الإدارة الشاملة بقلم:احمد محمود سعيد
تاريخ النشر : 2018-12-06
الإدارة الشاملة بقلم:احمد محمود سعيد


هل صحيح ان مشكلتنا إداريّة فقط
ام الفساد والمحسوبيّة ايضا
نعم ينقصنا في الأردن نظام إداري شامل ولن يفيد اي إصلاح في الإدارة في الأردن هنا وهناك ويكون ضحكا على الذقون إن أقنعنا انفسنا بذلك .
وإذا كانت الإدارة الشاملة تبدأ بإدارة السلطات الرئيسة الثلاث في الدولة وهي السلطة التشريعية والسلطة القضائيّة والسلطة التنفيذيّة والذي يرأس السلطات الثلاث مجتمعة حسب الدستور هو جلالة ملك البلاد .
وهل إصلاح الإدارة يبدأ من الأعلى الى الأسفل ام بالعكس يبدأ من المواطن الفقير الى منصب رئيس الحكومة في السلطة التنفيذيّة .
ولكن لدراسة الوضع الإقتصادي والإجتماعي والمالي والسياسي المتردّي الذي تمرُّ به المملكة منذ عشرات السنين لا بدّ من دراسة التاريخ الذي مرّت به المملكة والوقوف بتركيز عند المفاصل الرئيسة والتي تسبّبت في التغيير الملحوظ في الظروف والسياسات او في الأشخاص او في سير حالة الرفاه والمعيشة او في تقديم الخدمات للمواطنين او في مستوى الرواتب لدى مختلف الشرائح او في موجودات الأردن مثل المال الإحتياطي الأجنبي او موجودات الأمن الغذائي او المائي او الثروات , وبالتأكيد هناك مواقف فاصلة وحسّاسة ولم يتم دراستها كما يجب والإستفادة من المؤثرات والمتأثرات الهامّة فيها ولها , والسبب هو عدم وجود أشخاص فاعلين لذلك وعدم وجود إرادة سياسية لذلك بالإضافة لوجود ظروف محليّة وإقليميّة ودوليّة تمنع ذلك .
ومنذ حوالي خمسون عاما بدأت تظهر على السطح شخصيات في الدوائر العليا من مجلس نواب واعيان وحكومة ووظائف عليا في الدولة بنسبة كبيرة وبعضا منهم لا يصلحون للمواقع التي وُضعوا بها فنيّا او إداريّا او ماليّا او سياسيّا وبدأت الأمور تأخذ إتجاها ومنحا آخر للتغطية على ما ذكرته سابقا بحيث اصبح الأمر الناهي في الدولة الأردنيّة يتأتّى عن طريق جلالة الملك إضافة لمشاغل جلالته الكبيرة او الديوان الملكي الذي توسّعت اعماله او دائرة المخابرات العامّة التي غطّت معظم اركان الدولة وأصبح الوزراء لا يملكون أيُّ صلاحيّة شيئا فشيئا وقد ارتاحوا لذلك .
وهكذا اصبحت الدولة عبارة عن حوالي مائتين من الأشخاص يجلسون على كراسي الدرجة الأولى في سلطات الدولة وحوالي ثلاثمائة من الأشخاص يجلسون على مقاعد الدرجة الثانية وهؤلاء الأشخاص (ذكورا وأناثا) هم يُشغلون كراسيهم واسماء وظائفهم وليس بيديهم صلاحيّة او ميزانيّة او رأي محدّد ويُلجأ الى تغييره بين الحين والآخر ممّا زاد عددهم واصبحوا حوالي اربعة الاف ما بين حيِّ وميِّت وما زال المواطن بإنتظار وضع إقتصاديِّ افضل واحوال إجتماعيّة أهدأ وراحة بال على اطفاله وكذلك مشاركة المواطن في صنع القرار بينما المواطن جالس على الأرض يقتات الفتات.
ونقلا عن مسؤول كبير في مجلس النواب والنقابات وامانة عمان ووزير في حكومات متعددة قال ان الأمر بحاجة لإتخاذ قرارات خارجة عن صندوق النقد وهكذا قرارات لا يمكن ان يأخذها غير جلالة الملك والذي هو أعلم بحاجات الشعب وبإمكانات البلد ويمكن ان يوازن بين تلك الظروف مجتمعة لعدّة سنوات حتى يستقيم الوضع خلال عدة سنوات قادمة .
وعليه تبدأ عملية الأصلاح الإقتصادي بعد عملية الإصلاح السياسي ومن خلال إصلاحات في قانون الإنتخابات النيابية ويلحق به إصلاح قوانين تعيين الأعيان وبعده قوانين القضاء .
وفي حديث لرئيس الوزراء الحالي أشار إلى وجود اربع قوى او مجموعات فيما يتعلق بالرؤية لعملية الإصلاح اولها مجموعة تخشى اي عنوان يتضمن تغييرا لواقع الحال وقد يكون لديها خشية من تراجع مكتسباتها, وثانيها مجموعة تسعى للتغيير وتؤمن به ولكن لديها اعتقاد بانها الوحيدة القادرة على إحداث التغيير وغالبا فإن طابعها أيدلوجي وليس هناك ما يعيب ذلك اطلاقا ولكن هذه القوى غالبا اقصائية للآخر وهذه المجموعة دورها اساسي في التغيير ومهم ونحن نحتاج إلى فن إدارة الاختلاف.
اما المجموعة الثالثة فهي التي فقدت الامل بالتغيير ومعظمها من فئة الشباب وهي ليست منخرطة بالحوار رغم أنها ثروة الأردن القادرة على الانتقال بالبلد نحو مشروع النهضة, واخيرا المجموعة الرابعة التي تصر على مساءلة الحكومة ووضعها في وضع الدفاع عن النفس امام اجندات طموحة في الخدمات وقضايا السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة وهي التي نعول عليها الكثير وقد يكون الاختلاف معها على سرعة الوصول إلى الهدف .
ولعل ذلك التفكير العام للأحوال العامة بالأردن لا تعطي تفائلا للمواطن بأن لدى الحكومة خطّة إدارية شاملة لإدارة جميع الشؤون واهمها توليد الثقة بين المواطنين من جهة والحكومة والنواب من جهة أخرى او بين المواطنين انفسهم وكذلك المحافظة على ثروات البلد ومواردها واموالها كما لا يمكنها محاسبة الفاسدين وملاحقتهم قانونيّا وامنيا وإسترجاع ما سلبوه ولو حتّى إسترجاع الأموال التي اودعوها خارج البلد .
وعليه فإن المظاهر التي نراها لا تبشِّر بالخير فمن المشاكل الإجتماعيّة المتعددة والتعليميه والصحيّة والنقل العام والضرائب واسعار المواد والخدمات وغيرها ومنها الفجوة الكبيرة بين دخول ذو الوظائف الكبيرة العاملين والمتقاعدين من جهة واصحاب الوظائف الصغيرة من جهة اخرى ومنهم الجنود والضباط في المؤسسات العسكرية والأمنية وكذلك المعلمون والموظفون وغيرهم تولِّد كراهية المواطنين للحكومة وتولِّد الحسد بين المواطنين على مختلف مستوياتهم الإجتماعيّة والوظيفيّة .
وبغياب الإدارة الشاملة ووجود الفاسدين والحراميَّة واللصوص لا يمكن ان تتحقّق أي تنمية مستدامة فإن البلد يهوي للهلاك والإفلاس ويتجه من يستطع من المواطنين الهرب منها وخاصّة جيل الشباب والصبايا الذين يتوقون للعيش بكرامة وعدالة ولو إضطروا للعمل كعمّال وطن في وطن يحفظ كرامتهم ويصون إنسانيّتهم ولا يسلبهم حقوقهم .
اللهم إحفظ بلدنا شعبا وقيادة واحرق واهلك الفاسدين والمفسدين ولصوص المال العام وسالبوا حقوق المواطنين فيه .
احمد محمود سعيد
البناء الأخضر للإستشارات البيئيّة
[email protected]
5/12/2018