الجنون ما بين التحليل والتحزيب الأعمى!- ميسون كحيل
تاريخ النشر : 2018-11-20
الجنون ما بين التحليل والتحزيب الأعمى!- ميسون كحيل


الجنون ما بين التحليل والتحزيب الأعمى!

الجنون مرض يشخص بعدم القدرة على السيطرة على العقل وسلوك يشبه التحزيب الأعمى "تحزيب الجماهير" التي تفتقد أيضاً مع مرور الوقت القدرة على التحليل المنطقي للأحداث وتسكن في كهف حزبيتها دون تفكير واقعي أو رؤية غير حزبية! واللا...جنون حالة من الاستقرار والاستقراء، والنظرة الواقعية التي يستطيع المرء من خلالها التحليل المنطقي دون تقييد وكلبشات حزبية! وما من شك أن مصدر قوة المحلل واستنباط الشيء المراد يكمن في حلِ من أمره الحزبي والتبعية إذ يُعبِر "بكسر الباء" عن الحقيقة كما يراها لا كما يراها الحزب وأتباعه فيكون صادقاً وإن أخطأ أحياناً. أما التحليل السياسي المجنون؛ فهو رأي ورؤية وموقف لا علاقة للكاتب بهم إنما يعمل على استنساخها كما درس في حزبه، وكما تم برمجته على ما يقول، وما يدعي وما يكتب حتى التمكن من التعصب لحزبه والرفض الكامل لكل مَن يخالف حزبه الرأي ويصل إلى إعلان الحرب على التحليل السياسي اللا...مجنون الذي يقدم فيه الكاتب أنسنه ومشاعر، و رؤية المواطن العادي..الإنسان..الحريص..وغير المحزب الذي لا يبحث عن المكاسب، ولا يفكر بمستقبل سياسي، وينقل الصورة كما هي وعلى حقيقتها. إن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية هكذا يقال؛ لكنها عبارة غير معترف بها عند أصحاب التحليل السياسي المجنون، فمن وجهة نظرهم رأيهم هو الصحيح ورأي الآخرين مرفوض، وعند سماع الرأي الآخر تبدأ معه مهنة الردح على الطريقة المصرية! ورغم أن الموقف السياسي حتى الحزبي منه قائم على التعددية وحرية الرأي والبحث عن الأفضل إلا أن الحزبية لديهم تعمى أبصارهم عن كل شيء حتى في علاقاتهم الاجتماعية التي امتدت سيئاتها إلى العلاقات الأسرية والعائلية !
وبالتأكيد هناك فئة من أصحاب التحليل السياسي "اللا مجنون" تحاول التنبيه والتحذير وإعلان الحقيقة دون تقييد أو تقيد حزبي و بفكر حر لا يرتبط بالحزبية وفي حلِ منها، ومجرد من المعاني المتشددة والانغلاق الذهني، وحشر الذات وضيق الأفق، ولا يهتمون بنظرة الآخرين العدائية لهم، فهؤلاء لا يعلمون وغير مدركين إلا ما تعلموه في مدارسهم الحزبية من اغتيال لعقولهم وتسييس لأفكارهم وبجهالة مطلقة يكون رأيهم موجه كالسهام نحو أصحاب التحليل السياسي المعقـول وبتبني قول " تيودور هرتزل" (الإخلاص والأمانة تصبح رذائل)! طبعاً من وجهة نظرهم و إيمانهم بصنمية الحزب والأشخاص.
ليس هناك رأي متزن ورؤية معقولة للأحداث تخرج عن سياقها الواقعي والمنطقي طالما التحليل السياسي للأحداث غير مرتبط بمفهوم الحزب الواحد والفكر الواحد، ومن معضلة تقبل الرأي الآخر ويكمن الاتزان في النظرة الشمولية دون عمليات تجميل خارجة عن المنطق، وبالمجمل فإن الشعوب لا يمكن أن يكون لها تأثير ما دامت تبصم فقط، وتتبع وتلحق وعن الأخطاء لا تتحدث ولا تنتقد ولا تحاول أن تصحح؛ لا بل تؤيد دون إدراك وفي دفاع مستميت عن أولياء الأمر الحزبيين! والغيرة على الحزب الذي ينتمي إليه الفرد قد تكون جائزة دون التزام الصمت أو السكوت عن الأخطاء وفي تأييد كامل وتغطية للعيوب وإلا فسيكون الفرد مجرد ممثل يؤدي الدور المطلوب منه على المسرح كدمية كما يشاء القائمون على الحزب والمنتفعون لا كما يشاء الفرد! وأما إنكار المؤامرة الكبرى والاستهداف المفتوح على القضية الفلسطينية وتوابعها من الشرعية والتمثيل والأرض والإنسان فإنه دخول من الباب الواسع لإطار مشبوه لا يرى في الرد على الآخرين وعلى أراءهم وتحليلهم السياسي سوى الشتم والسب والردح والتخوين والتكفير في حالة من الجنون ما بين التحليل والتحزيب الأعمى .
"أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم" .

كاتم الصوت : لا حزب يعلو فوق مصلحة الوطن والبحث عن الحقيقة هي الغاية المنشودة التي لا تؤثر بها الخلفية الفكرية أو الانتماء الحزبي أو المصلحة الخاصة. 

كلام في سرك : أقتبس ما قاله الروائي الفلسطيني أبو الهيجا رحمه الله "أعتز باستقلاليتي وأنقل أمانة ما عشت ومن رأيت كواقع تاريخي فقط " . 
رسالة : "فلسطينية جداً".