الزلزال وتوابعه بقلم:خالد صادق
تاريخ النشر : 2018-11-16
الزلزال وتوابعه بقلم:خالد صادق


الزلزال وتوابعه
خالد صادق
ما أحدثته المقاومة الفلسطينية الباسلة في المشهد الإسرائيلي بمثابة زلزال هز أركان الدولة العبرية واحدث حالة تصدع كبيرة داخليا, وهز من صورتها خارجيا, الهزيمة كانت نفسية قبل ان تتجسد عسكريا, أربع ضربات مؤلمة تلقتها دولة الكيان في غضون ساعات قليلة.
الضربة الأولى كانت باكتشاف عملية التسلل إلى خانيونس وقتل قائد العملية وإصابة آخر بجراح حرجة, ولولا تدخل الطائرات الحربية الصهيونية لوقعت المجموعة كلها في الأسر, لكن الطائرات أطلقت نحو ثمانين صاروخا في غضون دقائق قليلة تجاه المقاومين مما أدى لاستشهاد سبعة منهم.
الضربة الثانية كانت لعملية الكورنيت البطولية التي نفذتها كتائب القسام واستهدفت باصا بعد ان افرغ من الجنود الذين هم بداخلة, وهذا المشهد افزع الاحتلال ودفعه لتشكيل لجنة تحقيق لمعرفة من يقف وراء هذا الإخفاق العسكري الكبير.
الضربة الثالثة فكانت لعملية العلم البطولية التي تكتم الاحتلال على خسائره منها واثبتت أنها أدت لمقتل وإصابة عدد كبير من الجنود الصهاينة.
أما الضربة الرابعة فكانت بقصف مباني سكنية في عسقلان وانتشال يهود من تحت الأنقاض, في مشهد لم يعتد عليه الصهاينة ولم يشاهدوه إلا عندما يقصفون بيوت الفلسطينيين ويهدمونها فوق رؤوسهم لكنه زلزال المقاومة.

أما توابع هذا الزلزال فتجسدت منذ اللحظة الأولى خلال اجتماع الكابينيت الصهيوني الذي استمر لأكثر من ست ساعات, وتخلله خلافات كبيرة واتهامات وتقاذف بالسباب والشتم بين أعضاء الكابينت, ثم جاءت استقالة ما يسمى بوزير الحرب الصهيوني أفيغدور ليبرمان بعد هذا الإخفاق المدوي, وانهيار أطروحاته السابقة بهزيمة غزة وإعادة احتلالها واستهداف قادة المقاومة, ومن المتوقع استقالة نفتالي بينيت وزير التعليم الصهيوني ورئيس حزب البيت اليهودي ما لم يتسلم "وزارة الدفاع", وهذا ما لا يقبله نتنياهو الذي يطمح ان يتولى هو وزارة الدفاع الصهيونية, كما ان هناك توقعات باستقالات جديدة لوزراء في حكومة نتنياهو, بعد خروج تظاهرات صهيونية حاشدة في عدة مناطق داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة تطالب بإسقاط الحكومة ومحاسبتها على الإخفاق في غزة, وهذا ما سيدفع نتنياهو إلى تقديم موعد الانتخابات ربما إلى كانون ثاني القادم بعد ان فقدت حكومته كل أشكال الدعم الشعبي من اليمين الصهيوني المتطرف, الذي يرى ان هذه الحكومة خدعته ولم تستطع ان تفي بوعودها التي قطعتها على نفسها إبان فترة الانتخابات.
اندلاع التظاهرات ضد الحكومة الصهيونية في مناطق عدة وتحديدا في منطقة الغلاف الحدودي وقطع الطرق وحرق الكاوتشوك, واشتباك قطعان المستوطنين مع الشرطة الصهيونية, وتعالي أصوات الحاخامات ضد الحكومة تؤسس لمرحلة سياسية جديد داخل هذا الكيان, وربما تستغلها المعارضة الصهيونية وتحديدا اليسار والوسط في الترويج لأفكارها السياسية وأطروحاتها للانقضاض على سدة الحكم داخل الكيان, وان أسلوب المواجهة العسكرية مع غزة ليس من ورائه طائل ولن يحقق لنا انتصار, هناك قضايا أكثر أهمية يجب العمل على تحقيقها وايلائها أهمية خاصة, وتجنيد الحكومة وكل مؤسساتها لتحقيقها, كالتركيز على العلاقات العربية الإسرائيلية الرسمية والتي أصبحت علنية وهى اقرب للتطبيع الآن وإقامة علاقات مشتركة من أي وقت مضى لذلك يجب تعزيزها والبناء عليها لإنشاء لوبي عربي إسرائيل مشترك لمواجهة خطر "إيران" العدو المشترك لدول الخليج وإسرائيل.
كما يجب التركيز على ما يحدث في سوريا والتدخل لمنع حدوث أي تغير وجودي جغرافي على الأراضي السورية.
ويجب التركيز على التطور الصاروخي المرعب لحزب الله ومنعه من امتلاك السلاح المدمر.
يجب التركيز على تمرير صفقة القرن والسيطرة على مقدرات الأمة وثرواتها, وفرض الحل النهائي للقضية الفلسطينية وفق الرؤية الإسرائيلية التي تتنكر لكل الحقوق الفلسطينية.

اعتقد ان الاحتلال بدأ ييأس من غزة, وانه لن يستطيع ان يحقق أي انتصار عليها, وانه يجب الشروع في حل المشكلات الحياتية التي يعاني منها سكانها الغزيين, فأكثر الناس تطرفا نتنياهو وبينت وليبرمان صوتوا بالأمس على تهدئة مع غزة, بعد ان حصدوا الفشل تلو الفشل, لكن هذا كله لا يعني ان نركن الى النتائج فإسرائيل بطبيعتها غدارة, ويمكن ان ترتكب حماقات جديدة, لذلك من الواجب ان تبقى اليد ضاغطة على الزناد, حتى يكتمل حلم التحرير لفلسطين من نهرها الى بحرها, غزة التي لا تعرف استراحة مقاتل تستعد لإحياء جمعة "المسيرة مستمرة" دون كلل أو ملل لأنها تنشد النصر وسوف يتحقق بإذن الله.