مجتمع الكراهية بقلم م . نواف الحاج علي
تاريخ النشر : 2018-11-17
مجتمع الكراهية بقلم م . نواف الحاج علي


كان بودي لو أن كلمة الكراهية تحذف من كل قواميس العالم وخاصه عالمنا العربي والاسلامي لما لهذه الكلمة من وقع سيئ على السامع ، فهي تعني البغضاء والأحقاد والحسد والمشاجرات والحروب والدماء--- ومع هذا فهي بكل أسف أصبحت في مجتمعاتنا جزءا من الثقافة العامه يمارسها البعض مع أسرهم وجيرانهم وأحيائهم ، وفي الطرقات وعلى اشارات المرور وحوادث الطرق ، ويمارسها الطلبة في الجامعات التي توصف بمنارات العلم والأخلاق ، ويمارسها البرلمانيون تحت قبة البرلمان ، وتمارسها الأحزاب وفئات المجتمع المختلفة تحت شعارات القطرية والطائفية والمذهبية والجهوية والعشائرية ؟؟؟؟؟
لقد كتب السياسي والمفكر الأردني سعد جمعة رحمه الله ( والذي كان رئيسا لوزراء الأردن ابان حرب 67 ) – كتب كتابا في أعقاب تلك الهزيمة بعنوان : مجتمع الكراهية - علما بان الأوضاع الاجتماعية في تلك الحقبة الزمنية كانت على جانب كبير من التمسك بالقيم والاخلاق الفاضله ، فكيف لو امتد العمر بالرجل لزمننا هذا ليرى بأم عينيه كيف تبدأ الشجارات لاتفه الاسباب ثم تتوسع لتجر اليها الاتباع والاقارب-- أتمنى أن أرى حادث مرور ينتهي بالتفاهم بين المشاركين فيه ؟؟؟ تذهب للدوائر الحكوميه من أجل معاملة لك فتتمنى لو رأيت بسمة أو كلمة طيبة تقال لك – لا ترى الا التجهم والعبوس ؟؟؟ ناهيك عن الحروب والفتن التي تدور رحاها في أقطار عربية متعدده ؟؟ صراعات على الكراسي والامتيازات وحروب طائفية وعرقية وسياسيه وحزبيه وفئويه ووو --- ؟؟؟ ترى هل فقدنا عقولنا ؟؟؟ أين نحن من الجاهلية الاولى ؟؟؟ أين نحن من داحس والغبراء وحرب البسوس ؟؟؟؟ لماذا أصبحت الكراهية غذاء أرواحنا ؟؟؟؟
ان الكراهية أعمت أبصارنا وأصبحت معول هدم لحضارتنا وتراثنا وقيمنا وأخلاقنا قبل أن تكون هدما لاقتصادنا ؟؟؟
أيها الناس !!! رشفة من كأس الحب والتسامح ، ومضة من مصباح المحبة دعوها تلمع كلؤلؤة في ظلام قلوبكم كما يقول شاعر الهند العظيم – طاغور – أو كما تقول احداهن : اجعلوا من الحب شبكة تصطاد الأرواح ؟؟ ان الحب يا سادة هو القوة الوحيدة القادرة على تحويل العدو الى صديق كما يقول الثائر الامريكي : مارتن لوثر كنج - او كما يقول الشاعر الانجليزي كيتس : الحب استمرارية ونقاء والكراهية موت وشقاء ؟؟؟

ولم نذهب الى الفلاسفة والشعراء والكتاب الأجانب ولدينا الدواء الشافي المستمد من ديننا وتراثنا : ( انما المؤمنون اخوة ) – ( ولا تفرقوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) – ( واعتصموا بحبل الليه جميعا ولا تفرقوا )– ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا --- والله ما آمن من لم يأمن جاره بوائقه – ليس بمؤمن من ينام شبعان وجاره جائع – مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه ) --- ( واحسن كما أحسن الله اليك ولا تبغ الفساد في الأرض) – ( انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع ايديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض ) – ( وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض اعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) – ( ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين ) --- ( وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا ) --- آيات وأحاديث كثيره لو اتبعناها لانقلبت الصورة رأسا على عقب ، ولطافت عصافير المحبة فوق رؤوسنا ولحطت في ربوعنا ولأصبحنا متحابين في الله تظلنا السعادة بظلها .
من وجهة نظري أن الاصلاح ينبع من مسالتين – الأولى هي التربية البيتيه ودور العلم منذ نعومة الأظافر وحتى مراحل التعليم النهائيه والأمر الآخر سياسي وهو اقامة العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والبعد عن المحسوبية والجهوية والطائفية والقطرية والفئوية والمذهبية ؟؟؟؟ ان غياب العدالة يوغر الصدور بالبغضاء والحسد والكراهية ؟؟؟؟