حماس على أبواب الشراكة الإجبارية بقلم:حمادة فراعنة
تاريخ النشر : 2018-11-13
حماس على أبواب الشراكة الإجبارية بقلم:حمادة فراعنة


حماس على أبواب الشراكة الإجبارية
        حمادة فراعنة
منذ تأسيسها عام 1988 من رحم حركة الإخوان المسلمين ، حققت حركة حماس ثلاث نجاحات متراكمة: الأول دورها الكفاحي في توجيه ضربات موجعة للعدو الإسرائيلي ، والثاني فوزها بأغلبية أعضاء المجلس التشريعي في الانتخابات عام 2006 ، والثالث تنفيذ الانقلاب الدموي الذي بادرت إليه في حزيران 2007 وسيطرتها المنفردة على قطاع غزة .
ومقابل نجاحاتها ، فشلت حركة حماس في أن تكون بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية ، مثلما فشلت فشلاً فاقعاً في أن تقدم إدارة ناجحة غير فاسدة ، غير قمعية ، غير أحادية من لون واحد لقطاع غزة ، تتفوق من خلالها على إدارة فتح في رام الله ، فالمناضلون بين صفوفها تحولوا إلى موظفين يتطلعون للامتيازات والرواتب وتحسين الحال المعيشي لهم ولعائلاتهم ، وأصحاب العمل الحُر تحولوا إلى مستثمرين أثرياء عبر استغلال الأنفاق والتحكم في تهريب السلع والاحتياجات الحيوية لمواطني غزة ، والغريب أن الاحتلال يعمل على تشويه الحياة الاجتماعية في الضفة الفلسطينية ، وحماس شوهت الحياة الاجتماعية لدى أهالي قطاع غزة ، وفرضت أنماطاً من التعامل غير المعهود لدى الفلسطينيين تشبه الحياة المتخلفة في أفغانستان.
مشروع اتفاق التهدئة الثالث مع العدو الإسرائيلي بعد الأول الذي نُفذ على أثر الاجتياح الإسرائيلي عام 2012 ، وتم في عهد الرئيس الإخواني محمد مرسي ورعايته ، والثاني على أثر الاجتياح الإسرائيلي عام 2014 في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي وإدارته ، ها هو مشروع الهدنة أو التهدئة الأوسع الذي لم تقتصر مضامينه على وقف إطلاق النار ، بل تجاوز ذلك ، فارشاً أرضية تشمل قضايا سياسية ومالية فيها رائحة منح حركة حماس نوعاً من الشرعية الواقعية والاستقلالية النسبية عن إدارة سلطة رام الله ، بعدما واصل الرئيس الفلسطيني عناده في فرض إدارته ورؤيته التي تتسم بروح غير جبهوية ، وغير وحدوية يمليها على الفصائل الفلسطينية المعارضة له ، وعنوانها التمكين في قطاع غزة ، وفرض عقوبات جائرة تنال حتى مناضلي فتح .
برنامج العدو الإسرائيلي وخطته لحل الدولتين يقوم على إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة يُلحق بها مواطني الضفة الفلسطينية بدون أرضهم ، ليكونوا مواطنين الدولة الفلسطينية ولديهم حق الإقامة في بلداتهم في الضفة عبر إدارة ذاتية للبلديات تابعة لدولتهم القائمة في قطاع غزة ، وبذلك يحقق العدو لنفسه ثلاثة شروط هي : أولاً  يحفظ للفلسطينيين هويتهم الوطنية ، ثانياً يتخلص من العبء الديمغرافي السكاني لخارطة المجتمع الإسرائيلي ، ثالثاً يُلبي طلب المجتمع الدولي نحو حل الدولتين بدون التزام الانسحاب إلى حدود 4 حزيران 1967 .
ما يجري من إجراءات تصب في الإتجاه الذي يُمليه الاحتلال على طرفي الانقسام وكلاهما يُقدم خدمة مجانية للعدو لتنفيذ برنامجه الإسرائيلي في فرض الحل المنفرد أمام عجز فتح وحماس وفشلهما للتوصل إلى صيغ الشراكة والتحالف ووحدة المؤسسات الفلسطينية ، فتح حريصة على إستمرارية تفردها في إدارة سلطة رام الله ، وحماس حريصة على استمرارية تفردها في إدارة سلطة غزة ، وتتجاوبان مرغمتين لبرنامج ومشروع الاحتلال ثمناً لبقائهما في إدارة السلطتين في رام الله وغزة بموافقة الاحتلال ورضاه ، وهو يسير بهذا الخيار لأنه فشل في التخلص من الديمغرافيا الفلسطينية التي ستبقى عنوان أزمته ومأزقه بل وأداة هزيمته مستقبلاً . 
[email protected]