هذه هي الجزائر التي لا تعرفها يا ترامب بقلم:عميرة أيسر
تاريخ النشر : 2018-10-22
هذه هي الجزائر التي لا تعرفها يا ترامب بقلم:عميرة أيسر


هذه هي الجزائر التي لا تعرفها يا ترامب

منذ مجيء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سدَّة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، و هو يطلق التصريحات المستفزفة واللامسؤولة، ويعتبر أن كل الدول العربية بما فيها الجزائر هي دول ضعيفة ولا تستطيع العيش بدون المساعدات الأمريكية سواء كانت عسكرية أو مالية، وترفض واشنطن في ظل إدارته الاعتراف بأن الجزائر تمتلك قرار  سيادياً مستقلاً إلى حدّ بعيد، وسياسة خارجية توازن بين جميع الأطراف المتخاصمة، مع الحفاظ على ثوابتها المعروفة في الدبلوماسية الدولية، فترامب الجاهل بالتاريخ لا يعرف بأن الدولة الجزائرية تعتبر تاريخياً الدولة الوحيدة منذ نشأة بلاد العم سام التي أجبرت الولايات المتحدة الأمريكية  على دفع الجزية، وهي الدولة التي تدفع لها دول خليجية كالكويت حوالي 25 بالمائة من ناتجها القومي وهذا ما يراه سيد البيت الأبيض غير كافي، بالنظر إلى ما توفره القواعد العسكرية الأمريكية لأنظمة هذه الدول من حماية أمنية تجعل من المستحيل على الغير التفكير في الانقلاب عليها، دون إذن أمريكي.

فكتب التاريخ تذكر بأنه وبموجب مذكرة الصداقة الجزائرية الأمريكية الموقعة بين الطرفين سنة 1795م، والتي جاءت بعد التقرير الذي بعث به المفاوض الأمريكي جون لامب إلى جورج واشنطن الرئيس الأمريكي آنذاك والذي قال: فيه بالحرف بأنه لا طاقة للولايات المتحدة الأمريكية على فرض السلام على الجزائر، وذلك بعد أن وقعت الجزائر معاهدة مع البرتغال سنة 1791م، تضمن للأسطول الجزائري أن يكون المهيمن على السواحل الغربية للبحر الأبيض المتوسط، والمسيطر على حركة الملاحة البحرية فيها، وعندما قبض الأسطول الجزائري على 11 سفينة أمريكية بها أكثر من 190 بحاراً، اضطر جورج واشنطن إلى 40 ألف دولار لفدية الأسرى، وحوالي 25 ألف دولار كجزية سنوية، وهناك من يرفع هذا الرقم إلى 60 ألف دولار أمريكي، وهو ما يعادل حوالي 60 مليار دولار حالياً، كانت تدفع من طرف الخزينة الأمريكية، لأسطول سفن البارباريسك، كما كانوا يسمون في الغرب، كناية عن الأسطول الإسلامي الجزائري، فأجداد ترامب الذين كانوا يعطون لنا الجزية وهم صاغرون، لا يريد هذا الرئيس المتعجرف والذي لا يفقه شيئاً في تاريخ الشعوب، أن يفهم  بأن الأمر قد وصل بالرئيس الأمريكي  توماس جيفرسون آنذاك إلى أن قام بصناعة فرقاطة أمريكية كانت تعتبر الأحدث في ذلك الوقت، وزود بها الأسطول الجزائري وذلك بناء على طلب من الداي حسين، وهذا ما اعتبرته دول الغرب وخاصة بريطانيا وصمة عار لا تمحي عن جبين  التاريخ الأمريكي إلى الأبد.

هذا غيض من فيض وجزء صغير من تاريخ العلاقات الجزائرية الأمريكية والذي لا يدرس لنا في المناهج التعليمية، ولأسباب تبقى مجهولة، والذي يجب على ترامب أن يتعلمه قبل غيره، ليعرف بأن الدول العريقة، كالجزائر وإيران و كورا الشمالية غيرهما، لا تقبل أن تكون تابعة لأحد، وخاصة لدولة مارقة  واستعمارية كالولايات المتحدة الأمريكية.

عميرة أيسر-كاتب جزائري