الشيطان لا ينام بقلم:حسام محمد السيد
تاريخ النشر : 2018-10-07
السابع من ديسمبر في الثانية صباحاً بعد منتصف الليل ..
يوم هادئ ، ليله بارده .. السماء لونها رمادي و بها ما يكفي من الغيوم لتمطر بغزارة .. البرد شديد و الهواء خفيف ، الجميع في منازلهم عدا عمال ذلك المقهي الذي لا يقفل أبوابه أبداً .. المقهي الذي يجلس عليه ذلك الشاب . يبدو في نهاية العشرينات .. وسيماً نوعاً ما .. نحيفاً قليلاً ذو لحيه خفيفه ، يجلس وحيداً منذُ ساعات .. يضع يده علي خده و عيناه نصف مغلقه ، امامه فنجاناً من القهوة و علبتان سجائر من النوع الجيد . يبدو علي وجهُ و كأنه يفكر في ألف شئ في نفس الوقت .
يجلس أمامه رجل كبيراً ذو ملابس مُقطعه و يرتدي معطف كبير .. ذو شعر طويل جداً و لحيه اطول تكاد تكون وصلت إلي منتصف صدره .. أظافره طويلة .. بشرته سمراء داكنه ذو مظهراً تشمئز له النفوس ، لا يعطي أي رد فعل إلي السقيع أو أي شئ .. لايهتم لشئ أنه نائم منذُ فترة ولكنه ليس كذلك . 
*رنين بسيط* ينظر الشاب إلي هاتفه تكاد البطارية أن تنفذ .. يضع يده علي جيب معطفه يتأكد من وجود شاحن الهاتف … غير موجود . 
*رنين بسيط * اتصال هاتفي من رقم صديقهُ .. 
-ألو ؟
- لقد وصلت . 
- حسناً أنا في طريقي إليك .
يخرج من المقهي و من خلفه ذلك الرجل الغريب و يمشي الشاب قليلاً حتي وصل إلي صديقهُ ، يبدو عليه في منتصف الثلاثينيات .. ذو لحيه ثقيلة و شعر طويل .. يقف عند مدخل منزل كبير .. و علي الجانب الأخر وقف ذلك الغريب و علي وجه أبتسامه صفراء كريهه ، ثم وضع جسده علي الأرض و كأنه ينام ولكنه ليس كذلك . 
-كل شئ جاهز هيا بنا 
- هيا بنا .
يتأكدان أولاً من عدم وجود أحد في الجوار .. ثم وجودوا الرجل الغريب .. لم يهتما له فهو يبدو نائم . 
ثم يبدأن في تسلق السور الحديدي ، يمشيان ببطئ حتي وصلا إلي شباك صغير .. يكسران زجاجهُ ، أنهم داخل المنزل .. في الحمام ، يتحركان بحرية فهم قاموا بترتيب كل شئ .. لا أحد بالمنزل الجميع بأجازاه .. أنها فرصة العمر . 
أفترق الأثنين .. الأول ذهب إلي غرفة النوم و الأخر في غرفة المكتب، الأول يبدأ بالتفتيش يبدأ بخزانة الملابس .. يجد صندوق به مجوهرات و مبلغ كبير من المال .. ثم إلي السرير ، يقلبهُ رأساً علي عقب فيجد مبلغ أخر من المال . و الأخر يجد تحف نحاسية صغيرة و الكثير من السجائر الفخمة فيضع كل ذلك في حقيبة في يده .. ثم ذهب إلي المكتب يفتح أدراجهُ لا يجد شئ عدا الأوراق غير المهمه له .. ثم يصل إلي دُرج الأخير المقفل .. فيقوم بكسره ، يجد مبلغ مالي و مسدس .
يخرج من المكتب مسرعاً و ينادي علي صديقهُ .. فلقد وجودا غنيمة ليست بالقليلهً ، فالتحف النحاسية وحدها ستجعلهم كالملوك لمده كافية .
صوت سيارة يأتي من بعيد و يقترب من المنزل .. تقف السيارة أمام المدخل و يخرج منها رجل ليفتح البوابة ، وكل ذلك أمام الرجل الغريب الذي قام من علي الأرض و أقترب قليلاً من البوابة ولا تزال علي وجهُ الأبتسامه .. تدخل السيارة و يخرج منها رجل و أمرأه و ثلاثة أطفال و الخادمة .. تعود الحياة إلي المنزل و تُضاء الأنوار ، أختبئ الشبابان وراء الأريكة الكبيرة ..
*بصوت خافت* 
-كيف سنخرج ؟
-لا أعلم .. أن كل شئ كان يسير علي ما يُرام ! 
-علينا التفكير قبل أن نُكشف .
- حبيبتي يبدو أنه كان أحداً هنا .. المكتب مُبعثر و لايوجد شئ في مكانه !! 
- و زجاج شباك الحمام قد كُسر !
-علينا الأتصال بالشرطة سريعاً .. 
يخرج الشبابان سريعاً من خلف الأريكة و علي وجههم الخوف و القلق .. صراخ من الأطفال و المرأتان .. يبدو أن الصراخ أربكهم و أخافهم أكثر .. فأخرج الشاب المُسدس من الحقيبة ثم *طراااااااااااخ* الطلقة الأولي في صدر الرجل صاحب المنزل .. ثم *طرااااااااااخ* الطلقة الثانية في رأس الخادمة .. ثم أخرج الشاب الأخر قطعة من التحف النحاسية و أنهار بها علي رأس زوجة الرجل صعوداً و نزولاً علي رأسها حتي أختفت ملامح وجهها و فارقت الحياة .. و يتواصل الصراخ الذي يتعالي صوته مع كل شخص جديد يموت ، ثم أنقض مرة أخري علي أحد الأطفال بنفس القطعة النحاسية .. ثم *طرااااخ* … *طراااااخ* الطفلان الأخران يفارقان الحياة ، بحراً من الدماء ، ما الذي حدث لا أحد منهم يعرف .. لقد حدث الأمر فيما ما قد لا يتخطي الدقيقة، يفيق الأثنان مما هم به علي صافرات سيارات الشرطة التي وصلت سريعاً علي غير العادة كما يحدث الأفلام العربية القديمة ، الكثير من رجال الشرطة يُحيطون بهم .. يقع من يد الشاب المسدس و الأخر يلقي من يده قطعة النحاس المليئة بالدماء . يأخذهم رجال الشرطة إلي السيارات و يرحلون بهم . 
و يقف في منتصف الطريق الرجل الغريب و هو ينظر إليهم ولا تزال علي وجهُ الأبتسامه التي بدأت تتغير إلي ضحكة عالية بها نوع من الشماته .. و تبدأ تتغير ملابس الرجل إلي ملابس نظيفة و أنيقة و لكن هيئته كما هي ، لايزال يضحك وهو يردد ..
-أغبياء .. ظنوا أني نائم .