وليغضب مَن يغضب! - ميسون كحيل
تاريخ النشر : 2018-10-27
وليغضب مَن يغضب! - ميسون كحيل


وليغضب مَن يغضب!

المرء مطالب بإصلاح نفسه، وأن ينظر إلى أخطائه وعيوبه قبل أن ينتقد عيوب الآخرين وأخطائهم؛ وإلا فإنها سلوكيات وآراء تدخل ضمن "تصيد الآخرين" ! ومع توفر حالات الاقتناع والإدراك الشخصي والرفض المطلق للتطبيع مع الكيان الصهيوني؛ حيث يعمل الأخير على بذل كل جهد ممكن لبناء علاقات مع أي دولة عربية تصل إلى مستوى التطبيع الكامل وقبولها كدولة قائمة في المنطقة ولديها علاقات عادية مع محيطها وفي المنطقة ككل، لكن يبقى السؤال هل هذا الموقف العربي الرافض للتطبيع والذي تم اعتماده عربياً كان عن قناعة أم خجل أم خوف؟ وهل التزمت به الدول العربية؟ فواضح تماماً الغضب الساطع على سلطنة عُمان بسبب استقبالها لرئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو! وكأن هذه العلاقة قد بدأت الآن! والمستغرب أن بعض الأطراف العربية عبرت عن غضبها من الموقف العماني المعلن من خلال قنوات إعلامية تابعة لها رغم أن الوفود الإسرائيلية في زيارات مستمرة وقائمة منذ فترة طويلة كما تشير المعلومات بأن غالبية الدول العربية تقيم علاقات مع دولة الاحتلال بنسب متفاوتة وحسب الحاجة إلى هذه العلاقات! فقديماً كانت الأنظمة العربية عندما تريد تثبيت وجودها وقوتها ومكانتها فإنها تستخدم أسلوب الوطنية في الدفاع عن فلسطين! وفي الحاضر؛ ولنفس الأسباب فإنها تبحث عن الرضى الأمريكي والإسرائيلي! الهام في الموضوع الآن ليس في توفر النية للدفاع عن سلطنة عُمان لأنها استقبلت نتنياهو، فالسلطنة لا تحتاج بأن يدافع عنها أحد! وللتذكير فهناك أكثر من عاصمة عربية استقبلت نتنياهو ولم نجد تعدد للأبواق ولا تمثيليات تتضمن الغضب المستعار! كما أن التعاون مع إسرائيل وإقامة العلاقات لا تقتصر على نتنياهو، فكم من عاصمة عربية استقبلت عدداً لا يحصى ولا يعد من الوفود الإسرائيلية؟ والأخطر من ذلك كم من رئيس أو وزير أو مسؤول عربي زار إسرائيل والتقى قياداتها؟! ولا أعتقد نهائياً أن التطورات التي جرت في سلطنة عمان في الأيام القليلة الماضية قد كانت من تدخل مباشر من السلطنة أو سلطان قابوس أو من قيادات السلطنة، فأكثر ما يميز سلطنة عُمان في سياستها النأي بالنفس والقناعة المطلقة بمواقفها لذا فإن تدخلها ولقاء السلطان قابوس بالرئيس الفلسطيني محمود عباس من جهة ونتنياهو من جهة أخرى لم يأت من فراغ ولا بمبادرة تتصدر السلطنة رأسها بل من رغبة هذه الأطراف بتدخلها، ومن الطبيعي أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية على علم بما يحدث، فالولايات المتحدة الأمريكية أيضاً تحسب حساب للسلطة الفلسطينية والرئيس الفلسطيني وترى ضرورة وجوده وتواجده في أي عملية سياسية تخص القضية الفلسطينية والحلول المطروحة، وهي تعلم أيضاً أنه لن يتخل عن الحقوق الفلسطينية المشروعة. فقبل أن يتجرأ أحد في لوم سلطنة عُمان وقيادتها وقبل أن يعمل على استغلال عواطف الناس عليه أن ينظر إلى نفسه أولاً؛ فلا يجوز انتقاد عيوب الآخرين إذا كانت عيوب في المرحلة الحالية ويترك عيوبه التي كانت أكبر العيوب في مرحلة "اللاءات الثلاثة" من إقامة العلاقات مع إسرائيل، والقيام بالزيارات المتبادلة والتعاون معها في قضايا كثيرة منها القضاء على الثورة الفلسطينية! 

يقول البعض أن مضمون التطبيع مع إسرائيل هو جعلها دولة قائمة و عادية في المنطقة وكأنها ليست كذلك الآن؛ إذن على المعنيين بالأمر عدم الغوص بالأوهام، فهناك دول عربية اعترفت بدولة إسرائيل وفتحت في عواصمها العربية سفارات تمثل الدولة الإسرائيلية وهناك دول عربية خجلت فأقامت مكاتب ومؤسسات تجارية واقتصادية وسياسية إسرائيلية تعمل في عواصمها العربية، وهناك مَن خاف فأقام علاقات مع إسرائيل عبر الولايات المتحدة الأمريكية وتبادل معهم كثير من العلاقات والتعاون المشترك، وهذا كله يحمل دلالات واضحة ومفهومة لا تحتاج فهلوة وشطارة كي يفهمها المواطن العربي. أنا لا أدعو إلى التطبيع وإقامة العلاقات وتبادل الزيارات مع الكيان الصهيوني، ولكني أعترض على مَن يحلل ويحرم كما يشاء، ومَن ثارت مشاعره فجأة لانتقاد سلطنة عُمان على استقبالها لنتنياهو مع أن المنتقدين فعلوا ذلك من قبل، ومنهم من فعل ورد الزيارة في الوقت الذي يرفض بعضهم حتى الآن استقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهذا أكبر من أي تطبيع !؟ هذه حقيقة وليغضب مَن يغضب.

كاتم الصوت:
 الكويت والجزائر فقط خارج الفورمة.

كلام في سرك: بوادر إيجابية من زيارة الوفدين إلى سلطنة عمان وغيرهم فاضيين بس لانتقاد المركزي!