استهداف السعودية ..أبعاد وأهداف بقلم:د. فوزي علي السمهوري
تاريخ النشر : 2018-10-22
استهداف السعودية ...أبعاد وأهداف ؟ ؟
     د فوزي علي السمهوري
  حق الإنسان في الحياة وحقه في الحماية من التعذيب والاضطهاد وحقه بمحاكمة عادلة هي حقوق طبيعية وأساسية كفلتها الشرائع السماوية كما كفلتها المواثيق والعهود الدولية.
  هذه الحقوق توجب على المجتمع الدولي بشكل عام والدول الكبرى " دائمة العضوية في مجلس الأمن " بشكل خاص أن تتصدى لها ولمنتهكيها دون ازدواجية ودون انتقائية وفقا لمصالحها ودون انحياز وإلا فإن هذه الحقوق المكفولة في العهود والمواثيق الدولية تفقد أهميتها وتضحي ديكورا وتوظف كأداة سياسية تخدم القوي دون مراعاة للحق.
  بناءا على ما تقدم يثار تساؤل مفاده هل الحملة على السعودية انتصارا لحق الإنسان في الحياة ؟
  فإن كان كذلك لماذا لم نلمس حملة سابقة أو حالية موازية على الكيان الصهيوني العنصري الحافل سجله بانتهاكات صارخة لحقوق الانسان من قتل وإعدام عشرات بل مئات الأطفال والشباب والنساء من الشعب الفلسطيني كما أن سجله حافل ايضا بالاعتداء وقتل عددا من المتضامنين الأجانب بينهم إعلاميين ؟
  فهل الكيان الصهيوني بجرائمه وأفعاله بحق الشعب الفلسطيني تعني احترامه و التزامه بحق الإنسان في الحياة وحقه في التعبير والتجمع مما لا تستدعي الاحتجاج والاستنكار وايقاع العقوبات أو حتى التلويح بها ؟
  لذا حملة  استهداف السعودية  تستحق الوقوف  عند ابعادها واهدافها وتتطلب من المفكرين والمحللين والسياسيين قراءة خارج الصندوق آخذين بعين الاعتبار  ما يلي :
  ---- أن المنطقة العربية منذ سنوات تشهد صراعا أو تقاسما  على النفوذ أو سعيا لفرض هيمنة ونفوذ لدول كبرى.
  ---- العمل على تقسيم الدول العربية على أسس مذهبية وعرقية وطائفية واتنية بهدف إبقاء جبهتها الداخلية ضعيفة وهشة.
  ---- نتيجة لما سمي الربيع العربي تم تدمير قدرات عدد من الدول العربية ببنيتها التحتية وبانسانها خدمة للكيان الصهيوني وقيادته العنصرية الإرهابية.
  وفقا لذلك فإن سياق الحملة السياسية والاقتصادية وإلاعلامية التي تستهدف السعودية لا يمكن عزلها عما يخطط ويحاك لمستقبل المنطقة العربية لعقود قادمة بعد انتهاء المرحلتين الأولى والثانية.
  فالمرحلة الأولى اتسمت بتقسيم بعض الدول جغرافيا وعرقيا ومذهبيا وطائفيا.
  والمرحلة الثانية اتسمت بالهدم والتدمير للبنى التحتية وللانسان على حد سواء.
  والمرحلة الثالثة تستهدف الدول الثرية "  دول الخليج " التي تشكل الحملة على السعودية إيذانا بانطلاقها وعنوانا لها ، فالحملة تهدف إلى :
 ---- نهب ثروات دول الخليج العربي تدريجيا وبعناوين وذرائع مختلفة وما تكرار مطالبة الرئيس ترامب بعنجهية وصلافة للملكة العربية السعودية بوجوب دفع ثمن حمايته لها حسب زعمه إلا مؤشر ودليل  لميله الإستيلاء على الثروة النقدية.
  ---- افقار دول الخليج وبالتالي افقار دول عربية تعتمد على المساعدات المالية والاستثمارية من جهة ومن استيعابها لمئات الآلاف من العاملين العرب وما يشكله من دعم لاقتصاديات تلك الدول من جهة آخرى.
  ---- إغراق دول الخليج جميعها " في حال لا سمح الله نجاح المؤامرة بحق السعودية" بديون ورهن عوائد إنتاج نفطها بالجهات الدائنة كما حصل مع العراق على سبيل المثال.
  ---- انتزاع تنازلات سياسية لصالح الكيان الصهيوني وتعميده شرطي المنطقة بنفوذ لا محدود.
  ---- الموافقة على تصفية القضية الفلسطينية عبر ما يسمى صفقة القرن وما تتطلبه من ممارسة كافة اشكال الضغوط على القيادة الفلسطينية للقبول بها أو لدعم سياسة ترامب نتنياهو بفرض سياسة الأمر الواقع متجاوزين القرارات الدولية وقرارات القمم العربية وخاصة قمة الظهران.
  إذن المؤمل بل المطلوب من القيادات العربية الإعراب عن تضامنها ورفضها للحملة الشعواء " سياسية واعلامية " الموجهة ضد السعودية  " متخذين من وفاة أو مقتل الخاشقجي ذريعة " فالمخطط الأمريكي لن يستثني أحدا.
  كما على قيادات عربية أن تسقط من حساباتها أن أمنها واستقرار حكمها مرهون برضى ترامب أو نتنياهو بل الاولى بهم الإيمان القاطع بأن  مصدر الخطر الوحيد الذي يهدد كيانهم ووجودهم هو  الكيان الصهيوني العنصري المدعوم  بانحياز أمريكي أعمى  فمصلحة امريكا واسرائيل تعلوا وتسموا على ما غيرها إذا ما تضاربت المصالح والرؤى والأهداف وتتخلى عن حلفاءها عند أول محطة .
 إذن إن  الأمن والاستقرار العربي يترسخ ويتعزز بالإصلاح السياسي الحقيقي وترسيخ الديمقراطية والمواطنة وإرساء العدالة ومحاربة الفساد.
  التوافق العربي وتصفير التناقضات البينية العربية والاقليمية كفيل بترسيخ الامن والاستقرار وكفيل ايضا باجهاض المؤامرات الخارجية بادواتها وأهدافها المختلفة
  عندئذ لن  يعد مبرر لأي دولة كبرى ان تدعي بأنها حامية لدول الشرق الأوسط قطريا وجمعيا
   نعم إنها دعوة للقيادات العربية للخروج من مربع المتلقي إلى مربع الفاعل ومن سياسة رد الفعل إلى سياسة الفعل ومن مربع التشرذم والضعف إلى مربع التوافق والوحدة والقوة فلا مكان ولا احترام لضعيف في عصر هيمنة القوة .
  أما حقوق الإنسان فهي احكام ومبادئ تسموا على غيرها والمجتمع الدولي مطالب وخاصة امريكا الداعم الاكبر لنتنياهو الاكثر انتهاكا لحقوق الانسان بعدم التعامل بازدواجية فالإنسان إنسان اينما وجد ولاثبات ذلك فالرئيس ترامب وادارته كما دول الاتحاد الأوروبي والدول المؤمنة بحقوق الإنسان معنية بايقاع العقوبات على دولة الاحتلال الاسرائيلي وتعرية وفضح جرائمها وانتهاكاتها  وعزلها فقد باتت  تشكل نموذجا لانتهاك حقوق الإنسان العربي الفلسطيني ولحقوقه الأساسية وحقه في الحياة على رأسها
   فهل من مجيب ......؟ ؟