أطفال البقرة حاحا النطّاحة! بقلم: بشارة خليل
تاريخ النشر : 2018-10-11
أطفال البقرة حاحا النطّاحة! بقلم: بشارة خليل


أطفال البقرة حاحا النطّاحة!
بقلم: بشارة خليل/ القدس

*وصلتني قصّة أخرى للكاتبة ميسون أسدي، بعنوان "البقرة حاحا النطّاحة"، المخصّصة للأطفال في الجيل المبكّر.
عند قراءتي لعنوان القصّة، لم أستسغ الأمر، فقد أخذني العنوان مباشرة للأغنية الشهيرة التي كتبها أحمد فؤاد نجم وغنّاها زميله الشيخ إمام. وللحقيقة توقّعت أن الكاتبة تريد أن تحكي لنا نفس القصّة التي في القصيدة بطريقة مبسّطة تناسب الأطفال، لكن المفاجأة كانت أن القصّة بعيدة كلّ البعد عن الأغنية إيّاها، والكاتبة أسدي استعارت الاسم فقط، ولأنّني أعرف بأن الشاعر نجم نفسه استعار الاسم من الفلكلور المصري المغنى للأطفال، فقلت لما لا تستعيرها الكاتبة، خاصّة أنّها نبعت من رحم الطفولة ووقعها على أذن الطفل جميل ومحبّب، وجاء استعارتها هنا لتمرير فكرة ممتازة للأطفال، وهي الاهتمام بنظافة الجسم.
ملخّص القصّة أن هناك بقرة صغيرة تدعى "حاحا" سوداء ومنقّطة ببقع بيضاء، ولأنّها لعبت مع أصدقاءها الحيوانات، اتّسخت واختفت البقع البيضاء، ولأنّها لم تنظّف جسمها قبل النوم، وعادت إلى اللعب في اليوم التالي وهي ما زالت متّسخة، لم يتعرّفوا عليها أصدقائها بدون البقع التي تميّزها، ممّا جعلها حزينة، ولكن بعد أن قامت والدتها بغسلها، عادت البقع إليها... وكأن الكاتبة تريد أن تقول للأطفال بأن الأوساخ تجعل الأصدقاء يبتعدون عنك.
**الوصول إلى قلب الطفل
كعادتها ميسون أسدي، في قصصها المخصّصة للأطفال، استعملت اللغة العربية الفصيحة المبسّطة، وللوصول إلى قلب الطفل أسرع، استنفرت العديد من الحيوانات المحبّبة عن الأطفال، كالحمار والصوص والقط وغيرها، هذا بالإضافة لما ذكر عن الاسم الجميل لبطلة القصة "لبقرة حاحا".
لم تتّبع الكاتبة الأسلوب التعليمي المباشر، والذي ينفر منه الأطفال ويجعلهم يبتعدون عن المعنى والهدف التربوي من القصّة... فقط وبكل بساطة، روت ما حدث للبقرة حاحا ووقوعها في المشكلة، وهذا يؤدي إلى تعاطف الطفل مع البقرة الصغيرة، وبالتالي ينتهج أسلوبها في حل المشكلة، وتنفيذ الهدف التربوي من وراء القصّة، دون أن يشعر بأن الأمر مفروض عليه، فالكاتبة على دراية بأن كل ما هو مفروض مرفوض، كما هو الحال بأن كل ممنوع مرغوب.
**إبرة وخيطان
عودتنا الكاتبة أسدي في قصصها السابقة، بأنّها دائمة البحث عن شكل جديد لرسومات كتبها، فمرّة شاهدنا رسومات مصنوعة من المعجون، ومرّة من الصور الحقيقيّة التي لعب بها الرسّام بجهازه الكمبيوتر، ومرّة بطريقة رسم الكرتون ورسومات كلاسيكية وغيرها وغيرها...
هذه المرّة تفاجئنا بأنّ الرسومات مصنوعة على طريقة الخياطة لقصاصات من الأقمشة، وقد خاطتها الفناّنة وفاء عبّود، الفلسطينيّة التي تعيش في كندا..
عندما تأمّلت الرسومات، قلت في نفسي: يا لهذه الفنانة، التي خاطت 13 لوحة، كم لديها من الصبر وطول البال لتنفيذ كلّ هذه الرسومات بالإبرة والخيطان. ألم تغرز أصابعها مرارًا؟ ألم تخيط فستانها أو بنطلونها بطريق الخطأ مع الرسمة نفسها دون أن تنتبه؟؟ ماذا لو أرادت أن تصحّح خطأ ما؟ هل عليها أن تفرط كلّ ما خاطته وتعيد خياطته من جديد؟؟؟
إنّه عمل رائع، وأتمنى من المسؤولين على تربية الأطفال أن يشرحوا عملية الرسم هذه، حتّى تكون لهم عبرة في النهج الحياتي لهم فيما بعد.
وفي نهاية الأمر، لا يسعني إلا أن أقول بأن القصّة جميلة ورسوماتها جميلة والعنوان جميل والفكرة بمجملها أجمل وأجمل.