بين ابليس والشيطان في الجذور(2) بقلم:د.محمد فتحي راشد الحريري
تاريخ النشر : 2018-11-01
بين ابليس والشيطان في الجذور(2)
بقلم الدكتور محمد فتحي راشد الحريري
نتابــع اليوم حديثنا حول "إبليس" و "الشيطان" في الجذور،
 فنقـــــــــــــول: أما الشيطان، فمدار البحث الجذوري فيه يدور في جذرين اثنين: هل هو من (ش ي ط) أم (ش ط ن) .
وبالتالي هل اسم الشيطان على زنـــة " فعلان" أم " فيعـــان"؟
فإن كان من (فعلان) فهو (فيعــال) يدور على كلِّ أمــرٍ مستقذر مكروه، وإنْ كان من (فيعان) فهو من الاستبعاد، البعد عن الحق.
الشَّطَنُ: الحَبْل، وقيل: الحبل الطويل الشديدُ الفَتْل يُسْتَقى به وتُشَدُّ به الخَيْل، والجمع أَشْطان؛ قال عنترة:
يَدْعُونَ عَنْتَر، والرِّماحُ كأَنها ***أَشْطانُ بئرٍ في لَبانِ الأَدْهَمِ.
ووصف أَعرابي فرساً لا يَحْفى فقال: كأَنه شَيْطانٌ في أَشْطان ، أي حبال.
وشَطَنْتُه أَشْطُنه إذا شَدَدْته بالشَّطَن، وهو الحبل.
وفي حديث البراء: وعنده فَرَسٌ مَرْبوطة بشَطَنَين؛ الشَّطَنُ: الحبل، وقيل: هو الطويل منه، وإِنما شَدَّه بشَطَنَيْن لقوّته وشدّته.
وفي حديث عليّ، رضي الله عنه، وذكر الحياة فقال: إن الله جعل الموتَ خالِجـــاً لأَشْطانها؛ هي جمع شَطَن، والخالِجُ المُسْرِع في الأَخذ، فاستعار الأَشْطانَ للحياة لامتدادهـــا وطولهـــــــا.
والشَّطَنُ: الحبل الذي يُشْطَن به الدلو.
والمُشاطِنُ: الذي يَنزِعُ الدلو من البئر بحبلين؛ قال ذو الرمة:
ونَشْوانَ من طُولِ النُّعاسِ كأَنه، *** بحَبْلينِ في مَشْطونةٍ، يَتَطَوَّحُ
وقال الطرماح:
 أَخُو قَنَصٍ يَهْفُو، كأَنَّ سَراتَهُ *** ورِجلَيه سَلْمٌ بين حَبَلي مُشاطن
ويقال للفرس العزيز النَّفْس: إنه ليَنْزُو بين شَطَنَين؛ يضرب مثلاً للإنسان الأَشِر القويّ، وذلك أَن الفرسَ إذا استعصى على صاحبه شَدَّه بحبَلين من جانبين، يقال: فرس مَشْطون أي مربوط بشطنين.
والشَّطون من الآبار: التي تُنْزَع بحَبْلين من جانبيها، وهي متسعة الأَعلى ضيّـقـة الأَسفل، فإِن نزَعَها بحبل واحد جَرَّها على الطَّيِّ فتخرَّقت.
والشَّيْطانُ فَيْعال من شَطَنَ إذا بَعُدَ فيمن جعل النون أَصلاً، وقولهم الشياطين (جمع تكسير) دليل على ذلك. والشيطان معروف.
وكل عات متمرد من الجن والإِنس والدواب شيطان؛ قال جرير:
 أَيامَ يَدْعُونَني الشيطانَ من غَزَلٍ، *** وهُنَّ يَهْوَيْنَني، إذ كنتُ شَيْطاناً
وتَشَيْطَنَ الرجل وشَيْطَن إذا صار كالشَّيْطان وفَعَل فِعْله؛ قال رؤبة: (شافٍ لبَغْيِ الكَلِبِ المُشَيْطِن) وقيل: الشيطان فَعْلان من شاطَ يَشيط إذا هلك واحترق مثل هَيْمان وغَيمان من هامَ وغامَ ؛ وقال الأَزهري: الأَول أَكثر، قال: والدليل على أَنه من شَطَنَ ، قول أُمية بن أَبي الصلت يذكر سليمان النبي، صلى الله عليه وسلم: أَيُّما شاطِنٍ عصاه عَكاه. أَراد: أَيما شيطان.
والنتيجة أنَّ ابليس كائن حقيقي مطرود من رحمة الله، كان اسمه عزازيل ، بينما الشيطان إطلاق معنوي ورمزي أحياناً ، هذا والله أعلم .