لمصلحة من يتم إفراغ مبادرة السلام العربية من مضمونها؟ بقلم: المحامي د. إيهاب عمرو
تاريخ النشر : 2018-11-12
لمصلحة من يتم إفراغ مبادرة السلام العربية من مضمونها؟ بقلم: المحامي د. إيهاب عمرو


لمصلحة من يتم إفراغ مبادرة السلام العربية من مضمونها؟
نصت مبادرة السلام العربية التي تقدم بها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز في العام 2002 على تطبيع كامل للعلاقات بين الدول العربية وإسرائيل بعد إحلال السلام في المنطقة، ما يشمل إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس . وغدت تلك المبادرة أساساً لمبادرات دولية لاحقة أهمها "خارطة الطريق" التي تقدمت بها إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش الجمهورية.    
ويلاحظ مؤخراً توالي الزيارات الرسمية الاسرائيلية لبعض الدول العربية، أهمها زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لسلطنة عمان، وهي التي أعلن عنها بعد نهايتها.                                                                   
والتساؤل الذي يمكن طرحه في هذا السياق: لمصلحة من يتم إفراغ مبادرة السلام العربية التي تعد أحد أسس السلام في المنطقة من مضمونها من خلال القفز عن شرط إحلال السلام كمقدمة لتطبيع العلاقات؟ وما الدافع لذلك؟ وثمة تساؤلات أخرى تتعلق بموقف السلطة الوطنية الفلسطينية من تلك الزيارات ومدى رغبتها أو قدرتها على وقفها. إضافة إلى التساؤل بخصوص المقابل السياسي والاقتصادي الذي تحصل عليه السلطة الوطنية الفلسطينية نظير التغاضي عن تلك الزيارات رغم أنها تعد مخالفة لمفهوم التطبيع الوارد في مبادرة السلام العربية وتجعل من القضية الفلسطينية أمراً هامشياً غير ذي صلة؟.     
وللإجابة عن هذه التساؤلات يمكن القول أن تلك الزيارات تعد جزءاً من ترتيبات إقليمية خاصة تسعى لها الولايات المتحدة الأميركية ضمن ما يسمى "صفقة القرن" التي تنوي الإدارة الأميركية طرحها في المستقبل القريب حسبما تروج له وسائل الإعلام الأميركية. ومؤدى ذلك، كما أعلن عنه بكل وضوح وزير الخارجية العماني، إعتبار أن إسرائيل أضحت واقعياً جزء من المنطقة، حتى دون الإنتظار لموافقة أو عدم موافقة القيادة الفلسطينية على ما سوف يتم طرحها عليها بموجب تلك الصفقة، مع العلم أن القيادة الفلسطينية أظهرت موقفاً شجاعاً في رفض قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب القاضي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس باعتبارها عاصمة موحدة لإسرائيل وفقاً للقرار المذكور.                                           
وبخصوص موقف السلطة الوطنية من تلك الزيارات توجد خشية أنها أضحت "أسير ما هو علي صار". وذلك مرده لضعف موقفها السياسي بسبب حالة الانقسام البغيض التي تعتري جناحي الوطن الفلسطيني المكلوم من جهة، وبسبب حالة الشرذمة والفرقة والاضطراب السياسي غير المسبوق التي تعصف بالمنطقة العربية من جهة أخرى.    
وتوجد تكهنات من قبل البعض أن السلطة الوطنية قد مورست عليها ضغوطات أو قد تكون حصلت على مقابل سياسي أو اقتصادي نظير التغاضي عن تلك الزيارات والسماح بها ضمنياً وعدم انتقادها في العلن. وفي حالة صدقية تلك التكهنات فإن التساؤل يبقى إن كان ذلك المقابل يرقى لحجم السماح بتلك الزيارات التي تجعل الموقف الفلسطيني أكثر ضعفاً مقابل نظيره الاسرائيلي في أية مفاوضات قادمة سواء كاستحقاق لازم لصفقة القرن أو لمبادرات دولية. ناهيك عن أن تلك الزيارات تنسف أحد أهم الأسس التي قامت عليها المبادرة العربية سالفة الذكر ومفاده أن التطبيع يتبع إحلال السلام في المنطقة ولا يكون سابقاً عليه بأية حال من الأحوال.