جوهرة من الموصل بقلم: محمود الجاف
تاريخ النشر : 2018-09-24
جوهرة من الموصل بقلم: محمود الجاف


بسم الله الرحمن الرحيم
جوهرة من الموصل
محمود الجاف
وأنا أجولُ في أجواء بلادي لفتَ انتباهي ماسةٌ بَراقَةٌ جَميلة . من الموصل الشَمّاء مدينة الإباء والفن والأُدباء . كُتِبَ في شهادة ميلادها جَنة عدنان احمد عزت . زينة البنات . لها أربع أخوات . ولدت في 1965م وكانت جُلُّ حياتها الانجازات ... مَدحَها الآمدي والمصري ومَنحوها الإجازات مُذ كان عُمرها 10 سَنوات . لها شَقيقة مثلها خَطاطة رائعة رَقيقة ( فرح ) وهُما وَردتان في الحَديقة . شقتا طريقِهما بإرادة لاتلين . خرجت من بين أيديهُن لوحات أدهشَت المُختَصين ...

أعجَبَت عُشاق الخَط في أرجاء المَعمورَة . ورسمَت للوَطن العَربي بالخَط أجمل صورة . وكذلك للمنارَة الحَدباء . التي كتبت عليها أروع دُعاء . قالهُ النبي يونس ( لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) رسمَت على الخَرائط والمَعالم نَجانا الله وإياها من كُلِ ظالم ...

خطَت يداها قبل أن تتَعلم القِراءة والكتابة . اسم ( مُحمد ) صلى الله عليه وسلم والصِحابَة . دَرَّسَها في الصبا الأستاذ يوسف ذنون فكانت من هُناك الإنطلاقة . فأخذت تعلو وكانت في سُلم المَجد والنجاح سَبَّاقة ... ثم أجازها عندما رآها جديرة بلا مِنَّة . وَحين يطلبُها منهُ الآخرين يقولُ لهُم خُذوها من جَنة ... تلبسُ قلادة خطَها العَمُّ بيديه ... حتى لاتَنسى حنانهُ ونظرات عَينيه ... ركزَت على الحَرف ومنحتهُ القُوة . وأنقذتهُ بعد انتشار الجهل منَ الهُوة . رسمَت على خارطة الوطن العربي . من الخليج إلى المَغرب الأبي وكتبت عليهِ (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ ) وهي تدعو سينصركُم الله فلا تَقلقوا . وعلى خارطة العراق كتَبت الدُعاء . تَرجو الله أن يرفعَ عنهُ البلاء . وصار إسلوبها مدرسة . يتعلمهُ الطُلاب في الهَندسة .

أهدَتها السَفارة في الإمارات گِردانة تكريمًا لأروع إنسانَة ... قالت أجد نفسي في أصعب أنواع الخُطوط ( جلي الثلث ) و ( الطغراء ) وكذلك أحبُ ( النسخ ) و ( الديواني ) و ( الرقعة ) و ( الثلث ) و ( الأندلسي ) و ( الفارسي ) و ( الكوفي ) الذي اعشقهُ لأني أرى فيه أجمل حُروفي ... وكذلك الخُطوط السبعة ... أحبها لأنها روعة . والورق الأبيض هُو المُفضل عندي . ولا أحبُ أن تكون الناس ضدي . أطلي حُروفي أحيانًا بالقَهوة وأكتبُ بكِلتا يَديَ بالقصب الأصفَر ... وأستخدم الحبر المُخفَف الأخضَر أو الأسوَد أو الأحمَر ...

ابن مقلة وابن البواب ومحمد صالح الموصلي وصادق الدوري وروضان بهية وعبد الكريم الرمضان وجاسم النجفي وهاشم البغدادي نجوم ساطعة . في سماء الخط اللامعة . رحم الله الأموات . عيوننا عليهم دامعة .

أوصَت الخَطاطين فقالت : الخط في أعناقكُم أمانة فصونوهُ صيانة

خصَت كل بلدٍ بخارطته . وبدأت مشروعها وأنهتهُ في نيسان ورسمَت على لبنان (كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ )
وعلى فلسطين (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
وعلى عُمان (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّىٰ )
وعلى السودان (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ )
وجزر القمر (اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ )
والكويت (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ )
وجيبوتي ( جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ )
وموريتانيا ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )
واليمن ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ )
والجزائر (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا )
والصومال (يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ )
والبحرين ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ )
وتونس ( وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا )
والأردن (أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا )
والمغرب ( رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ )
ومصر ( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا )

أما الإمارات فكتبت (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)

وليبيا (وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا )
وسوريا ( وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا)
والسعودية ( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ )

والخط من الفنون التي اكتسبت شُهرة نظرًا لجماله . ولهذا استُخدم في زخرفة المَساجد والقُصور والنُعوش والقُبور والأواني والعُملات الذهبية والقدور الفضية وانتشر بعد نزول القرآن فقد كتبوه على سعف النخيل والعظام والجلود الحَيوانية . فالأمة كانت تغرقُ في الأمية . في العصور الجاهلية . ويكفيهِ فَخرًا أنهُ حفظَ كتابَ الله والسُنَة النَبَوية ...

ننتظرُ منكِ المَزيد . من الإبداع الجَديد
ونسأل الله لكِ السَعادة ... وأن تكونَ حياتكِ كُل يوم عيد

ملاحظة : حامد الأمدي هو الخطاط التركي الكبير
سيد إبراهيم المصري : عميد الخط العربي
الأستاذ يوسف ذنون : من أشهر الخطاطين في الموصل