حينما سألته أأنتَ بابا؟بقلم: عطا الله شاهين
تاريخ النشر : 2018-11-07
حينما سألته أأنتَ بابا؟بقلم: عطا الله شاهين


حينما سألته أأنتَ بابا؟
عطا الله شاهين
اصطحبتْ طفلتها معها ابنة الأربع سنوات، حينما أتتْ إلى عشقيِها ذات مساءٍ، وحين رأى عشيقُها الطّفلةَ، وبّخ عشيقته بكلماتٍ لاذعةٍ، فقالتْ له: أعذرني، لم أجدْ أحداً لكي يعتني بها، لكنّ الطّفلةَ تركتهما يتحدّثان وركضتْ إلى داخلِ البيت، ودخلتْ غرفةً مليئةُ بألعابِ أطفالٍ، وراحتْ تلعبُ هناك، وبعد مرور وقتٍ قصير أتتْ الطفلةُ صوب الشّرفةِ والعتمة بدأتْ تخيّم بسرعةٍ في المكان، لكنّ الطّفلة عادتْ من الشّرفة، ونظرتْ نحو أُمّها، وقالتْ لها: أهذا أبي؟ فردّت الأُمّ وهي تتقطّع ألماً بلى، لأنّ والدَ الطّفلة تركها حينما ولِدتْ وهاجر، ولم يعد، لكنّ ذاك الرّجُلَ عشيق أُمّها كان يسمعُ كلامَ الطّفلة ويخجلُ، ويتغطّى تحت الشّرشفِ الملوّن.. عادتْ الطفلةُ مرة أخرى، وخرجتْ إلى الشُّرفة لأنها ملّت من اللعب، ومرّة أخرى عادتْ إلى عند أُمّها وقالت لها: أين أبي؟ أهو نائم؟ حاولتْ الطفلة النّوْم بجانب أُمِّها، ورأتْ ذاك الرّجُل الذي بدا وجهه أحمر، وقالت له: أنتَ بابا، لكنه لم يردّ عليها، وخجِلَ منها، ولم يقلْ لها بأنّه أبوها..
قالتْ لها والدتها المتصببة عرقا: اذهبي والعبي في الألعاب، أريدُ أنْ أتحدّثَ مع أبيكِ، لم تردّ الطفلة عليها، وظلّت بجانبها.. الرّجُل بات مُتوتراً من وجودِ تلك الطّفلة، وعاد ووبّخ والدتها، وكان يقول لها: لماذا أحضرتِها؟ شعرتْ الطّفلةُ بالمللِ وخرجتْ إلى الشُّرفة، وعادتْ مرّة أخرى صوبهما، ورأتهما غارقين في الحُبّ. رأتْ الطّفلةُ ملابسا تحتانية ملقاةٍ على أرضيةِ الغرفة، وقالتْ لأُمّها: لمنْ هذه؟ فردّتْ أُمّها نسيتها امرأةٌ جاءتْ إلى هنا.. فقالت: لماذا أبي يرى نساءً أخريات.. حملتْ الطفلة حمّالة الصّدر ورمتها مِنْ على الشّرفة.. صرختْ الأُمُّ عليها لماذا رميتها؟ فردّت الطفلة لأنّها لامرأةٍ أخرى؟
بعد مرورِ وقتٍ قصيرٍ نعستْ الطفلة في النهاية، وغفتْ بجانبهما، لكنّها لم تكن نائمةً بعدْ، ونظرتْ صوب الرّجُلِ المستلقي، وقالت له: أنتَ لطيف يا بابا، لكنْ لماذا أرى وجهكَ يحمرّ؟ كان يصمتُ الرّجُل، ويلعنُ أُمّها التي راحت تشخرُ، وقال في ذاته: براءة طفلة، يا للمسكينة تعتقد بأنّني ولدها .. كانتْ الطفلة على وشك إغماضِ عينيها، وقبل أن تغمض عينيها نظرتْ صوبه نظرةً أخيرة، وقالت: لماذا وجهكَ أحمر يا بابا؟ فردّ عليها لأنني أشعرُ بحرارةِ الغُرفةِ، هيّا نامي مع أنَّ الجوّ كانَ خريفياً وتمتم يا للطفلة البريئة، البراءة في عينيها تقتلني فهي سألتني أأنت بابا، لكن شيئا بداخلي يمنعني من الرّدّ عليها..