية، عندما افلتت من اعتبارات المساحة والموقع والأرقام، إذ رمت ذلك خلف ظهرها، وصارت تنافس في كل قيمة، وترتفع مكانتها في كل شأن، وتثبت حضورها في كل المحافل والمنتديات الدولية، وعملت على تطوير التشريع لديها، ليواكب التطورات العالمية، وقدمت الأفكار والمساعدات لصنع شراكات مع هيئات إنسانية، لتضع نفسها في مكانة تستفز المكابرين، وهكذا تتحقق غاية الحكم والسياسة في إعلاء شأن الوطن، وتحقيق رفاه المواطن، بالعقل والحكمة والحكم الرشيد.
الدوحة - قطر