إصلاحات اقتصادية أم مسكنات سياسية؟ بقلم: مصطفى شقلوف
تاريخ النشر : 2018-09-25
إصلاحات اقتصادية أم مسكنات سياسية؟ بقلم: مصطفى شقلوف


إصلاحات اقتصادية ام مسكنات سياسية؟  

أولا المتابع للشأن الليبي ولعقلية المواطن الليبي يكتشف سريعا أنه شعب من أكثر الشعوب تعليما واقلهم ثقافة. فالشهادة العلمية لا تعني الثقافة ولا تمثل شيئا في الميدان العملي. 

حيث لازال معظم الناس يرون فيمن يظهر على شاشات التلفاز أنه مثقف وأن كلامه لا يعلى عليه،  لذلك أصبحت قنوات التلفزيون وسيلة لتحريك الرأي العام في إتجاه معين شأنه شأن سائر الشعوب العربية!.

الانتخابات الرئاسية اقتربت رغم الاختلاف في موعدها بين اطراف الصراع حول النفوذ في ليبيا.. فرنسا من جهة وايطاليا وبريطانيا من جهة أخرى،  تعيين نائبة أمريكية لمندوب الأمم المتحدة " سلامة " له دلالاته أيضا. صراع عربي عربي حول النفوذ في ليبيا مذ بدأ الصراع المسلح سنة 2013,  قطر وتركيا والسودان من جهة والسعودية والإمارات ومصر من جهة أخرى،  طرف ثالث غير معروف اللمسات وهي الجزائر وتونس أيضا!!

لماذا الإصلاحات الاقتصادية الآن؟  وما السبب الآن؟! رغم أن المواطن الليبي وصل حد " المرمطة" على أبواب المصارف منذ مالا يقل عن سنة ونصف من الآن. 

إن كانت الدولة الليبية قادرة على الإصلاح فلماذا فقط الآن،  وما الذي جد الآن؟  

ندع التفسير السياسي لأهله رغم أن السياسة والاقتصاد وجهان لعجلة حياتية واحدة والاقتصاد يعد احد أسلحة السياسة!.

اقتصاديا : 

لا ننكر أن الحلول والأدوات والسياسية التي استخدمها البنك المركزي ناجعة لكنها تعد ناقصة ولن تجدي نفعا إلا باستمرارها دون توقف والا فالكارثة والأزمة ستعود أقوى مما سبق بفضل تغول وتضخم وحوش السوق السوداء في ليبيا. 

سياسة الدولة في الإنفاق وتحديد الإيرادات يجب أن تتغير رغم من يحكمنا هم أصحاب جنسيات مزدوجة ولهم خبرات يحكى عنها لكن لم يخطر ببالهم مرة أن يحاولو تصحيح الأوضاع في القطاع العام،  سياسة القطاع العام يجب أن تتحول إلى القطاع العام الربحي بدلا من (الريعي). 

فالقطاع العام لا يجلب ايرادات تذر على الدولة ربحا يسد العجز في موازناتها والعجز المتراكم لسنوات بل بالكاد يكفي مرتبات مؤسساتها وأشك في كفايته!. بداية من وزارة المالية والزراعة والكهرباء ووصولا عند المؤسسات البنكية!. حيث إن العمولات واسعار الخدمات التي تستقطع من المواطنين لا تمثل شيئا إن ما قورنت بالتضخم في الاسعار والتكلفة التشغيلية من قرطاسية وصيانة وخلافه،  ومن المضحك أن المؤسسات الحكومية تستورد نواقصها عبر عطاءات ترسو على أفضل سعر وهذا الأفضل بحد ذاته يورد منتجاته للقطاع العام بسعر الدولار في السوق السوداء بغض النظر على مصدر وتكلفة منتجاته سواء أكانت عبر السوق السوداء او باعتمادات بنكية وهذه الكارثة!!!! 

ما يؤكد كلامي دوما أن  سعر الدولار ليس السعر الذي تحدده الدولة إنما السعر الذي تشتري به احتياجاتك!

لذلك على المشرّع أن يعيد النظر في اسعار الخدمات والدمغات المقدمة للمواطنين سواء عند التصديقات أو استخراج الوثائق الرسمية وخلافه،  هذا من ناحية. 

من ناحية أخرى.. يجب تفعيل والتعاون مع الحرس البلدي في مراقبة اسعار البيع للشركات المتحصلة على اعتمادات بنكية لاستيراد منتجاتها،  لأن من الضرورة الا يباع للطرف الاخير (المواطن) بمربح يفوق 30% من التكلفة الصافية بعد احتساب التعرفات الجمركية وخلافه،  لأن عدم الرقابة في حد ذاته يعتبر تفريط في المنتجات المدعومة،  فسعر الدولار الرسمي يعتبر مدعوما في ظل التضخم الناتج عن الفجوة بين السوق السوداء والسعر الرسمي وهذا ما يجب الوقوف عليه كثيرا. 

والطرف الثالث وهم حرس الجمارك واجهزة مكافحة التهريب. حيث تعتبر مشتقات النفط الليبية والسلع التموينية هدفا مهما لتجار الحدود والمهربين نظرا للفرق الشاسع بين الاسعار في ليبيا ودول الجوار وهذا ايضا يعد استنزافا للمخرون الليبي من العملة الصعبة.

على سبيل المثال لا الحصر  (البنزين) تنتج مصفاة الزاوية مالا يصل الى 20% من الاحتياجات الداخلية للسوق الليبية ويتم استيراد مالا يقل عن 75% من باقي الكمية من الخارج بسعر لا يقل عن 0.60$ للتر الواحد ويباع للمواطن سعر زهيد مدعوما من الدولة بسعر 150 درهم اي بسعر 0.03$ بسعر السوق السوداء!! وهذا بحد ذاته يعتبر اهدارا للمال العام حيث يباع في بواخر ويعاد تصديره إلى مالطا مثلا بسعر 0.90$ للتر الواحد وفي تونس أيضا وتشاد والنيجر ،  ألا يعد هذا هدفا هاما لتجار التهريب؟!! والمضحك المبكي أن اهلنا في جنوبنا الحبيب يشترون اللتر الواحد بدينار!!!.

لذلك أنا مع الرأي القائل باستبدال الدعم السلعي بالدعم النقدي لكل رب اسرة وفق عددها مع دراسة احتياج كل فرد لكمية 400لتر من البنزين شهريا  ولكل اسرة عدد 6كج من الطماطم المعجون أسبوعيا  على سبيل المثال لا الحصر ولأهل الاختصاص تحديد هذه الأمور.. كنت اشرت لبعض هذه النقاط في مقال نشرته في يوليو من هذا العام.

والله الموفق

مصطفى شقلوف 

23/9/2018