تهويد القدس في غياب موقف عربي وإسلامي فاعل .. بقلم محمد جبر الريفي
تاريخ النشر : 2018-12-06
تهويد القدس في غياب موقف عربي وإسلامي فاعل .. بقلم محمد جبر الريفي


في الصراعات السياسية الإقليمية والدولية المعاصرة تتراجع الآن في غالبيتها المبادىء الوطنية والقومية والديمقراطية التحررية وحتي الإخلاص للعقائد الدينية كما كان الحال في الماضي حين كانت الثورات الوطنية ضد الاستعمار تجتاح بلدان العالم الثالث لتحل محل تلك المباديء الآن على المصالح المادية على اختلاف أنواعها وأشكالها وطبيعتها ..مصالح متعددة سياسية واقتصادية واجتماعية تحوز على الاهتمام وتصبح بؤرة توتر بين كثير من دول العالم لهذا لم تعد القضايا العادلة تحوز بالاهتمام إلا بقدر ما تحقق هذه المصالح وهكذا تراجعت قضايا كانت لها مكانتها في السياسة الدولية كقضية التمييز العنصري وقضية الحياد الإيجابي وعدم الانحياز ...على المستوى العربي تراجعت القضية الفلسطينية عما كانت عليها قبل عقد الاتفاقيات السياسية مع الكيان الصهيوني حينع كانت القضية المركزية للأنظمة العربية على مستوى الحكومات والشعوب وهي قضية وطنية عادلة بكل أبعادها الوطنية والقومية والدينية حيث لم تعد لها الآن الأولوية في الاهتمام العربي والإسلامي لأن هناك قضايا قطرية أصبحت أكثر أهمية منها اما لأن هذه القضايا مرتبطة بأمن الأنظمة السياسية واستقرارها وهي في غالبيتها أنظمة استبدادية قمعية معادية للديموقراطية والمحافظة عليها من رياح التغيير وأما لكون هذه القضايا القطرية مرتبطة ايضا بحاجات الشعوب التي تعاني من ازمات الحياة المعيشية الطاحنة التي لم تجد لها حلولا حاسمة .. حماية القدس الشرقية من التهويد الذي يجري الآن بوتائر سريعة خاصة بعد الاعتراف الأمريكي بالقدس الموحدة عاصمة للكيان وهي قضية في صميم المبادىء لأنها تدخل في اطار العقيدة الدينية لا تجد من يقوم الاهتمام بها بشكل حازم وفاعل لمنع تغيير معالم هذه المدينة المقدسة من خلال الهدم المتواصل لبعض البيوت وتشريد عائلاتها والقيام ببعض الإجراءات والمشاريع خاصة انشاء خط (تلفريك ) الذي سيمر فوق المساجد والكنائس والمدارس والأسواق لربط القدس الغربية والمسوطنات بالقدس الشرقية وهو مخطط استراتيجي تهويدي في اطار ما يزعم الاحتلال بأنه جزء من التطوير فلا النظام العربي الرسمي الذي عقد بعض أطرافه اتفاق سلام مع الكيان الصهيوني كمصر والأردن أو الذي يقوم البعض الآخر بأحداث عمليات تطبيع كدول الخليج العربية يمكن أن تضحي كل هذه الأطراف بمصالحها القطرية في سبيل حماية هذه المدينة من التهويد ..اما باقي الدول العربية والإسلامية فمصالحها السياسية والاقتصادية التي توفرها لها علاقات التبعية مع دول الغرب الرأسمالية الكبرى هو عندها أهم بكثير من إقحام نفسها في صراع ديني طويل لا آفق سياسي واضح للوصول إلى حله كالذي يجري الآن في فلسطين لذلك لا غرابة أن نجد ظاهرة الصمت من دول العالم العربي والإسلامي على ما يجري في القدس هي السائدة والاكتفاء ببيانات شجب واستنكار لا تردع الكيان الصهيوني ولا تجعله يتراجع عن تحقيق مخططاته التهويدية العنصرية في جعلها مدينة يهودية خالصة ؛؛؛