نتنياهو يقامر بمستقبله السياسي بقلم:خالد صادق
تاريخ النشر : 2018-12-06
نتنياهو يقامر بمستقبله السياسي بقلم:خالد صادق


نتنياهو يقامر بمستقبله السياسي
خالد صادق
كلما اشتد الخناق على رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو, لجأ إلى وسيلة جديدة لحرف الأنظار وإرخاء الحبل الذي يطوق رقبته, فقضايا الفساد التي تحيط به تهدد مستقبله السياسي, وما من سبيل لحرف الأنظار عنها إلا بالتصعيد العسكري في جبهات عدة, وكلما كانت الأحداث ساخنة, كلما انحصرت قضايا الفساد التي تحاصر نتنياهو من كل اتجاه, وابتعد التركيز الإعلامي عنها لما هو أكثر أهمية من فساد نتنياهو وزوجته, فلا غرابة أن يلجأ نتنياهو للتصعيد على جبهة غزة, ولا غرابة في ان ينتهك الاجواء السورية ويقصف ما اسماها بقواعد عسكرية معادية, ولا غرابة ان يلجأ مؤخرا إلى ما يسمى بعملية الدرع الشمالي على الجبهة الشمالية, والتي تحمل مخاطرة كبيرة ربما تؤدي لمواجهة عسكرية مع حزب الله إن تمادي نتنياهو في غيه.
نتنياهو يحاول ان يرتدي ثوب البطولة أمام الجمهور الإسرائيلي, ويشعل الجبهات ويبقى كل الاحتمالات واردة سواء على جبهة غزة, أو الجبهة السورية, أو جبهة الشمال, ويقول: إن إسرائيل ستستمر في القيام بعمليات علنية وسرية لضمان أمنها مضيفا نعمل بحزم وبمسؤولية على جميع الجبهات بآن واحد», وهذا المنطق في العمل يدل على عكس صورة مسرحية أمام الجمهور الإسرائيلي الغرض منها استعادة الثقة المفقودة في نتنياهو وحكومته وجيشه, وحرف الأنظار عن قضايا الفساد التي أرهقته, وتكميم أفواه المعارضة التي تطالب نتنياهو بحل حكومته المتهالكة, والإعلان عن انتخابات مبكرة تشير التقديرات أنها لن تكون في صالحه بعدما أظهرت استطلاعات الرأي تراجعا كبيرا في شعبيته, وشعبية حزب الليكود الذي يقوده.
الجيش الصهيوني برر عملية «الدرع الشمالي» بأنها تأتي للكشف عن انفاق بناها حزب الله وتصل لداخل الأراضي المحتلة, مستدلا بسماع المستوطنين الصهاينة شمال فلسطين المحتلة أصوات ضجة وصخب تحت الأرض ووجود مبانٍ غريبة على الجبهة الشمالية بناها حزب الله, هذه هى المعطيات التي يسوق لها الجيش الذي وصفوه بأنه لا يقهر, فإسرائيل تنوي إشعال الجبهة الشمالية نتيجة حالة الهوس والرعب والفزع التي يعيشها قطعان المستوطنين الشمال, تماما كما حالة الهوس التي أصابت سكان منطقة الغلاف الحدودي المحاذي لقطاع غزة, ويبدو ان إسرائيل تربط بين أنفاق الجنوب والشمال, فنتنياهو يقول: إنه قد يشعل كل الجبهات, ويواجه الأخطار التي تتعرض لها إسرائيل في آن واحد, ومستعد للمواجهة العسكرية وقتما تطلب الأمر ذلك, ويبدو ان اجتماعه بمسؤولين أمريكيين جاء لتنسيق المواقف ومواجهة كل الاحتمالات.
يبدو ان المهلة التي طلبها نتنياهو من حزب البيت نفتالي بينت زعيم حزب «البيت اليهودي», وموشيه كحلون زعيم حزب «كلنا» الصهيوني بعدم إسقاط حكومته بالانسحاب أي منهما منها, كانت لأجل هذه العملية المسماة «الدرع الشمالي», وأنها قد تؤدي إلى مواجهة عسكرية على أكثر من جبهة حسب تقديرات نتنياهو, وان هذه العملية مستمرة لإزالة كل الأسباب التي تؤدي إلى تهديد أمن إسرائيل, والحقيقة ان هذه مغامرة كبيرة على مستقبل نتنياهو السياسي, فإما ان تؤدي إلى زيادة شعبيته في حال نجاحة بتلك العملية, وإما ان تؤدي إلى انتهاء مستقبله السياسي تماما, وهو في كل الأحوال ليس أمامه من خيار سوى المغامرة, وربما تكون عوامل فشله أعلى من عوامل نجاحه, لكنه لا يملك رفاهية الاختيار, فخياراته ضيقة وصعبة وفيها مقامرة كبيرة غير محسوبة النتائج لذلك يحاول توريط أمريكا في هذه المقامرة جرها لتأييد كل خطواته مهما كانت صعبة.
حزب الله يراقب بعناية ما يحدث على الحدود الشمالية, وقد حدد قواعد لن يسمح للاحتلال بتجاوزها, خاصة ان «إسرائيل» قالت إن عمليات البحث عن أنفاق ستمتد للأراضي اللبنانية, وربما تكون هذه نقطة الاشتباك بين حزب الله والكيان الصهيوني إن أقدم على هذا الأمر, صحيح ان إسرائيل تراهن على حالة الانقسام الطائفي والسياسي في الساحة اللبنانية, لكن لبنان تتحد عندما تتعرض لأي عدوان خارجي على سيادة أراضيها, وأعتقد ان حزب الله يدرك أنه هو المستهدف الأول في عملية «الدرع الشمالي» وان قواعده العسكرية مهددة, لذلك هو يملك الحق في الدفاع عن نفسه بكل الوسائل الممكنة, وهو قادر على صد أي عدوان صهيوني مهما كان حجمه أو طبيعته, وكما انتصر في حرب تموز وأسقط نظرية الجيش الذي لا يقهر, يستطيع ان ينتصر مجددا, ويضع حدا لمستقبل نتنياهو السياسي, بل ومستقبل هذا الكيان المجرم المسمى «إسرائيل».