تونس.. معركة «ليّ أذرع» بين الشاهد والسبسي الابن داخل «النداء» بقلم:فيصل علوش
تاريخ النشر : 2018-09-17
تونس.. معركة «ليّ أذرع» بين الشاهد والسبسي الابن داخل «النداء»
فيصل علوش
تحول الصراع بين الشاهد ونجل الرئيس إلى معركة «كسر عظم» بينما اختفت وعود الطبقة الحاكمة بخصوص محاربة الفساد وتوفير فرص العمل وتقليص البطالة والحدّ من التضخم
دخلت الأزمة السياسية التي تعيشها تونس منـذ عدة أشهر في منعطف جديد، بعد تطورات لافتة أعادت خلط الأوراق على نحو يمكن أن تترتب عليه تموضعات واصطفافات سياسية جديدة؛ قد تُغيّر وتقلب موازين القوى والمعادلات السياسية المُتشكّلة منذ نحو خمس سنوات.
وارتبطت التطورات الأخيرة باستقالة ثمانية نواب من الكتلة النيابية لحركة «نداء تونس» (8/9)، والتحاقهم بكتلة «الائتلاف الوطني» المحسوبة على رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد. أعقب ذلك إعلان القيادي في «النداء» وسام الحميدي استقالته من الحزب (10/9)، مبرراً قراره بأنه «لا يستطيع البقاء في حزب ليس له مؤسسات ويعطل عمل الحكومة». وسط معلومات تتردّد عن أن الاستقالات  قد تشمل عدداً آخر من النواب، وعدد من الوزراء المنتمين للحركة، وبالتالي تجريدها من الورقة السياسية التي كانت لوّحت بها لمحاصرة الشاهد والضغط عليه.
وجاءت هذه الخطوات عقب تلويح حركة «النداء» بسحب وزرائها من الحكومة، في مسعى كان الغرض منه دفع الشاهد إلى الاستقالة، فما كان من الأخير سوى القيام بهجوم معاكس على «الحركة» الأم التي ينتمي إليها، نجح خلاله في استمالة هؤلاء النواب، الأمر الذي اعتبر بأنه «مُقدّمة لتغيير موازين المعادلة السياسية لصالحه»، وهو ما أثار غضب قيادة «النداء»، التي اعتبرت أن «الشاهد دخل في مسار من شأنه دفع البلاد نحو المجهول»؟.
معركة «كسر عظم»
يجدر بالذكر أنّ ذلك كلّه يجري في ظلّ صراع وصل إلى ذروته بين رئيس الحكومة والرئيس التنفيذي للحزب ونجل الرئيس، حافظ قائد السبسي. وتحول مؤخراً إلى معركة «كسر عظم» بين الطرفين، وبات محور التحركات واللقاءات الحزبية والبرلمانية، بينما غاب الاهتمام بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية واختفت وعود الطبقة السياسية بخصوص محاربة الفساد وتوفير فرص العمل وتقليص معدّلات البطالة والحدّ من التضخم.
وقد ردّ التيار المساند للسبسي الابن ببيان اتهم فيه رئيس الحكومة بممارسة ضغوط على نوابه المستقيلين للالتحاق بكتلة أخرى مساندة له. كما اتهمه بالانشغال بالمناورات السياسية وشق وحدة الأحزاب والكتل البرلمانية. وهدّد بطرد الشاهد من الحزب. ولم يتردد في وصفه بـ«المُغامر»، داعياً كافة الأطراف السياسية إلى «تحمّل مسؤوليتها».
وفي المقابل، رأى محللون أن الشاهد سجّل نقطتين لصالحه ضمن «الحرب» الدائرة؛ تكمن أولاهما في توسيع دائرة الداعمين لحكومته من داخل «الندائيين»، وخصوصاً أولئك الذين يعارضون تيار نجل الرئيس، مع ما يحيل إليه من احتمال توريث للحكم، فضلاً عن اعتباره عنصر ضعف وتوتّر داخل الحزب.
وتتمثل ثانيتهما في تقويض خطاب السبسي الابن المبنّي على أنّ مصدر قوة الشاهد هو التأييد البرلماني لحكومته من خارج «النداء»، (وخاصة من كتلة «النهضة» الإسلامية)، في حين أن الشاهد بات يحوز الآن على تأييد كتلة نيابية وازنة (بلغت خلال أقل من شهر أكثر من 40 نائباً، وأضحت الكتلة الثالثة في البرلمان).
الاستحقاقات الانتخابية!
وخلص البعض إلى أنّ الشاهد يلعب أوراقه السياسية على نحو لافت، ويدافع عن حظوظه وحقوقه الانتخابية أيضاً بشكل جيد، في وقت لم يستبعد فيه المراقبون أن تؤثر التطورات الحاصلة على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمعة في العام القادم، من منطلق أنّ معركة «ليّ الأذرع» بين الشاهد والسبسي الابن لا بدّ أن تنعكس سلباً على حظوظ «النداء» في هذه الانتخابات. ومن هنا برز الحديث عن احتمال تأجيلها أيضاً.
وفي سياق ذلك، توقع مراقبون استقالة الشاهد من الحكومة وانضمامه إلى حزب جديد مدعوم بالكتلة البرلمانية المسماة «الائتلاف الوطني»، الأمر الذي قد يمكّنه من الترشّح إلى السباق الرئاسي عام 2019، بحظوظ وفيرة بعد أن سجل نقاطاً لصالحه ضد منافسيه ومنتقديه.
وعلى الضد من ذلك، رأى آخرون أنّ «حسابات» الشاهد قد تصطدم مع احتمالات الوصول إلى تفاهمات جديدة بين الرئيس السبسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، حول حزمة من المسائل الخلافية على حساب موقفه الداعم للشاهد، بما يشمل التوافق على طيّ صفحة الأخير، تحت عناوين «الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في البلاد»!.