حينما نجثو أمام الاسرائيلي المحتل بقلم:بكر أبوبكر
تاريخ النشر : 2018-12-05
حينما نجثو أمام الاسرائيلي المحتل بقلم:بكر أبوبكر



حينما نجثو أمام الاسرائيلي المحتل
بكر أبوبكر
عدد من الدول العربية تتسابق لإقامة علاقات (طبيعية) مع الدولة الصهيونية العنصرية العرقية التي تكره العرب وتزدريهم، وتسعى جاهدة للسيطرة عليهم جغرافيا واقتصاديا، وفي ترويجها للرواية الأسطورية القديمة والحديثة.

الدول العربية الرسمية -الا من رحم ربي- تظن أنها تجد في علاقاتها المتطورة مع الدولة الصهيونية حضنا دافئا يقربها لحامية المنطقة أمنيا واقتصاديا وأنظمة أي الولايات المتحدة الامريكية.

لا شك أن عددا من زعماء الدول العربية يخافون على أنفسهم وأنظمتهم الى حد الرعب، لذا فهم قد خنعوا وجثوا على ركبهم، وتوسلوا السلطان الأعظم أن يبارك لهم هذا الخنوع والخضوع، فلم يكن من صاحب المشهد الفاقع الا ان يُلزم مثل هؤلاء أن يقدموا فروض الولاء والطاعة للربيبة "اسرائيل".

لا شك لدي ولدى كل العرب والفلسطينيين بثبات الانتماء الديني والقومي والحضاري للامة تجاه فلسطين، وتجاه القدس وهي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

كما لا شك لدى كل أحرار العالم وأبناء الامة بأن فلسطين المقدسة مقصد مسيحيينا ومسيحيي العالم حيث مهد المسيح وكنيسة القيامة. نعم لا شك  
ان القضية الفلسطينية التي تعني بأرض فلسطين جغرافيا ومكان وتراث وشعب قضية كانت القضية المركزية للامة، وستظل، رغم أنها تبدو اليوم متوارية خلف المسرح أو تحت ثقل الكثير من الازمات التي ينأى بها ظهر زعماء العرب الذين ما كان تفتيتهم الا مخططا مقصودا، فالنتيجة تؤشرعلى طبيعة المخطط القديم والمشؤوم.

حساب هؤلاء الزعماء-ونحتسبهم قلة في الأمة- بدأ يتخذ مجرى بعيدا كليا عن التيار الجماهيري العام، أي بعيدا عن تيار الارتباط الوحدوي بالامة من الشرق الى الغرب.

المخطط الغربي-الصهيوني المشؤوم ضد فلسطين والامة مخطط قديم، لا يمكن أن يديم وجود الكيان الصهيوني في قلبنا، الا بحالة واحدة فقط وهي: تفكيك الانتماء الحضاري العربي الاسلامي-المسيحي الشرقي وهذا ما تبدو بوادره.

هل كان "الربيع" او "الخريف العربي" الذي دعى بداية لرفع الظلم، ودعى للعيش والحرية والعدالة نعيما أم كان سيفا؟ هل كان هذا الربيع ثورة حقيقية ثم رُكبت الموجة وتم حرفها لتجز عنق كل المشتركات العربية الى اللحظة التي قال فيها الاسرائيليون أن العلاقات مع الدول العربية تعيش اليوم (ربيعا) وذلك في   28/11/2018 كما أوردت الاذاعة الاسرائيلية بفرح طاغٍ!

هل يمكننا فك ألغاز ركوب موجات "الربيع العربي" فنقول أنه وصل بنا لهذه المرحلة من الانهيار العربي غير المسبوق؟ أي الى مرحلة الربيع (الاسرائيلي العربي)! بإقامة العلاقات الودية الى الدرجة التي يزورون فيها بعضهم البعض برحابة غريبة! وكان آلاف الاعتداءات اليومية الصهيونية والقتل الوحشي والارهاب الاسرائيلي، وجثوم الاحتلال على فلسطين، ومئات الممارسات والقوانين العنصرية ضدنا وضد العرب أنفسهم كأنها هباءا منثورا!

الامة العربية وكما كان يشدد القادة الاوائل من حركة فتح والثورة الفلسطينية هي أمة يشد بعضها بعضا، فهي ومهما حاولت القوى الاستعمارية الغربية وخنجرها في جسد الامة "اسرائيل" هي أمة لا تلتفت لبضعة منهارين من الافراد أو لمجموعة من الزعماء الذين آثروا العاجل المصلحي على الآجل الاستراتيجي.

يلجأ كثير من العرب لتبرير بنائهم العلاقات مع الكيان الاسرائيلي الى أن السلطة أوالفلسطينيين او المنظمة هي من فعلت ذلك مسبقا، وما صدقوا، وكأنهم لم يعرفوا أوتناسوا أو لم يقرأوا أن خرق الاجماع العربي منذ عام 1977 قد كسر ما كان يسمى الحاجز النفسي، فتنفس عديد الأنظمة الصعداء! ولتبدأ محطات الضغط المتواصلة على القيادة وصولا لما وصلت اليه كما ذكر الكاتب عمر حلمي الغول واتفق معه.

لا مبرر مطلقا لأي دولة عربية أن تقيم علاقات مع الدولة الصهيونية العنصرية مادامت جميعها منذ الخالد ياسر عرفات قد وافقت على المبادرة العربية التي ترى زوال الاحتلال كليا عن دولة فلسطين واستقلالها هو المدخل الوحيد لهذه العلاقات.

سواء اكان الربيع ربيعا عربيا، أم خريفا، وسواء أكان المتربصون بالامة من الشمال والشرق والغرب كثيرون في كل الاحوال فإن أمة بلا قلب حتما سيتوقف فيها شريان الحياة، فكيف وفلسطين هي القلب؟